كارلوس غصن الرجل الذي أبهر "عالم السيارات".. مَنْ هو؟

كارلوس غصن الرجل الذي أبهر "عالم السيارات".. مَنْ هو؟
رام الله - دنيا الوطن
ما إنْ أعلنت شركة صناعة السيارات اليابانية "نيسان" عزل مديرها العام كارلوس غصن، بعد اتهامه بـ"التهرّب الضريبي وارتكاب مخالفات مالية"، حتى ضجّت وسائل الإعلام ومواقع التواصل بالحديث عن الرجل الذي أبهرت مسيرته المهنية الناجحة كثيراً من المراقبين. فمن هو كارلوس غصن؟

يحمل غصن ثلاث جنسيات هن البرازيلية والفرنسية واللبنانية، وهو ينحدر من أصول لبنانية لكنه وُلد في البرازيل عام 1954. عندما كان في السادسة من عمره عاد برفقة والدته إلى لبنان حيث عاش ودرس المرحلتين الإبتدائية والثانوية في مدرسة سيدة الجمهور، ثمّ انتقل إلى باريس ليدرس الهندسة في مدرسة "البوليتكنيك" المرموقة، وتخرج منها 1974 كما تخرّج من كلية التعدين عام 1978. 

"شبه مستحيل"

كان غصن يقوم لسنوات بعمل أقرب إلى المستحيل، إذ كان يدير في الوقت نفسه شركتين لصناعة السيارات تقع كلّ واحدة منهما في الطرف الآخر من العالم، شركة "نيسان" في اليابان و"رينو" في فرنسا.

يتمتع غصن بكاريزما خاصة، إذ نجح في إنقاذ شركة السيارات اليابانية العملاقة "نيسان" خلال العقدين الماضيين، كما كان أوّل أجنبي يتولى إدارة شركة سيارات يابانية.

وعُرف خلال تسعينيات القرن الماضي باسم "قاتل النفقات" بعد إلغائه عشرات آلاف الوظائف وإغلاقه مصانع في اليابان وفرنسا، لذلك زادت شعبيته في اليابانإذ عادت "نيسان" إلى تحقيق الأرباح بعد سنوات من الخسائر المستمرة.

آداء مميز

بدأ غصن مسيرته المهنية فور إنهاء دراسته الجامعية في فرنسا في مصنع الإطارات لشركة "ميشلان" الفرنسية المرموقة، وخلال فترة قصيرة تولّى إدارة أحد مصانع الشركة، وفي أواسط ثمانينيات القرن الماضي تولّى إدارة مركز أبحاث تطوير الإطارات الصناعية في الشركة.

وأوفدته الشركة إلى مسقط رأسه في البرازيل لحل المشكلات العويصة التي كان يواجهها مصنع الشركة هناك، إذ تولّى إدارة العمليات في المصنع ليصبح لاحقاً مدير الشركة. وشملت مهامه كل قارة أميركا الجنوبية، وهو بالكاد في الثلاثين من العمر. وخلال عامين تمكّن من تحقيق النجاح وعادت الشركة إلى تحقيق الأرباح في أميركا الجنوبية.

في العام 1988 انتقل إلى إدارة قسم أميركا الشمالية في الشركة مشرفاً على اندماج "ميشلان" مع شركة إطارات أميركية محلية، إذ نجح في إقناع ممثلي العمال في الشركة بأنّ تطبيق نظام عمل أكثر مرونة في مصانع الشركة هو لصالح العمل والشركة.

ورغم نجاح غصن في كلّ المهام والوظائف التي تولاها في الشركة كان هناك سقف لصعوده لأنّ الشركة مملوكة لأسرة "ميشلان" وكان رئيسها فرانسوا ميشلان يُعد نجله لخلافته. 

تسريحات وإغلاق

وفي عام 1996 اتصل به رئيس شركة "رينو" التي كانت تعاني من خسائر مستمرة، فكان أوّل قرار اتخذه غصن عند انتقاله إليها إغلاق مصنع الشركة في بلجيكا وتسريح 3300 عامل لذلك انتعشت الشركة وزادت مبيعاتها خلال فترة قصيرة.

وكانت الحكومة الفرنسية تملك 80 بالمئة من أسهم الشركة عام 1992، وبعد أقل من عقد من الزمن تراجعت هذه الحصة إلى أقل 16 في المئة، وأصبحت سيارات الشركة هي الأكثر مبيعاً في أوروبا الغربية.

ومع النجاح الكبير الذي حققته "رينو" في ظلّ إدارة غصن، اتخذت الشركة خطوة جريئة للغاية واشترت نحو 45 في المئة من أسهم شركة نيسان اليابانية مقابل 7 مليارات دولار وأوفدت غصن إلى اليابان لتولي مجلس إدارتها هناك.

وكانت "نيسان" تواجه مشاكل مالية "عويصة"، إذ بلغت ديونها 20 مليار دولار، كما أنّها كانت تعاني من خسائر مستمرّة خلال السنوات السبع السابقة، فأغلق غصن خمسة مصانع وسرح 21 ألف عامل وجعل اللغة الانجليزية اللغة الرسمية في الشركة ومنح مكافآت للمديرين الذي يتقنونها.

وقد لعب غصن دوراً أساسياً في إقامة التحالف بين "رينو" و"نيسان" عام 1999 وانضمت شركة "ميتسوبيشي" إلى هذا التحالف عام 2016. وينتج تحالف نيسان --رينو-ميتسوبيشي سيارة من بين كل تسع سيارات في العالم.

وقالت مجلة "فورتشن" عام 2014 إن ّغصن لا يمكن الإستغناء عنه كما يبدو، مضيفة إنّه "يبدو كأنه خلق ليقوم بما يقوم به حالياً، له قدرة على التواصل مع الغرباء وتمييزهم. لا حياة خاصة له خارج أسرته ويطير 300 ألف ميل سنوياً، ويمتلك القدرة على إدارة هذا العملاق الذي يحمل اسم نيسان- رينو، وعندما يتقاعد أو يصيبه مكروه لا قدر الله فمن يحل مكانه"؟

وعقدت الشركتان نيسان --رينو تحالفاً مع الشركة اليابانية العملاقة لصناعة السيارات "ميتسوبيشي موتورز"، وبذلك أصبح تحالفهم منافساً قوياً لتحالف "فولكسفاكن-تويوتا". وباعت الشركات الثلاث العام الماضي 10.6 مليون سيارة. ويعمل فيها ما يقارب 470 ألف عامل في 200 دولة حول العالم.

وكان غصن أعلن العام الماضي عن نيته التنحي عن قيادة "نيسان" بعد 16 عاماً من تولي إدارتها. وأعلنت الشركة حينها أنّ غصن سيستمر في رئاسة مجلس إدارة الشركة، وسيستمر في قيادة التحالف الذي يضم "نيسان ورينو وميتسوبيشي موتورز".



التعليقات