أزمة الفلسطينيون في العراق

أزمة الفلسطينيون في العراق
نبض الحياة 

أزمة الفلسطينيون في العراق

عمر حلمي الغول 

بقي من مجموع الفلسطينيين ال 34 الف لاجئ في العراق عدد لا يزيد عن 3400 لاجئ بعد الحرب الأميركية على البلد الشقيق، نتاج تمظهر واقع جديد كليا فيه تميز بتفشي المسألة الدينية والطائفية والمذهبية، التي أفرزت ميليشيات مارقة وفاسدة تتبع لمرجعيات معادية لروح الوطنية والقومية والمواطنة. وإنتشرت ظواهر القتل على الهوية الدينية والطائفية، وتسيدت نزعة الخوات والمافيات وكل مظاهر الموبقات. ولم تتمكن الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 حتى الآن من فرض النظام والقانون، لإنها للأسف قامت، هي ذاتها على الأرضية الجديدة، وأصلت عبر الميليشيات التابعة لأصحاب النفوذ فيها لتلك الظواهر الغريبة عن طابع وتركيبة النظام السياسي للدولة الوطنية منذ إستقلال العراق في تموز/ يوليو 1958، وحتى منذ دخول العراق عصبة الأمم في الثالث من تشرين أول/إكتوبر 1932، الذي يعتبر أول إستقلال للعراق عن الإستعمار البريطاني.   

الواقع الجديد أتاح للحاقدين على أبناء الشعب العربي الفلسطيني في العراق بتصفية الحساب معهم بذريعة، انهم كانوا من أنصار نظام الرئيس الأسبق صدام حسين، أو كونهم من اتباع الطائفة السنية، أو إتهام ابناءهم بالإلتحاق مع "داعش" التكفيرية. مع العلم ان الفلسطينيين جميعا وحيثما وجدوا في الوطن أو الشتات لم يكونوا يوما من اصحاب النزعات الدينية او الطائفية أو المذهبية ( ووجود القوى الإسلاموية في المجتمع الفلسطيني في العقود الأخيرة كان بفعل وتدخل قوى عربية وإسلاموية إقليمية)، وجمعتهم الهوية الوطنية الواحدة، الهوية والشخصية الفلسطينية العرببية لكنهم لم يسلموا من جرائم وإنتهكات الحاقدين من اتباع نظام الملالي في إيران الفارسية. 

وبعيدا عن كل الإنتهكات الخطيرة، التي مست بحياة الفلسطينيين منذ عام 2003، التي دفعت بالغالبية الساحقة منهم للجوء لمنافي جديدة بعد أن ضاقت بهم سبل العيش الآدمي، وإنتهكت حرماتهم، وسلبت بيوتهم، أو طردوا منها، فإن ما يستوقف المرء مجددا، القانون الصادر عن الرئيس العراقي السابق، فؤاد معصوم بالغاء القانون 202 الصادر عن مجلس قيادة الثورة 1973 (المنحل عام 2001)، وكل ما يترتب عليه من إمتيازات، المتمثلة بإعطاء اللاجئ الفلسطيني حقوق موازية للمواطن العراقي بإستثناء التجنيس. وبات القانون الجديد ساري المفعول بعد مصادقة البرلمان العراقي عليه، ونشره في جريدة الوقائع العراقية العدد رقم 4466. وعلى إثر ذلك تناقلت الأخبار، ان المستهدف من القانون هم الفلسطينيين. غير ان الحكومة العراقية في حينه أصدرت بيانا بعد أيام، أكدت فيه، أن القانون الجديد لا يشمل الفلسطينيين، أو من هم تحت بند اللجوء، وأنه يخص شريحة الأجانب فقط، وأضافت أن الفلسطينيين يخضعون للقانون رقم 51 للعام 1971، وقانون آخر جديد، لم يتم نشر تفاصيله حتى الآن. 

غير ان الوقائع تشير إلى ان المستهدف هم الفلسطينيين، وما يعكس ذلك تمثل في حرمان الموظفين الفلسطينيين، الذين بلغوا سن التقاعد من الراتب التقاعدي عن سنوات خدمتهم في المؤسسات العراقية، ومازالت الميليشيات الطائفية تستهدف الفلسطينيين في محلة البلديات، وهو التجمع، الباقي حتى الآن لهم، من خلال السيطرة على بيوتهم، وأملاكهم، وحتى على نادي حيفا، رغم وجود المندوب السامي للأجئين فيه، الذي لم ينبس ببنت شفة، أضف لعدم وجود حماية لحقوقهم المدنية، وهناك إنتهاك متواصل لمصالحهم وأعراضهم. 

مع ان الرئاسات والحكومات العراقية المتعاقبة أبلغت الرئيس محمود عباس، والأمين العام للأمم المتحدة بإحترام حقوق ومصالح الفلسطينيين، وأكدت انها لن تسمح بالتعرض لهم. لكن هذة الوعود لم ترَ النور على ألأرض، لإن سادة الأحياء هم زعران وقبضايات الميليشيات. الأمر الذي يتطلب تدخلا مباشرا من الدولة العراقية، وإصدار مراسيم دولة ترقى لمستوى مواد الدستور لحفظ حقوقهم، حتى  لا تبقى حقوقهم ومكانتهم خاضعة لتغير الحكومات وإجراءاتها، وإقتران ذلك بإتخاذ إجراءات رادعة ضد الميليشيات الطائفية. كما ان القوى والنخب السياسية العراقية الوطنية مطالبة برفع الصوت ومساندة اشقائهم الفلسطينيين، والعمل على التشهير بجرائم المافيات والعصابات المارقة، وعلى الولي الفقيه في طهران، إن كان صادقا فيما يدعي عن وقوفه إلى جانب الحقوق الفلسطينية، ان يلزم أشياعه وميليشياته على رفع يدها عن الفلسطينيين. وبالضرورة القيادة الفلسطينية لن تتخلى عن ابناء الشعب الفلسطيني مهما كان عددهم، وستتابع عن كثب وعبر السفارة الفلسطينية في العراق وسفيرها مصالح ابناء فلسطين في العراق حتى تنتهي أزمتهم، ويتم الفصل بينهم وبين الصراعات العراقية الداخلية.

[email protected]

[email protected]        

التعليقات