كاميرات شوارع الضفة.. دعوات لإيقافها.. هل وصل الجيش الإسرائيلي لـ"نعالوة" من خلالها؟

كاميرات شوارع الضفة.. دعوات لإيقافها.. هل وصل الجيش الإسرائيلي لـ"نعالوة" من خلالها؟
خاص دنيا الوطن - صلاح سكيك
دعا ناشطون فلسطينيون، في الضفة الغربية، أصحاب المحال التجارية، لإيقاف عمل الكاميرات المنتشرة أمام تلك المحال، في طرقات الضفة الغربية، والقدس الشرقية.

جاء ذلك، في أعقاب اغتيال الجيش الإسرائيلي، للشهيدين أشرف نعالوة، منفذ عملية (براكان)، وصالح البرغوثي منفذ عملية (عوفرا)، حيث وفق المصادر الإسرائيلية، فإنه تم التوصل لمكان الشهيد "نعالوة" عن طريق الكاميرات المنتشرة في الطرقات، حيث ظل متخفيًا عن الأنظار طوال 9 أسابيع.

ونقلت قناة (كان) الإسرائيلية، عن مصدر عسكري وصفته بالكبير، قوله: إن الجيش الإسرائيلي، كان قريبًا في عدة حالات من اعتقال الشاب نعالوة، لكنه كان كل مرة، يتمكن من الفرار.

 وأضاف المصدر العسكري: "نعالوة لم يرتكب أيّ خطأ يدل عليه، ويبدو أنه تحرك خلال الأسبوعين الماضيين إلى نابلس، ووصلت لنا معلومة عن موقعه قبل يومين فقط".

وقال الناشطون الفلسطينيون، إنه لا داعي لتلك الكاميرات، في ظل هذه الأوضاع الصعبة التي تمُر على الضفة الغربية، مطالبين بإيقاف عملها على الفور، فيما دعا آخرون لتكسير كاميرات كل محل غير ملتزم بوقف عدسته.

ونشر منير الجاغوب، رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم بحركة فتح، منشورًا عبر صفحته بموقع (فيسبوك) قال فيه: حركة فتح توعز لقادتها الميدانيين بالضفة، بالتعامل مع الكاميرات المنتشرة بشوارع مدننا وقرانا ومخيماتنا، بضبطها لتخدم المؤسسات والمنازل فقط.

وقالت صفحة حركة فتح وسط الخليل: إنه انسجاماً مع قرار حركة فتح، دعت قيادة منطقة شهداء الحرم التنظيمية كافة الإخوة الذين يمتلكون كاميرات مراقبة بضرورة ضبطها لتخدم المؤسسات والمنازل فقط، وعدم توجيهها باتجاه الشوارع حتى لا نقدم خدمات مجانية للاحتلال.

قبل ذلك، وتحديدًا يوم الاثنين الماضي، اقتحمت قوة إسرائيلية خاصة، مبنى وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، في حي المصايف بمدينة رام الله، ومنعت المتواجدين بداخله من مغادرته، وانسحبت القوات بعدما صادرت نسخ من تسجيلات كاميرات المراقبة الخاصة بالوكالة.

واقتحمت القوة الإسرائيلية، غرفة الخوادم الإلكترونية 
(سيرفيرات) في قاعة التحرير، واستعرضت تسجيلات كاميرات المراقبة في الوكالة، واتخذت من غرف الوكالة مواقع لإطلاق الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز والصوت تجاه الشبان الذين يحيطون بالمبنى.

لكن هل يمكن اعتبار أن الجيش الإسرائيلي، اعتمد كُليًا أو جُزئيًا على كاميرات طرقات الضفة الغربية، كي يصل للشهيد "نعالوة" وكذلك الشهيد "البرغوثي"، أم أنه وصل إلى مكان الشهداء بطرق أخرى؟، أيضًا.. هل يمكن اعتبار الكاميرا المثبتة، جاسوسًا صغيرًا كالهواتف النقالة، أم أن هذا الأمر مبالغ فيه؟

الخبير في الشؤون العسكرية، اللواء يوسف الشرقاي، قال: أحد الكتاب الإسرائيليين، وهو بنجامين بارت، وصف في وقت سابق، مدينة رام الله، في كتابه الشهير "حلم رام الله"، بأنها أكثر منطقة في العالم "مكشوفة"، بسبب الأعداد المهولة للكاميرات المنتشرة من مبنى المقاطعة، وحتى شارع رُكب.

وأكد الشرقاوي لـ"دنيا الوطن"، أن عدم استخدام الكاميرات في مناطق الضفة الغربية، أصبح أمرًا مُلحًا، فنحن مجتمع تحت احتلال، وهذا المجتمع يصبو إلى التحرير، لذا يجب أن يكون هنالك ثقافة جمعية فلسطينية، تدعو لوقف استخدام الكاميرات، رغم إدراكنا أن الكاميرا تحمي البائع من السطو على متجره، لكن الأهم مصالح الوطن، وحماية المواطن من الاستهداف الإسرائيلي، وفق تعبيره.

وأوضح الشرقاوي، مستعرضًا حادثة حصلت أمامه، وقال: كنت قبل يومين في رام الله، وأقولها بصراحة، رأيت مشهدًا مُذلًا لنا كفلسطينيين، وهذا المشهد أذل الجميع من أعلى شخص في المستوى السياسي، ممثلًا بالرئيس محمود عباس، وحتى أصغر مواطن، الجيش الإسرائيلي، كان يبحث عن طرف خيط من أجل الوصول إلى الشهيد أشرف نعالوة، أو الشهيد صالح البرغوثي، فرغم استخدامهم لكل شيء إلا أنهم لم يتوصلوا للشهيدين إلا بعد السطو على الكاميرات، في عدة مناطق بالضفة الغربية.

ووصف ما يحدث في شوارع الضفة، بأنها حالة تحدٍ عظيمة، يقوم بها الشاب الفلسطيني، أمام أقوى جيوش المنطقة، مضيفًا: بالأمس اغتالوا 4 مواطنين، وكان الرد بقتل 3 جنود إسرائيليين.

بدوره، الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، اللواء محمد المصري، قال: إن الجيش الإسرائيلي، استخدم الكثير من الوسائل خلال الفترة الماضية، في إطار عملياته العسكرية بالضفة الغربية، متابعًا "في كل تلة.. في كل جبل.. في كل مستوطنة، يوجد أدوات تجسس إسرائيلية".

وأضاف المصري لـ"دنيا الوطن": "من تلك الوسائل التي استخدمها الجيش، "البالونات، والطائرات المُسيّرة، والمجسات المزروعة في الأرض"، وأيضًا يتم الاعتماد على الكاميرات الموجودة في الضفة والقدس، داعيًا في الوقت ذاته، لضرورة عدم حرف الأزمة الحالية باتجاه الكاميرات فقط.

وتابع: قد تكون الكاميرا ضارة في بعض الأحيان، لكن لن تستطيع أن تُوقف التكنولوجيا، وأصلًا المستوطنات أصبحت الآن متداخلة في الأحياء والمدن الفلسطينية، أكثر من أي وقت مضى.

وأشار المصري، إلى أن أهم اعتماد إسرائيلي على التكنولوجيا، يكون عبر الهواتف النقالة، على اعتبار أن الجيش الإسرائيلي يتنصت على كل هواتف الضفة الغربية، إضافة لمواقع التواصل الاجتماعي، وأيضًا برامج المحادثات الموصولة بالإنترنت، وكذلك هنالك أدوات لم يتم الإعلان عنها من قبل إسرائيل، لافتًا إلى أن كل ذلك، لا يغني إسرائيل عن العامل البشري المتعلق بزراعة الجواسيس والعملاء على الأرض.

وختم حديثه بالدعوة إلى الانتباه من الاحتلال، بكل خطوة ممكن أن تكون أمنية، فإسرائيل تعتمد على صغائر المعلومات، التي لا نُلقي لها بالًا، داعيًا كذلك للحرص من العملاء، أو حتى الأشخاص غير الموثوقين، فمن الممكن أن يتفوه الشخص بكلمة تؤدي لاغتيال شخص تبحث عنه إسرائيل منذ فترة طويلة.

إلى ذلك، تحدث الخبير التقني، مصطفى ستيتان، عن إيجابيات وسلبيات استخدام الكاميرات، وقال: إنه تم استخدامها عديد الجولات بهدف فضح الجرائم الإسرائيلية، وكانت تلك الكاميرات المنتشرة في الشوارع، دليل إدانة لإسرائيل، أمام المجتمع الدولي، ليس فقط في الضفة، وإنما في حروب غزة، شاهدنا كيف كان لكاميرا الشارع دور مهم في رصد وتوثيق قصف الأبراج والعمارات السكنية، قبل وأثناء وبعد القصف، لتُخرج في النهاية فيلمًا من المعاناة التي تسببها إسرائيل للفلسطينيين.

 وأضاف ستيتان لـ"دنيا الوطن"، لكن بكل أسى استطاع الجيش الإسرائيلي بالوصول إلى الشهيد "نعالوة"، بعد 9 أسابيع، عبر رصد تحركه من قبل الكاميرات في الطرقات، لذا كان لا بد من أصحاب المحال، وأيضًا من يُدير المحافظات الفلسطينية، أن يمنعوا عمل الكاميرات، أو حرف مسارها لتصوّر مناطق أخرى بعيدًا عن الشوارع، وحركة الناس، مؤكدًا أنه لا داعي لاستخدام الكاميرات الموصولة بالإنترنت، أو تلك المرتبطة بالأقمار الصناعية.

وأوضح أن الجانب الفلسطيني، لا يمتلك إلا 10% من التكنولوجيا، التي تمتلكها إسرائيل، متابعًا: يمكننا القول: إن التكنولوجيا الإسرائيلية، يمكنها محق أي شخص يستخدم التكنولوجيا ضدها، وهذا ليس إحباطًا، ولكنه الواقع.. فالوقاع يقول "إسرائيل هي الدولة الأولى في مجال الاستخبارات والمعلوماتية العسكرية".

واستدرك ستيتان بالقول: "لكن هنالك أشياء تدعو للاستبشار خيرًا وهي أن الهاكرز الفلسطيني، تمكن في أكثر من مرة، بالسيطرة على الكاميرات المنتشرة في الشوارع الإسرائيلية، هذا تطور كبير، فمن كان يفكر لمجرد تفكير أن شوارع تل أبيب مراقبة فلسطينيًا.. لا أحد، لكن الآن هي مراقبة".

التعليقات