بين حالات إدمان وقتل وطلاق وتحريم.. لعبة "ببجي" تَهوِس العالم

بين حالات إدمان وقتل وطلاق وتحريم.. لعبة "ببجي" تَهوِس العالم
خاص دنيا الوطن - محمد وهبة
عندما تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، أو تمشي في أزقة الشوارع، أو تذهب لأماكن مختلفة، فلا يخلو الأمر من مشاهدة أو سماع أشخاص يتحدثون عن لعبة (pubg- ببجي)، حتى أصبحت هذه اللعبة الإلكترونية خلال مدة قصيرة، محط اهتمام واسع لدى الشباب العربي والعالمي.

وحققت لعبة (PlayerUnknown’s Battlegrounds) أرقاماً مرعبة منذ طرحها في الأسواق وسط مبيعات ضخمة وأرباح خيالية من جراء بيعها، حيث تم بيع أكثر من 50 مليون نسخة حول العالم، وسط شعبية كبيرة لها، حيث وصل عدد اللاعبين إلى أكثر من 400 مليون مع نسخة الأجهزة الذكية من اللعبة.

في نفس الوقت، يلعب 87 مليون شخص لعبة (ببجي) بشكل يومي، وهو الأمر الذي أثار رضا وسعادة فريق التطوير بهذه النتائج المذهلة، حتى عند توقف اللعبة لإجراء تعديلات وتحديثات سرعان ما أصبحت المركز الثالث في تريند موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، ليعبر اللاعبون عن اعجابهم، وهذا ما يجعلها أقرب إلى الإدمان.

حمدي أبو سيدو من غزة، عبَر عن إعجابه بلعبة (ببجي)، لأنها تجمع بين المتعة والإثارة والترفيه، بجانب أنها فرصة كبيرة للتواصل باستمرار مع الأصدقاء، بالإضافة لتكوين صداقات خارج حدود الوطن، وبعيداً كذلك عن اللعبة.

ويضيف أبو سيدو (29 عامًا) لـ "دنيا الوطن"، أن اعتلاء اللعبة على مواقع التواصل الاجتماعي، وحصولها على تريند، دفع فضول الكثيرين لتحميل اللعبة، لدرجة إدمانها.

 ولعل من أبرز ما يميز هذه اللعبة، ويثير الدهشة، هو دخول فئة "الإناث" بشكل كبير إليها ومشاركة الذكور، على الرغم من تصنيفها كلعبة حربية، وهو ما لا تفضله عادةً الفتيات.

حيث تلجأ بيسان السُّردي إلى لعب (ببجي)، في الأوقات التي تريد من خلالها الابتعاد عن ضغوطات الحياة، وأجوائها السلبية المُحيطة، للذهاب إلى عالم افتراضي يتم من خلاله تفريغ تلك الطاقات بـ (الطخ) على حد تعبيرها، بالإضافة لأجواء المرح التي يضيفها الأصدقاء معها. 

وتروي السردي إحدى المواقف الطريفة التي حدثت لها في العدوان الأخير على غزة مع اللعبة، قائلة: "خلال إحدى المرات التي لعبت فيها (ببجي)، كان شخص من الفريق الذي لعبت معه من سكان المخابرات، حيث يوجد داخل اللعبة دائرة  حمراء في المنطقة التي تتعرض للقصف، وكنا خلالها نجري لنختبئ في بيت يحمينا من القصف حتى لا نموت".

وتضيف السردي لـ "دنيا الوطن"، "عندما ذهبت الدائرة الحمراء، وانتهى القصف داخل اللعبة، سمعنا دوي انفجار قوي، ظننا أنه من داخل اللعبة، وأصبحنا نتساءل من يتعرض لقصف باللعبة؟ (باعتبار أن اللعبة تتميز بالتواصل الصوتي بين أعضاء الفريق)، حينها كان الشخص الذي تعرضت منطقته لقصف قريب يضحك بكثرة، باعتبار أن القصف كان بالحقيقة، وليس داخل اللعبة"، مشيرةً إلى أن صوت القصف الحقيقي لم يرهبهم بقدر ما يصدر من داخل اللعبة ذاتها".

فكرة لعبة (ببجي) تبدأ بمئة لاعب في طائرة حربية تحلّق فوق جزيرة كبيرة، يمكن للاعب أن يختار مكان قفزه من الطائرة، بعد ذلك عليه جمع الأسلحة والإضافات الأخرى الموجودة في هذه الجزيرة لتساعده على النجاة، وكل اللاعبين المئة سيكونون صيادين وقتلة أو ضحايا في اللعبة، وعليك أن تكون الشخص الأخير الحي على الجزيرة بقتل جميع المحاربين.

المحفّز على القتال في هذه اللعبة والنقطة التي ستجعل اللاعبين يتحركون باستمرار بدلاً من الجلوس وانتظار نهاية القتال هو أن منطقة اللعب تتقلص بشكل مستمر بفعل ما يسمى بـ "الزون"، وكل اللاعبين الموجودين خارج المنطقة هذه، سينتهي بهم الأمر بالموت والخسارة، بينما يبقى من داخل المنطقة في المعركة إلى أن يخرج المنتصر الأخير.

ولأن انتشار اللعبة الواسع لم يقتصر على فئة الشباب فحسب، بل دفعت فئة الصغار لتحميلها ولعبها فيما بينهم، ما شكلت تأثيرًا سلبيًا على دراستهم، وأثارت استياءً كبيرًا لدى أولياء الأمور.

يقول أبو كرم دياب، (والد طفل يلعب ببجي)، "اللعبة أصبحت شبه إدمان، إبني يجلس عليها ما يقارب سبع ساعات يومياً، وإذا تركت له المجال مفتوحاً سيجلس عليها 24 ساعة، نتيجة التواصل الصوتي مع من يلعب معهم، لذلك هو عمليًا لا يشعر بالوقت الذي أصبح لديه معدوماً، وهذا سبب أزمة كبيرة لشخصية الطفل".

إدمان ملايين المُستخدمين لهذه اللعبة، أثرت على البعض منهم سلباً على حياتهم المعيشية، حيث كشف إمام وخطيب مسجد بالعراق عن وجود مضار كبيرة بسبب لعبة (ببجي)، مؤكدًا أن المحاكم العراقية، فيها عشرات حالات الطلاق والقتل بسبب تلك اللعبة.

التأثير السلبي للعبة على العديد من الأشخاص، دفع بالأزهر الشريف في مصر إلى تحريمها، حيث قال أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر بمصر، أحمد كريمة، إن ممارسة لعبة (ببجي)، حرام شرعاً".

وعلَل كريمة هذه الفتوى من التحريم، مستشهداً بالآية في القرآن الكريم "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، وقال في موضع آخر: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً".

ومع هذا السيط الواسع، والشهرة الكبيرة، وعد فريق التطوير محبي اللعبة الشهيرة بمزيد من التطوير، مؤكدين أنهم لا يزالون يملكون في جعبتهم الكثير لتحسين التجربة والأداء.

التعليقات