من غزّة لتونس.. الطفلة عبد الهادي تترجّل في مهرجان الشعر

من غزّة لتونس.. الطفلة عبد الهادي تترجّل في مهرجان الشعر
رام الله - دنيا الوطن
"لم يبقَ حِبرٌ ، إذًا خَيرُ المِدَادِ دَمي، فاكتبْ عن القُدسِ مهوى الرُّوحِ يا قلمي"، كلمات حصدت المركز الثاني لفلسطين في مهرجان توزر للشعر، وجعلت الطفلة ميس عبد الهادي ذات العشرة أعوام نجمة يحتفى بها.

إنّه أكبر مسرح عربي في الدولة التونسية، وعلى منصته التي يعتليها كبار الشعراء، والأدباء، صعدت الطفلة ميس عبد الهادي بنت قطاع غزّة، وبكلماتها التي جسّدت واقع فلسطين، وأوجزت الوصف فيها ببيوت محكومة القافية والوزن.

فنبرات صوتها وحضورها استطاعت اختطاف الأضواء عن عدد من الشعراء العرب المشاركين، فـ "ميس" أصغر مشاركة في ذلك المهرجان، تلك النبرات التي عزفت أوتار معاناة القضية الفلسطينية، ولخصت حكاية أطفال غزّة في ظل ما يعيشونه من حصار مفروض منذ 12 عامًا. 

تتمثّل موهبة ميس في كتابة الشعر والقائه، فتبدع الصغيرة في احكام صياغة بيوت الشعر، وليس ذلك فحسب، بل تساعدها أحبالها الصوتية في تجسيد كلماتها التي تقع على حافة الحرف والاحساس.

تقول ميس في لقاء لصحيفة وطن: "حصدت عدّة جوائز محلية وعربية، لم يكّن أوّلها الحصول على جائزة أفضل صوت على مستوى مديرية التربية والتعليم في غزّة، وليس أخرها تمثيل فلسطين في مهرجان تورز الشعري"

مهرجان توزر، هو مؤتمر شعري يقام في تونس يعني بجمع أكبر عدد من الشعراء العرب والدوليين في دورته الثامنة والثلاثين على امتداد أربعة أيام، فلسطين كان لها حضورها، فخصص يوم افتتاح الدورة للاحتفاء بفلسطين.

اكتشفت موهبة ميس وهي في سن الخامسة من عمرها على يد والدتها ومعلميها في أحد الاحتفالات المدرسية، تقول ميس: "كنت في حفل خاص وطلبت منّي أحدى مدرساتي أن أصعد على المنصة وألقي قصيدة  تحاكي معاناة الأسرى الفلسطينيين والتي كانت بعنوان "جاي الفرج".

"ذلك المشهد كان بداية انطلاقتي، لن انساه طوال حياتي، حينما رأيت مدى التعجب والانبهار الذي كان يحدق بأعين أمي ومدرساتي، فطلبت فأشرت في وقتها لأن تصعد أمي بجواري كي أشدّ عضدي بها" تضيف ميس.

وتبيّن ميس أنّ محطة الاهتمام والمتابعة من قبل والدتها كان أحد الركائز الأساسيّة لها في تطوير ذاتها والنهوض في مستوى أدائها الشعري، من خلال تقديم كل أشكال الدعم المعنوي والذاتي.

وتمتاز ميس بالأناقة والهدوء الدائم فهي صاحبة الصوت الثائر والقلب الحنون بالإضافة إلى الحضور المميز الذي يبلور شخصيتها الخاصة، حسب ما تصفها والدتها.

وتعتبِر ميس حب الشعر وشغف اللقاء لديها خطين لا تفضل الاستغناء عن أيّ منها، فعدّة أعوام قضتها ما بين التعلم على للقاء الصوت بكل طبقاته الموسيقية، بالإضافة للكتابة الشعرية التي لا زالت تستحوذ على معظم وقتها.

وتوضح ميس أنّ خمس سنواتٍ من المتابعة والعمل على تطوير الذات كانت كفيلة أن تجعل منها أصغر مشاركة في أكبر مهرجان شعري على المستوى العربي، لتمثل  فلسطين  في القائها الشعري  في مهرجان تورز.

وحول مشاركتها في المهرجان بتنهيدة الحنين والاشتياق تقول ميس: "وأنت تغادر أرض المدينة الخضراء... تختلط عليك الأحداث والذكريات في مخيلتك بعد أن رأيت كل شيء جميل في تورز ".

وتضيف: "هي أيام أربعة كانت ثرية بالعطاء الشعري واللقاءات والمفاجآت، فكان أروع شيء أنّني تمكّنت من تمثيل دولتي فلسطين وحصولي على المركز الثاني في هذا المهرجان الشعري الكبير، معبرتًا عن شكرها للرئاسة الفلسطينية وعلى وجه الخصوص مستشار الرئيس لشؤون الشباب مأمون سويدان الذي عمل على تسهيل مغادرتها من غزّة للمشاركة في هذا المهرجان ".

وتطمح ميس للمشاركة في مختلف المحافل الشعرية على مستوى العالم، ويصدح صوتها الجبلي في تلك  القاعات الكبيرة باسم فلسطين، وتهتز اوتارها في رسم صورة عن اطفال غزة، والسجناء في الزنازين، علّها تيقظ بكلماتها الضمير العربي.

وتبعد فلسطين في تصدير ابداعات بشكل مستمر، فسبق وفازت الفلسطينية عفاف الشريف في مسابقة تحدي القراءة العربي، وقبلها المعلمة حنان الحروب في مسابقة افضل معلمة.