رجال أعمال أونطة

رجال أعمال أونطة
عبدالله عيسى
بقلم: عبدالله عيسى 
رئيس التحرير
خرج بعض الفلسطينيين من بيئة فقيرة متواضعة جداً في بداية حياتهم العملية، ثم أصبحوا من أصحاب المليارات، مع أننا نعرف طريق المليارات التي أوصلتهم إلى النجومية، ومصاف رجال الأعمال، وبعضهم بقية سيرته غامضة؛ لكنها ليست حسنة.

ومع بدايتها، كانت السلطة الفلسطينية، وما تزال، تحتاج إلى ضخ أموال كثيرة لتشغيل الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، والاستغناء بقدر الإمكان عن المساعدات الخارجية، ومع هذا وحتى الآن أي بعد عشرين عاماً من بدايتها، بقي الاستغناء عن المساعدات الخارجية مجرد حلم.

وفي السنوات الأولى للسلطة، عكف باحثون على تقدير رأس المال الفلسطيني في الخارج، والذي قُدر في حينها بما يزيد عن 200 مليار دولار، ولم يبادر أي من أصحاب هذه المليارات لمساعدة الشعب الفلسطيني بجدية، وكلما طلبت السلطة الفلسطينية من أحد أصحاب المليارات مساعدة الشعب الفلسطيني بمشاريع جدية، لاحظنا أن أحد رجال الأعمال المقيمين في أمريكا، يقدم تبرعات هزيلة وشكلية لا تسمن ولا تغني من جوع، مع طلب بأن يُصبح رئيساً للوزراء في السلطة، مقابل بعض الفتات الذي يقدمه، بينما رأينا على شبكة (يوتيوب) فيديوهات لحفلات البذخ التي يقيمها بأمريكا.

في 1973 وبعد أن قررت السعودية بقيادة الملك فيصل بن عبد العزيز، حظر تصدير النفط إلى أمريكا ودول أوروبا، ويقال أن الدول الخليجية المصدرة للنفط، لم تحظر النفط تماماً على دول العالم، وإنما فقط قامت بتخفيض الإنتاج، وكان أحد الفلسطينيين يعمل موظفاً إدارياً بسيطاً في السفارة الكويتية في أوروبا، وبعد انقطاع النفط عن هذه الدولة، والتي قال عنها ذات مرة فاروق القدومي (العرب حظروا النفط حظراً كاملاً عن هذه الدولة الأوروبية لأنها دولة صغيرة، فاستضعفوها، وقطعوا النفط عنها) فذهب صاحبنا الفلسطيني إلى الدولة الأوروبية، واقترح عليها تزوديها بالنفط بما يحتاجونه وأكثر من ذلك من السوق السوداء فوافقت الكويت، ويقال: إن هذه الدولة، حصلت على النفط من السوق السوداء عبر هذا الفلسطيني، أكثر مما كانت تحصل عليه قبل الحرب، وتقاضى ذلك الفلسطيني عمولات ضخمة، وأصبح من أصحاب المليارات، وتنافست الصحف الأوروبية على نشر صوره مع الحسناوات الأوروبيات على يخت يمتلكه، وبعد سنوات (تمشيخ) وحمل سبحة ولحية، ثم أصبح متديناً بقدرة قادر، وبعد إقامة السلطة الفلسطينية، لم يتطوع بتقديم أدنى مساعدة للسلطة الفلسطينية، واكتفى بالمساعدات التي كان يقدمها للحسناوات الأوروبيات.

وذات مرة، التقيت في بداية السلطة مع رجل أعمال فلسطيني في أحد مكاتب السلطة، فقال قدمت لإقامة مشروع في غزة، ومعي شريك أمريكي، وأنا لست بحاجة إلى ذلك الأمريكي، وقلت له لماذا أتيت به؟ فقال مجرد حماية لي من السلطة، لا شك بأن حجة هذا الرجل كانت واهية، وكان يحمل صورة خيالية عن السلطة وليست واقعية، وحتى إن من حاولوا مساعدة الشعب الفلسطيني بمساعدات بسيطة لا تذكر وشكلية، يشترط على السلطة بأن يُعين رئيساً للوزراء، ولا أعرف كم رئيساً للوزراء تحتاج السلطة، بينما نجد في مصر مثلاً رجال أعمال، يقدمون ويتبرعون بأموال ضخمة، ويشترون مؤسسات، ويؤسسون مؤسسات أخرى خاصة الإعلامية، مثل نجيب ساويرس، ومحمد أبو العنين، وغيرهما، وذات مرة حدثني مسؤول رياضي في قطاع غزة، أنه توجه إلى رجال أعمال فلسطينيين في غزة؛ للتبرع للرياضة والشباب الفلسطيني، وبعد جهد جهيد قدمت له مجموعة من رجال الأعمال ما مجموعة 500 دولار فقط، فسألته هذا كل تبرعهم؟ قال نعم.

التعليقات