لجنة النشاط في الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين تنظم ندوة حول (أدب وصايا الشهداء)

لجنة النشاط في الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين تنظم ندوة حول (أدب وصايا الشهداء)
رام الله - دنيا الوطن
نظمت لجنة النشاط في الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين، اليوم الأربعاء ندوة حول (أدب وصايا الشهداء)، في مقرها بمدينة غزة، وحاضر فيها الدكتور عبدالرحيم حمدان، والدكتور أسامة أبو سلطان، وأدارها الدكتور الشاعر عاطف أبو حماد، أمين سر الاتحاد .

وافتتحت الدكتورة سهام أبو العمرين مسئولة لجنة النشاط ومديرة تحرير المجلة في الاتحاد، الندوة مرحبة بالحضور والمحاضرين، ومسلطة الضوء على أهمية تناول هذا النوع من الكتابة والتي يطلق عليها (وصايا) حيث أنها تخلد للشهداء ما قالوه ، وما يوصون به لمن يخلفهم، وأنه نوع من الكتابة له أصوله إذا ما كان كتّابها من الأدباء، مشيرة إلى أن تنظيم الندوة يأتي ضمن سلسلة نشاطات تعدها لجنتها في الأمانة العامة للاتحاد، شاكرة الجهود المبذولة من قبل طاقم لجنة النشاط واعضاء الأمانة العامة، متمنية أن تتواصل النشاطات لتشمل جميع اجناس العمل الأدبي.

من جهته رحب الدكتور الشاعر عاطف أبو حمادة بالمحاضرين وبالحضور، ومقدماً نبذة عن سيرة كل من الدكتور عبد الرحيم حمدان، والدكتور أسامة أبو سلطان، باعتبارهما أصحاب بصمة واضحة في مجال تخصصهما، شاكراً لهما تلبية الدعوة لتسليط الضوء على وصايا الشهداء من الناحية الأدبية، ومقدماً كمدخل موجز عن هذا النوع من الكتابة في واقعنا الثقافي وأثره على الأدب العربي والتراث الانساني بشكل عام، وأن هذه الوصايا تعرف من قبل الأب لأبنائها والقائد لجنوده، والأم لبناتها وأولادها، ولكن التركيز على وصايا الشهداء له طابع مختلف، وقيمة أدبية على العموم المتلقي لها.

وبدأ الدكتور عبدالرحيم حمدان، بقراءة ورقته البحثية التي أعدها في مجال وصايا الشهداء، مختاراً منها ما يناسب الندوة، مقدماً شكره للاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين، على هذه الندوة القيمة، مع شكره للدكتور عاطف أبو حمادة والدكتور أسامة أبو سلطان المشاركان في الندوة، كما شكر الحضور على تجشمهم القدوم إلى مقر الاتحاد للمساهمة في انجاح الندوة، ومعتبراً وصايا الشهداء نوعاً من أنواع الأدب القديم، حيث ظهر في الجاهلية واستمر إلى يومنا هذا، وأن مضامين الوصايا مختلفة من حيث تناولها، فهناك مضامين دينية ومضامين اجتماعية ومضامين جهادية وغيرها الكثير، وأن المتناول ببحثه هي المضامين الجهادية.

وتناول الدكتور حمدان في ورقته البحثية دوافع الشهداء لكتابة وصاياهم، وكان جلّ الدوافع مركزّ على ضرورة التمسك بالفداء ومواصلة التضحية حتى تحقيق الغاية التي استشهدوا من أجلها، والوصايا تعتبر جزء من تاريخ الشهداء خاصة والعمل النضالي عامة، ولها دور في تعزيز الهوية الوطنية، وتثبيت الوجود، وتغرس القيم الأخلاقية، والوطنية في نفوس المتلقين، كونها صادرة عن من يبذلون أرواحهم في سبيل أوطانهم.

وأكد الدكتور عبدالرحيم حمدان على أن الوصايا التي تناولها ببحثه كانت أمثلة قليلة من وصايا كثيرة متراكمة في الخزانة الأدبية والثقافية الفلسطينية، وتعتبر بمستويات أدبية مختلفة، فإذا كان كاتبها أديباً مثل غسان كنفاني أو ماجد أبو شرار أو الشاعر عبدالرحيم محمود وغيرهم تكون مستوياتها الأدبية رفيعة جداً، وذات ذائقة بلاغية واضحة.

ومن سمات الوصايا قال الدكتور حمدان أن الشهداء ركزوا في أغلبهم على الأسلوب النثري، وتميزت بالبساطة والوضوح والمباشرة، وابتعدت عن التعقيد والغموض والإبهام، واحتوت الوصايا على الإيجاز والاختصار والتكتيك، وتدخل ضمن الكلمات الجامعة، واستشهد الدكتور حمدان بمقولة الشهيد أبو يوسف النجار: "القيادات زائلة والشعوب باقية" كما استشهد بمقولة الشهيد خليل الوزير في رسائله الأخيرة للانتفاضة الأولى:" لنستمر بالهجوم" وما قالته الشهيدة دلال المغربي:" لايهم المقاتل حينما يضحي أن يرى لحظة الانتصار"، وغيرها الكثيرمن المقولات التي تحولت إلى وصايا من الشهداء.

أما عن وسائل الكتابة التي استخدمها الشهداء لكتابة الوصايا، يقول الدكتور عبدالرحيم حمدان، استخدم بعض الشهداء الأوراق المتاحة، ومنهم من كتبها على أوراق الأكياس والجدران وغيرها، مظهراً بعض النماذج من الوصايا للحضور.

فيما تناول الدكتور عبدالرحيم حمدان الأسلوبية في كتابة الوصايا، مركزاً على شريحة من الشهداء صغار السن الذين لم تتجاوز أعمارهم العشرين، وتميزت امكانياتهم اللغوية بالتواضع والبساطة والاندفاعية التعبيرية، خلاف الشهداء الأدباء والكتّاب الكبار الذين ابحروا في وصاياهم بالوصف التعبيري الممتع والمميز.

وقدم الدكتور الشاعر عاطف أبو حمادة للمتحدث الثاني في الندوة، وهو الدكتور أسامة أبو سلطان، الذي شكر الاتحاد العام للكتّاب على الاستضافة وتنظيم الندوة، والمبادرة لتنشيط الفعل الثقافي بعد الانتخابات الأخيرة والتي افرزت أمانة عامة جديدة.

وافتتح الدكتور أبو سلطان بتقديم شكره إلى الدكتور عبدالرحيم حمدان والدكتور عاطف أبو حمادة والحضور وللأمانة العامة ولجنة النشاط في الاتحاد، معتبراً مقر الاتحاد البيت الجامع للكل المبدع في فلسطين.

وتناول الدكتور أبو سلطان في ورقته عن وصايا الشهداء السمات الرئيسة لهذا النوع من الكتابة، معتبراً بداياته ظهرت من العصر الجاهلي، وهو من فنون النثر التي عرفها العرب، وأخذ بعده الواضح بعد ظهور الإسلام، ويتقاطع هذا النوع من الأدب مع الرسائل والخطابة، ومن خصائصه الوضوح ودقة الألفاظ وقصر العبارة والجمل والإطناب، والتكرار والتنوع الأسلوبي في الاقناع، وأهم خاصيتين لهذا النوع من الكتابة وهما الوضوح والمباشرة، واتخاذ الطابع الوقتي.

وعن مستويات الوصايا قال الدكتور أبو سلطان أنها كانت تصدر من سلطة أعلى إلى سلطة أقل منها مستوى، كوصايا الحكماء التي تصدر إلى الرعية، ووصايا الملوك إلى ابنائهم، وقال الدكتور أبو سلطان أن لديه تحفظاً على هذا الجنس الأدبي ولا بد من إعادة النظر فيه من الناحية الحداثية، ولو أنه كان مطلوباً في فترة زمانية ما، خاصة أنه لا يخرج عن إطار الأدب التعليمي للنزعة الكلاسيكية.

واسترشد الدكتور أبو سلطان بما اطلق عليه وصايا الكلمة لشهداء فلسطين، وهم كثر، ومنهم الشهداء نوح ابراهيم و عبدالرحيم محمود وغسان كنفاني وماجد أبو شرار وكمال ناصر وعز الدين القلق وراشد حسين وعلي فودة وعبدالعزيز الرنتيسي وفتحي الشقاقي، وغيرهم، وهؤلاء يعتبرون نخب أدبية في الواقع الثقافي الفلسطيني، ويكفي أنهم جسدوا شعار الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين ( بالدم نكتب لفلسطين) وهذا يؤكد أن المثقف والكاتب في خندق واحد مع المقاتل.

وتناول الدكتور أسامة أبو سلطان كنموذج لوصايا الشهداء، وصايا الشهيد ماجد أبو شرار، كونه من مؤسسي الاتحاد العام للكتّاب وعضو أمانة عامة فيه منذ التأسيس 1972 حتى عام 1980،ولأن وصاياه غير المباشرة التي نثرها في كتاباته، وخاصة كتابه ( الخبز المر) ومن هذه الوصايا ( الاستمرار في المعركة دون توقف، و رفض الظلم والتمسك بالكرامة، والترابط الاجتماعي والتماسك المجتمعي، البقاء في الوطن حتى التجذر، والاعتماد على الذات وليس على الآخرين).

وذكر الدكتور أبو سلطان من وصايا الشهيد ماجد أبو شرار، الوحدة الوطنية، كشرط أساسي لا يمكن إلغائه في إطار عملية التحرر الوطني والخلاص من الاحتلال، ومن وصاياه التغلب على الأحزان، ومواصلة الفداء، والتمسك بالعمل المسلح، وهذا شرط لا يمكن شطبه، في أي مرحلة من مراحل النضال الوطني، ومن أعظم وصاياه أن تسلم الراية لجيل من بعد جيل حتى تحرير فلسطين، ووصيته هذه أسست للانتفاضة الأولى حسب كلام الدكتور أبو سلطان، الذي يرى أن ماجد أبو شرار قدم رؤية ثاقبة للمستقبل الفلسطيني.

وبنهاية كلمته قال الدكتور أسامة أبو سلطان، وصايا شهداء فلسطين كلها تجمع على أن النصر حليف الشعب الفلسطيني، الذي ينتظر قراءة سورة العائد.

وقبل ختام الندوة فتح الدكتور الشاعر عاطف أبو حمادة باب النقاش لإثراء اللقاء الثقافي، حيث تداخل أغلب الحضور، وركزت مداخلاتهم على أهمية هذه الندوات ودورها الكبير في نشر الوعي الوطني، والثقافي، ومن الذين تداخلوا الأمين العام المساعد عبدالله تايه، الذي رحب بالمحاضرين والحضور، وشاكراً لجنة النشاط على انتقاء الموضوع، وتنظيم الندوة بالشكل المطلوب، ومتحدثاً عن تجربة شقيقة الشهيد ماجد أبو شرار، الكاتبة بشرى التي جمعت أعمال أخيها وقامت بمجهود كبير في سبيل نشر ما جمعت عنه، حتى وصل إلى المكتبات في العالم العربي.

وبدورها الدكتورة سهام أبو العمرين تناولت في مداخلتها حقيقة أدب وصايا الشهداء، وإن كان يعتبر أدباً مستقلاً أم أنه متداخل في اجناس أدبية أخرى كالرسائل والخطابة، وطالبت بضرورة دراسة هذا النوع من الكتابة في الابحاث والدراسات الأدبية من حيث القيمة الفنية لها، والمستويات والسيمات وطبقاتها الإبداعية وغيرها.

فيما تناول عضو الأمانة العامة للاتحاد ومسئول العلاقات الداخلية الكاتب شفيق التلولي في مداخلته أهمية هذا النوع من الكتابة، لأهمية كاتبيه كونهم أنبل البشر، وهم الذين قدموا أرواحهم في سبيل حرية الوطن، وما كتبوه من وصايا يجب أن يجمع في كتب، ويعاد نشرها في إطار تعزيز الانتماء الوطني، ووصلهم مع الأجيال القادمة.

ومن الذين تداخلوا وطرحوا مجموعة من الأسئلة على المحاضرين الروائي خلوصة عويضة، والكاتب عبدالرحمن شحادة، والشاعرة حليمة أبوحجير، الشاعر محمود صقر، ورزق المزعنن، ومحمد حجازي، والشاعر رضوان عاشور الذي ألقى نصاَ شعرياً بالعامية للشهداء، والمترجم عن العبرية جمال حداد الذي قرأ نصاً شعرياً عن الشهيدة هدى أبو غالية باللغة العبرية.

وفي نهاية الندوة أخذت الصور التذكارية، مع المحاضرين والحضور.