"ثعلب الصحراء".. عملية عسكرية غربية ضد العراق قبل 20 عاماً

"ثعلب الصحراء".. عملية عسكرية غربية ضد العراق قبل 20 عاماً
رام الله - دنيا الوطن
في مثل هذا اليوم 16 من عام 1998م، بدأ عملية ثعلب الصحراء التي قامت بها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد العراق وذلك بقصف أهداف ومنشئات حساسة بصواريخ كروز، واستمرت العملية مدة ثلاثة أيام.

وقد جرت العملية بسبب ما وصفته الدولتان بعدم تعاون العراق مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الباحثين عن أسلحة الدمار الشامل العراقية.

استهدفت العملية مواقع إستراتيجية وحيوية في العراق، بذريعة رفض نظام صدام حسين التعاون مع بعثة الأمم المتحدة للتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل.

السياق

تضمنت العقوبات الدولية المفروضة على العراق إثر غزوه الكويت، في 2 أغسطس/آب عام 1990، تجريده من أسلحة الدمار الشامل والبرامج العسكرية وشكلت بعثة أممية للتفتيش والبحث عن برنامج مفترض ذي طبيعة عسكرية غير تقليدية يُنفذه العراق ويسعى من خلاله لامتلاك أسلحة نووية.

شكل موضوع التفتيش عن الأسلحة مصدر توتر بين العراق والأمم المتحدة ومن خلفها القوى الغربية الكبرى خاصة بريطانيا والولايات المتحدة، خصوصا حول كيفية التوفيق بين إنجاز عملية التفتيش على أكمل وجه والحفاظ على سيادة العراق. وتفاقمت الخلافات مع إعلان المفتشين رغبتهم في تفتيش القصور الرئاسية ومقرات حزب البعث الحاكم.

الشرارة

جاءت عملية ثعلب الصحراء على خلفية تقرير لرئيس بعثة التفتيش ريتشارد باتلر قدم إلى مجلس الأمن الدولي في 14 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1998 اتهم العراق بعدم التعاون مع البعثة الأممية.

تناول التقرير ثلاثة حوادث محددة هي رفض السلطات العراقية تفتيش قاعدة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة، والمقر المركزي العام لحزب البعث، فضلا عن رفض تفتيش موقع ثالث في يوم الجمعة بحجة أنه يوم عطلة في العراق.

أعلن باتلر سحب المفتشين من العراق رغم أنَّ السلطات العرقية لم تطلب منهم مغادرة البلاد. وتحدثت مصادر دبلوماسية غربية حينها، عن إطلاع الولايات المتحدة على التقرير ومشاركتها في صياغته قبل تقديمه إلى مجلس الأمن، واتهام باتلر بالتعاون مع الإدارة الأميركية في موضوع التفتيش.

وعقب عملية ثعلب الصحراء نشرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية تقريرا كشفت فيه عن وجود جواسيس ضمن لجان التفتيش الدولية، ورجحت دوائر غربية أن يكون ما نُشر تسريبات تعمدتها إدارة الرئيس بيل كلينتون لدفع العراق إلى رفض عودة المفتشين ليظهر بمظهر الرافض للتعاون.

العملية

في الساعات الأولى من يوم 16 ديسمبر/كانون الأول 1998، بدأت طائرات أميركية و بريطانية قصف مواقع حساسة في مختلف أرجاء العراق خاصة حول العاصمة بغداد.

وبموازاة ذلك، كانت صواريخ بعيدة المدى من نوع توماهوك تتساقط على العراق قادمة من بوارج وسفن حربية متمركزة في البحر الأحمر، كما شاركت في العملية قاذفات بي 52 الإستراتيجية وكانت تنطلق من قاعدة دييغو غارسيا البريطانية.

أَطلقت البوارج الأميركية والبريطانية أكثر من 400 صاروخ طويل المدى في أيام الحملة الأربعة، وهو ضعف عدد الصواريخ التي قُصف بها العراق في حملة عاصفة الصحراء في 1991 والتي دامت خمسة أسابيع.

تداعيات

مهدت عملية ثعلب الصحراء لتوتر مزمن بين العراق والأمم المتحدة وألحقت ضررا كبيرا ببرنامج التفتيش الذي كان -رغم  ما عليه من مآخذ- معيارا يُمكن من خلاله تقييم تخفيف الحصار الاقتصادي على العراق الذي أَدى إلى نتائج كارثية على المواطن العراقي.

اغتنمت الإدارة الأميركية رفض العراق عودة المفتشين للترويج لوجوب تجريد العراق من برامجه العسكرية بالقوة، لينتهي الأمر بغزوِ الولايات المتحدة للعراق واحتلاله دون ضوء أخضر من مجلس الأمن في ربيع 2003.

التعليقات