د. الحاج: النقاط الطبية تجربة فريدة من نوعها وأثبتت جدارتها بالميدان

د. الحاج: النقاط الطبية تجربة فريدة من نوعها وأثبتت جدارتها بالميدان
رام الله - دنيا الوطن - نهى مسلم
أكد د.عبد اللطيف الحاج، مدير عام المستشفيات بوزارة الصحة بغزة، ورئيس مؤتمر الجراحة السادس لعام 2018، على أن النقاط الطبية المنتشرة على طول الشريط الحدودوى لقطاع غزة أثبتت جدارتها في الميدان و التعامل مع الاصابات المستقرة، و خاصة بعدما تطورت لتتعامل مع كافة الاصابات ولا يتم تحويلها للمستشفيات الا بعد ضمان استقرارها، وذلك منذ بداية مسيرة العودة الكبرى في الثلاثين من آذار/ مارس الماضى.

جاء ذلك، خلال مشاركته بورقة علمية حول "أداء وزارة الصحة في التعامل مع جرحى مسيرة العودة الكبرى" في مؤتمر الجراحة السادس، الذى عقد على مدار يومين متواصلين في فندق المشتل بمشاركة العديد من الجراحين محلياً ودولياً.

وبين أن خبراء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة الصحة العالمية عبروا عن اندهاشهم الكبير من تعامل وكفاءة الكوادر الطبية التى عملت في الميدان وداخل المستشفيات في ظل ظروف صعبة من نقص الإمكانات الدوائية واللوجستية، ورغم ذلك حافظت على حياة المصابين وأطرافهم.

استعدادات قبل بدء فعاليات مسيرة العودة

و قال د. الحاج خلال ورقته العلمية التى قدمها بالمؤتمر حول "أداء وزارة الصحة في التعامل مع جرحى مسيرة العودة" بأن حجم العمل الذى قدمته كوادر وزارته يفوق أضعاف ما كان فى الحروب المتلاحقة على قطاع غزة، حيث رفعت حالة التأهب القصوى قبل أسابيع منذ الاعلان عن فعاليات مسيرة العودة الكبرى من خلال تشكيل لجان مركزية عليا و لجان طوارئ في كافة محافظات قطاع غزة بالشراكة مع مؤسسات أهلية وغير حكومية.

وأضاف: "كما تم تشكيل لجان طوارئ داخل المستشفيات السبعة التى تتعامل مع الإصابات، إلى جانب تشكيل فرق طبية في أقسام الطوارئ والعمليات والأقسام الداخلية وتقسيم ساعات العمل على مدار الساعة، بالاضافة الى تكليف فرق خاصة بموضوع التوثيق والتحكم بحركة الأسرة داخل المستشفيات، والتحويلات الداخلية والخارجية، علاوة على تطبيق نظام فرز الحالات داخل أقسام الطوارئ".

مضاعفة القدرة السريرية

وعلى صعيد القدرة الاستيعابية للأسرة، ذكر د. الحاج بأنه تم توفير عدد كاف من الأسرة الفارغة لتصل إلى (370) سريراً في المستشفيات السبعة، الأمر الذى تطلب الى وقف العمليات المجدولة لأسبوع قبل بدء الأحداث، مما اضطرنا الى اخراج المرضى مبكراً واستكمال متابعتهم العلاجية في العيادات الخارجية والنهارية، لخدمة وإسعاف الاعداد الكبيرة المتوقعة من الجرحىى، وخاصة إصابات الغاز غير المتوقعة التى وصلت لأعداد هائلة، مما اضطرنا لتعريف العاملين بالنقاط الطبية بكافة المعلومات حول تلك الغازات السامة وآليات التعامل معها بالإجراءات الأولية كالخل والماء.

ولفت إلى أنه تم مضاعفة القدرة السريرية في العنايات المركزة وثلاث أضعاف في مستشفيات أخرى، لإنقاذ حياة المرضى وأطرافهم.

فتح (37) غرفة عمليات في آن واحد

واستعرض د. الحاج جهود الطواقم الطبية في التعامل مع مئات الاصابات في ساعات قليلة وانقاذ حياتهم وأطرافهم، والتى فاجأت الخبراء الدوليين في ظل عدم توفر الامكانيات المتاحة التى تمكنهم للتعامل مع هذا الكم الهائل من الاصابات، وخاصة الخطيرة منها من تفتت العظام الانسجة والاوردة والشرايين التى خلفها ذلك االرصاص المدمر والمتفجر، وفتح (37) غرفة عمليات على مدار 24 ساعة و إجراء عمليتين في غرفة واحدة في آن واحد للسيطرة على تلك الاعداد، خاصة في الأيام الساخنة في الأول من آذار/ مارس، والرابع عشر من أيار/ مايو من العام الحالى.

نسبة البتر لم تتجاوز النسب العالمية

وشدد على أن نسبة البتر بين إصابات الأطراف السفلية لم تتجاوز النسب العالمية، موضحا بأنه كان يتم اعطاء فرصة للمريض لإنقاذ طرفه، الذى اعتبره الخيار والتحدى الأصعب، بحيث وصلت نسبة البتر في كافة المستشفيات الى 9% فقط من مجموع الإصابات الخطرة للأطراف، في حين تصل النسب العالمية الى 30% من الإصابات الخطرة.

وعلى صعيد الأدوية، أفاد د. الحاج بأن الفرق الصيدلانية داخل مستشفياته كان لها جهد كبير في محاولة توفير وتجهيز الادوية اللازمة وخاصة أدوية الطوارئ، وذلك بما تيسر لديهم في ظل شح الادوية التى كانت تعانى منه وزارته سابقاً، الى جانب جهود المختبرات وبنوك الدم التى وفرت وحدات الدم للمصابين بشتى فصائلها بشكل آنى و سريع.

الى جانب ذلك، تم التأكد من مخزون الوقود اللازم لضمان استمرار تشغيل الموادات الكهربية والأقسام الحيوية داخل المستشفيات كالعمليات والعنايات الفائقة.

وتطرق الى ابداع آخر سجلته وزارته أثناء فعاليات مسيرة العودة من خلال إضافة خيم ملتصقة بأقسام الطوارئ لاستقبال الحالات المستقرة، تخفيفاً عن أقسام الطوارئ الرئيسية التى لم تسيطر على المئات من الإصابات في آن واحد، خاصة في الايام الساخنة.

نجاح الشراكة بين مقدمى الخدمة الصحية محلياً ودولياً 

وتحدث د. الحاج في المؤتمر حول الشراكة الكبيرة بين مقدمى الخدمة الصحية في المؤسسات الأهلية والحكومية من خلال تفريغ الحالات المستقرة والجديدة اليها لإفراغ الأسرة للاصابات الجديدة، معبراً عن سعادته لما شاهده من الاستنفار الكبير لدى مقدمى الخدمة في كافة مستشفياته بهمة وعزيمة عالية وخبرات مكنتهم من الحفاظ على حياة الجرحى.

وأشاد بالمشاركات الدولية و الداعمين محليا و خارجيا من المنظمات الدولية ووقوفها بجانب الطواقم المحلية التى ساهمت في تخفيف العبء والاحمال على تلك الطواقم، والتى جاءت بعد اطلاق وزارته لعدة نداءات استغاثة عاجلة وسريعة حيث لبت النداء وسارعت الى مد يد العون أبرزها مصر الشقيقة والمملكة الأردنية الهاشمية التى فتحت مستشفياتها لجرحانا عبر طريق ميسر حيث تم إرسال 30 جريحاً عبر اسعافاتها الخاصة على مدار أسبوع كامل، بالإضافة إلى تفعيل المستشفى الميداني الأردني.

الى جانب استجابة المملكة المغربية التى ارسلت المستشفى الميدانى المغربى وإنشاؤه في مدينة الزهراء بالمحافظة الوسطى وقدمت العديد من الخدمات الصحية، ووصول وفود طبية من أراضىينا المحتلة داخل 48، ومن مستشفى القدس والمطلع لاغاثة الطواقم المحلية.

وتطرق الى العبء الكبير على خدمات التأهيل نتيجة الاعداد الهائلة من المصابين الذين يحتاجون الى اعادة تأهيل، وإجراء عمليات ترميم للأطراف السفلية التى تستغرق لسنوات لكى يتعافى الجريح، حيث وصل عددهم ما يقارب (1100) جريح.

وأشار رئيس المؤتمر الى تداعيات مسيرة العودة الكبرى التى لا زالت أثارها تنعكس على المرضى من خلال تأجيل العمليات المجدولة وحرمان الجرحى من الرعاية الصحية الكافية التى تعرض جروحهم الى التلوث نتيجة نشوء بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية بسبب شدة وصعوبة تلك الجروح، والاعباء الاضافية على الطواقم الطبية واستنزاف كميات كبيرة من الادوية و المستهلكات الطبية.

ووجه د. الحاج الشكر الكبير لمنظمة الصحة العالمية و الصليب الأحمر و منظمة بلا حدود و مؤسسة MAP العون الطبى و مؤسسة اغاثة أطفال فلسطينPCRF و المؤسسة النرويجية NORWAC ,الذين باشروا من خلال طواقمهم الطبية باجراء التدخلات السريعة و الصحيحة في التعامل مع الجروح و تحقيق نتائج ايجابية على معظمها.

وتحدث حول جهود كوادر وزارته في الآونة الاخيرة بعمل مسح لكافة الجرحى من خلال وجود عيادات لمسح الجرحى في كافة المحافظات وتصنيفهم حسب احتياجاتهم من اجراء للعمليات أو للعلاج الطبيعى أو تدخلات علاجية نفسية، أو التحويل للخارج، وإنشاء قاعدة بيانات لهم.

ونوه د. الحاج خلال المؤتمر الى أنه تم اتخاذ قرار بتفعيل برنامج لتخصص الاوعية الدموية لتوفير عدد كاف منهم جراء النقص الحاد الذى تعانى منه مستشفيات وزارته وتحديدا خلال مسيرة العودة الكبرى التى خلفت المئات من اصابات الاوعية الدموية وتتفتت الانسجة والاوعية الدموية.

واستعرض احصائيات لاعداد المصابين منذ بدء فعاليات مسيرة العودة الكبرى حتى تاريخه، وأماكن تواجد الإصابة وحسب العمر والجنس.



التعليقات