الضفة الغربية الأكثر خطراً على إسرائيل

الضفة الغربية الأكثر خطراً على إسرائيل
 الضفة الغربية الأكثر خطراً على إسرائيل
أشرف صالح

عندما نتحدث عن الضفة الغربية لا بد أن نضع طبيعتها الجغرافية والديمغرافية والحضارية والدينية والسياسية والأمنية بالحسبان , لأن هذه المكونات تجعل منها الأكثر إهتماما بالنسبة لإسرائيل , ولذلك يصعب على إسرائيل أن تصنع حلولا سريعة مثلما فعلت مع غزة , وكلما تعقدت الحلول كلما زادت المخاطر على الضفة الغربية وعلى وجود السلطة فيها , إن غزة مفصولة كليا عن الضفة الغربية بفعل إسرائيل والإنقسام , ومساحتها جغرافيا أقل من عشرة بالمئة من مساحة الضفة الغربية , وهي تعيش تحت ظروف سياسية وإقتصادية تجعل منها منقطة ضعيفة إستراتيجيا , وكونها رأس الحربة في الإشتباك مع إسرائيل لكثرة وجود فصائل المقاومة والأجنحة العسكرية بكل أشكالها وألوانها , وأيضا المنظومة الصاروخية التي باتت تمتلكها جميع الفصائل في غزة , ولكن الإنقسام جعل من غزة تتصرف كدولة مستقلة , وبناء على ذلك أصبحت تبحث عن علاقات دولية وإقتصادية بعيدا عن منظمة التحرير والسلطة , وبالطبع هذه العلاقات تتطلب أن تكون غزة بعيدة عن الإحتكاك مع إسرائيل , وقريبة من تفاهم أمني بوسيط دولي وصولا الى سلام وتسوية, وأكبر دليل وبرهان دخول الأموال القطرية لحماس عبر وزارة الجيش ومؤسسات الأمن في إسرائيل , وذلك في سياق الهدنة طويلة الأمد , وبعد حرب 2014م قررت حركة حماس أن تغير من إستراتيجيتها نتيجة الإنقسام , وقررت تسويق نفسها دوليا عبر بوابة مصر , ولذلك قدمت لمصر إنشقاقها عن الإخوان كأول خطوة في مشروعها , بالإضافة الى إستعدادها لقبول دولة على حدود 67 , وغيرها من التغيرات الجوهرية في مواقف حماس والتي كانت صلبة وأصبحت اقل بكثير من أوسلوا ,  وهذا موثق ضمن وثيقتها الجديدة عام 2017م  وقيادتها الجديدة .

 حديثنا عن ظروف غزة يسهل علينا الحديث عن الضفة الغربية , فغزة تمتلك القوة العسكرية والتي تتمثل بعشرات الفصائل المسلحة وغرفة عملياتها المشتركة , ولكنها لا تشكل خطرا سياسيا على إسرائيل كما تشكل الضفة الغربية , ويرجع ذلك لما ذكرت في السياق , ومع ذلك يجب أن نذكر أهم مواطن الخطورة التي تشكلها الضفة الغربية على مستقبل إسرائيل .

أولأ : إن الضفة الغربية حاليا وعلى أرض الواقع تعتبر الحاضنة الفعلية لمنظمة التحرير ومؤسساتها والتي تمثل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج , وهي مرجعية الهوية الفلسطينية وقضية الوجود , وإنبثق عنها السلطة الوطنية الفلسطينية والتي أصبحت الآن دولة فلسطين بشهادة المجتمع الدولي , وهذا بالطبع ما لا تريده إسرائيل .

ثانيا : الطبيعة الدينية والحضارية للضفة الغربية كونها تجمع بين ثلاث ديانات , وكونها تجمع المسلمين على أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين "المسجد الأقصى" وقبة الصخرة ومدينة القدس , والكنائس والمعالم الاثرية والتاريخية  والدينية , وهذا ما يجعل وجود الفلسطينيين بحد ذاته يهدد وجود اليهود ومشروع التهويد .

ثالثا : إستمرار وجود السلطة والقيادة الفلسطينية في الضفة الغربية بدعم دولي وعربي , وهذا يعني وجود الدولة الفلسطينية على أرض الواقع وترسيخ قواعدها في المجتمع الدولي , وهذا بالطبع لا ينسجم مع حلم إسرائيل بالدولة الكبرى وطمس الهوية الفلسطينية .

رابعا : والأهم أمنيا بالنسبة لإسرائيل , أن الضفة الغربية ثلاث مناطق "أ , ب , ج" حسب إتفاقية أوسلوا , وهذا بشكل مؤقت وحتى الوصول لنهاية الإتفاق وهو دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية , والآن أصبحت هذه المناطق متداخله بعضها البعض بفعل بناء المستوطنات وإعادة إحتلال بعض مناطق الضفة الغربية الخاضعة للسلطة , وهذا أدى الى الإحتكاك المباشر بين الطرفين وسهولة تنفيذ العمليات سواء بالطعن أو بالدهس أو بإطلاق النار , وهذا أصبح يحدث بشكل شبه يومي في الأيام القليلة الماضية , ومنذ بداية الإنتفاضة الثانية ومرورا بعمليات كثيرة , وحتى آخر العمليات البطولية والذين نفذوها , الشهداء الأبطال صالح البرغوثي وأشرف نعالوة ومن قبلهم أحمد جرار .

أعتقد أن هذه الأيام الأكثر خطرا على القضية الفلسطينية , لأن إنتقال المعركة من غزة الى الضفة ستؤثر على وجود السلطة ونواة الدولة ,  وهذا بالطبع ما تريده إسرائيل وهو القضاء على السلطة ومشروع الدولة , والإنفراد بغزة ككيان مستقل لا يطمح إلا بتحسين إقتصاده .

ما المطلوب من السلطة لحماية مشروع الدولة ؟

المطلوب من السلطة كونها رأس الدولة , أن تحضن كل القوى والفصائل الفلسطينية بلا إستثناء , وأن تدق أجراس الخطر مستعينة بجميع الفصائل عبر وحدة وطنية وقوة مشتركة , وأن تفتح باب المصالحة من جديد وبأي ثمن وحتى يدخل الجميع تحت مظلة منظمة التحرير للتصدي المشترك لمشروع إسرائيل , وأيضا تعمل تحت غطاء المجتمع الدولي من خلال فضح إنتهاكات إسرائيل , وتسويق القضية الفلسطينية تحت الحماية الدولية وبإجماع فصائلي تحت سقف منظمة التحرير .

كاتب صحفي

التعليقات