بطولات عربية في حرب أكتوبر

بطولات عربية في حرب أكتوبر
بقلم عبد الله عيسى
رئيس التحرير
لقد تجاوزنا شهر أكتوبر الفائت، بسبب ما جرى مع الشهيد جمال خاشقجي، وقد غطى هذا الحدث على ذكرى تاريخية مجيدة، وهي حرب أكتوبر.

ومن هنا لا يمكن أن ننسى أو نتجاهل ما جرى في هذا الانتصار العربي اليتيم، وكنت في السابق أسمع من أصدقائي الجزائريين، يقولون: إنه لو كانت بلادهم الجزائر دولة مواجهة مع إسرائيل لتحررت فلسطين منذ وقت طويل، وكنت أعتقد أن في هذا الكلام مبالغة، ولكن بعد أن راجعت وثائق مشاركة الجزائر في حرب أكتوبر، اكتشفت صدق مقولة الجزائريين، وقبل حرب أكتوبر، أرسل السادات من يخبر الرئيس الجزائري هواري بو مدين، بأن مصر ستشن حرباً على إسرائيل، فأصر بو مدين، أن يعرف ساعة الصفر، ورفض السادات ذلك بشكل قاطع.

وبعد إلحاح طلب الرئيس بو مدين، من السادات أن يخبره بموعد الحرب قبل بدئها بعدة أشهر، ورفض كذلك السادات.

وعندما اندلع الحرب في السادس من أكتوبر، أرسل الرئيس الجزائري، قوات كبيرة للقتال على الجبهة المصرية، وقد قطعوا مسافة برية بآلاف الكيلو مترات، مشياً وعبر السيارات والدبابات، من الجزائر مرورًا بتونس وليبيا، ووصولاً إلى مصر.

وكشف الإعلامي المصري إبراهيم حجازي، عن مشاركته بحرب أكتوبر مع القوات الجزائرية، في المزرعة الصينية بسيناء، حيث كان يقود الكتيبة المصرية المشير حسين طنطاوي، وقال حجازي: شاهدت بسالة الجيش الجزائري، وكنا نقاتل معاً ونشرب الشاي معاً، ونتحدث سوياً، وهذه ذكريات لا أنساها.

وتحدث جنرالات إسرائيليون، عن موقعة القتال ضد الجيش الجزائري في سيناء، حيث كشف أحدهم أنه خسر 500 جندي إسرائيلي في ليلة واحدة، أثناء القتال مع الجزائريين، وقال ضابط إسرائيلي سابق من أصل روسي، عن ذكرياته في أكتوبر: إن العرب يقولون إنه كان هناك تفوق إسرائيلي من حيث الأسلحة على العرب، لكن الحقيقة التي رأيتها، أنه كان هناك تفوق عربي على إسرائيل.

وأثناء الحرب، سافر بو مدين إلى موسكو، عاصمة الاتحاد السوفييتي آنذاك، وأثناء اجتماعه بالرئيس السوفييتي، وبعض أعضاء الكرملين، وجنرالات الجيش الروسي، قال بومدين غاضبًا: إنكم تدفعون العرب للهزيمة، فأنتم تُصدرون لنا أسوأ الأسلحة، بينما الولايات المتحدة، تمنح إسرائيل أفضل وأقوى الأسلحة، فكيف سننتصر.

وفوجئ قادة السوفييت من حديث بو مدين، وقال أحدهم: هذه المرة الأولى التي يخاطبنا بها زعيم عربي بهذا الشكل، وقال الرئيس السوفييتي: ادفعوا ثمن الأسلحة، وسنوفرها لكم بعد ذلك.

وقال بو مدين: نريد أسلحة للجيشين المصري والسوري، ولا بد أن تكون من أفضل الأسلحة، ثم قام بإخراج شيك بمبلغ 200 مليون دولار، وتعادل بقيمة العملة الحالية مليارات الدولار، وقال للروس أرسلوا لسوريا ومصر ما يطلبون.

وفعلاً أرسل الاتحاد السوفييتي حينئذ شحنات كبيرة من الأسلحة للجيشين العربيين، وكانت كل دول شمال أفريقيا، قد شاركت بجيوشها مع مصر، إضافة لمشاركة كل من الأردن والعراق على الجبهة السورية، وتوجت المشاركة العربية بقرار الملك الراحل فيصل آل سعود، بحظر النفط عن دول العالم، وقد سقط الملك فيصل شهيداً في العام 1975 بسبب هذا القرار.

وقد سطر العرب صفحات بطولية في الحرب، إضافة للتضامن العربي الذي تجلى في أروع صوره، وهو ما نفتقده هذه الأيام.

التعليقات