مختصون يؤكدون علي أهمية مسيرات العودة في كبح جماح قطار صفقة القرن

مختصون يؤكدون علي أهمية مسيرات العودة في كبح جماح قطار صفقة القرن
مختصون يؤكدون علي أهمية مسيرات العودة في كبح جماح قطار صفقة القرن
رام الله - دنيا الوطن
أكدّ مختصون ومحللون في الشأن السياسي الفلسطيني على أهمية مسيرات العودة في كبح جماح قطار صفقة القرن، التي تبنتها الادارة الامريكية بتأييد من بعض الدول العربية، وقدرتها على صناعة متغيرات سياسية جديدة في المشهد السياسي الاقليمي والدولي.

ورغم ضبابية تفاصيل الصفقة وما تحتويه من أفكار ومقترحات سياسية، إلّا أن مسيرات العودة نجحت مبدئيا في أرباك مشهد الترتيب والتحضير لها، ونجحت في تحسين ظروف البيئة السياسية المحلية.

جاء ذلك في ندوة عقدها مركز الدراسات السياسية والتنموية في مدينة غزة  مؤخرا بمشاركة مختصين في الشأن السياسي والدولي، "وليد المدلل – عدنان أبو عامر- حسام شاكر"، حول صفقة القرن توجهاتها وتفاعلاتها المحتملة في ضوء مسيرات العودة.

المحتص في الشأن السياسي وليد المدلل ورئيس مركز الدراسات السياسية والتنموية استعرض تقريراً قدمه المركز حول تفاعلات وتوجهات الصفقة، مشيرا إلى وجود فرص وتحديات مشتركة أمام الصفقة، التي تأتي في ظل ظروف سياسية محلية واقليمية موائمة للاحتلال، في خضم الصراعات التي تشهدها البيئة السياسية بشقيها محليا واقليميا، وغياب شبكة الامان العربية، وأفول بعض الانظمة العربية المركزية كالعراق وسوريا ومصر.

واستعرض المدلل في مداخلته  ابرز مضامين الصفقة التي اطلق مصطلحها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وفي مقدمتها اقامة دولة فلسطينية وفق ترتيبات جديدة، لا سيما بعد حسم مصير موضوع القدس، وتحقيق اقصى المطالب الاسرائيلية المتعلقة بضم المستوطنات، مع مبدأ تبادل الأراضي، إضافة لاضعاف المقاومة الفلسطينية، تزامنا مع اجراءات جوهرية تجاه قطاع غزة وفي القلب منها توسيع رقعة القطاع وتحقيق مبدأ السلام الاقتصادي،  واحداث ترتيبات جديدة على صعيد الانعاش الاقتصادي ممثلا بمشاريع الميناء والمطار والطاقة وغيرها.

 ورجح المدلل أن تستغرق مدة تنفيذ الصفقة ولاية ترامب ذاته، مشيرا إلى أن حالة الغموض في تفاصيل الصفقة والتوقيت الزمني لتنفيذها هي مسألة متعمدة غالبا، مشيرا إلى وجود محاولات حثيثة لتهيئة الاجواء لتنفيذها وقد ظهر ذلك في تبدل الصيغة السياسية لدى بعض الاطراف الاقليمية تجاه اسرائيل ومحاولات تغيير القناعات الاستراتيجية بشأن تبديل اسرائيل من عدو لصديق وصناعة أعداء جدد في المنطقة.

وجدد تأكيده أنّ انهيار الدول العربية الوازنة مثل مصر وسوريا والعراق، وبروز دول أخرى تتبنى الرؤية الامريكية في الحل، من العوامل التي تشكل تربة خصبة لبلورة هكذا صفقة، تسعى في مضمونها تجاوز الوضع الفلسطيني والوصول الى حل اقليمي مع الدول العربية.

 تباين اوروبي امريكي

ورغم ذلك يؤكد المدلل أن من أبرز معيقات تنفيذ الصفقة  الموقف الفلسطيني وتحديدا الشعبي منه والذي تمثل في مسيرات العودة بغزة، اضافة الى وجود شكوك حول دعم بعض الاطراف الاقليمية لهذه الصفقة، والتباين الاوروبي مع الموقف الامريكي تجاه هذه الصفقة.

وهنا يدعمه المحلل السياسي حسام شاكر، الذي أكد وجود تباين وافتراق نسبي في الرؤية الامريكية الاوروبية بشأن عملية السلام، والملفات الفلسطينية بشكل عام، وقد ظهر ذلك جليا من خلال الموقف الاوروبي الرافض لتجميد عمل الاونروا او قطع الاموال عنها كما فعل ترامب.

ولكن يشير شاكر، إلى أن سقف المعارضة الاوروبية لا يتجاوز حد الاعتراض، فهي عمليا لا تصطدم مع الولايات المتحدة، فيما يرى المدلل أن اوروبا ليست بصدد الاشتباك المباشر مع حليفها الاستراتيجي الامريكي، لكنها في الوقت ذاته لن تنجر خلف رؤيته في عملية السلام.

شاكر ذكر أن الموقف الأوروبي لا يزال ملتزمًا بالمفاوضات ومبدأ حل الدولتين، إضافة الى انه لا تزال هناك اصوات أمريكية تعارض الرؤية الامريكية بشأن النظر لعملية التسوية.

وأكدّ شاكر أن من أهم العوامل الأساسية التي يمكن المراهنة عليها، هي استحضار دور الشعوب الاوروبية والدولية التي تتصاعد لصالح القضية الفلسطينية.

 إسرائيليًا، لا يزال المستوى السياسي متكتمًا عن تفاصيل الصفقة ومضمونها، ولم يتبلور في شكله النهائي تبعًا لغموض الصفقة، كما يقول المختص في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر.

وقال أبو عامر في مداخلته أنّ الصفقة ومسيرة العودة مرتبطان بشكل مصيري ويسيران بشكل تناسبي، مشيرا إلى وجود اصوات اسرائيلية متخوفة من سلوك ترامب لا سيما وأن شخصية الرجل تتميز بالمفاجأة والغموض.

وذكر أنّ البيئة السياسية المحلية والاقليمية مغرية لتمرير الصفقة،  فيما لا يزال الموقف الفلسطيني الرسمي متناقض، فعمليا يفرض اجراءات عقابية ونظريًا هو يعارض الصفقة.

وأكدّ أبو عامر أن مسيرات العودة أربكت المشهد السياسي الفلسطيني، وفاجأت الاسرائيليين سواء كان ببعدها الجماهيري الواسع او استمرارية وديمومة تفاعلها، مشيرا إلى أن التقديرات الاسرائيلية لم تتوقع طبيعة هذا الزخم.

وأشار إلى أن الاحتلال وضع خطط امنية استخبارية وعسكرية ودبلوماسية ايضا، حيث بدأت بتشويه الحراك سياسيا واعلاميا من جهة، وبدأت تتحول في تعاملها العسكري من منطق “السهولة في الضغط على الزناد إلى مرحلة تخفيف وتيرة النار”.

وأكدّ ابو عامر أن المسيرة أعادت اسرائيل الى واجهتها الحقيقية مجددا، وأذابت كل مساحيق التجميل لصورتها، على حد وصفه.