مقابلة حملة التطبيع جريمة مع الدكتور الكاتب سماح ادريس

مقابلة حملة التطبيع جريمة مع الدكتور الكاتب سماح ادريس
مقابلة حملة التطبيع جريمة مع الدكتور الكاتب سماح ادريس
رام الله - دنيا الوطن
أجرت حملة "التطبيع جريمة" حواراً مطوّلاً مع الدكتور سماح إدريس، رئيس تحرير مجلة الآداب، وعضو في حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان. وتناول سُبل مكافحة التطبيع، ومسار ذلك بشكل عام.

-كيف تنظرون إلى تسارع خطوات التطبيع؟

إن تسارع خطوات التطبيع، يعبر عن أمرين، أولا يعبر عن تسارع وتيرة مقاومة الشارع الفلسطيني، ومقاومة عامة الشعوب لفكرة "صفقة القرن" والتخلي عن الثوابت الوطنية والقومية.
الأمر الثاني يعبر عن أن تسارع مسيرة التطبيع تأتي في ظل تسارع وتيرة المقاطعة في العالمين العربي والغربي. فكما لا يخفى على أحد، فإن حركات المقاطعة في العالم، أوجدت مناخاً دولياً جديداً مناصراً للقضية الفلسطينية. خلافاً لما عهدناه خلال عقود من خضوع المجتمع الدولي لإملاءات الصهاينة ولابتزازاتهم العاطفية تحت ذريعة وقوعهم تحت هول الإبادة النازية. اليوم المجتمع الدولي يتحول باتجاه انخراط عشرات الألوف من الفنانين والمثقفين والطلاب إلى جانب حق العودة وإلى جانب تطبيق المعايير الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية.
وعندما نتحدث عن المقاطعة الدولية، فنحن نتحدث عن نجاح حركة BDS في استقطاب أكثر من 16 مليون عامل هندي منخرطين في أكبر نقابة في الهند، لتأييد مقاطعة "إسرائيل" وإعلانهم خطوات وقف الاستثمارات مع الاحتلال الإسرائيلي وفرض العقوبات عليه.

أما على المستوى العربي فنحن نتحدث عن نمو حركة المقاطعة في لبنان، بالإضافة إلى نموها في الدول التي أخذت شوطاً في مسار التطبيع، على سبيل المثال، السعودية، قطر والبحرين فلا يكاد يجري عمل تطبيعي إلا ويقابله حملات مقاومة مطالبة بالمقاطعة.

وما يؤكد ذلك، هو كلام رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي اعتبر أن حركات المقاطعة تهديد استراتيجي على دولة الكيان الصهيوني يجب مواجهتها.

- ما هي الأسباب التي دفعت إلى هذا المسار؟

إن مسار التطبيع انتقل من السرية إلى العلانية، العلاقات الإسرائيلية العربية السرية عمرها عشرات السنين، وقد كانت علاقات بعضها مع الأنظمة العربية وأخرى مع قوى عربية وحزبية، أما اليوم فإن المسار التطبيعي يتخذ مساراً علنياً، وذلك لأن الشعب الفلسطيني بات أكثر مواجهة، خصوصاً مع دخول المواجهة على الشريط الفاصل في غزة والمعروفة بمسيرات العودة، أسبوعها الخامس والثلاثين من أجل كسر الحصار وحق العودة.

ويريد الإسرائيليون والأمريكيون من ذلك استغلال وابتزاز العرب من أجل فرض أجندة صهيونية أمريكية بالكامل على المنطقة.

- ما هي النتائج المتوقعة لهذه الخطوات على صعيد BDS؟

إن الحرب سجال بين حركات المقاطعة وخطوات التطبيع، أحياناً ننهزم وأحياناً ننتصر، لكن ليس هنالك نتيجة حتمية للصراع بين المعسكرين، لكن من المؤكد أن حركات المقاطعة اليوم ستشعر بتحد أكبر جراء تسارع وتيرة التطبيع.

- هناك من يرى أن التطبيع بوابة إجبارية لدفع الإسرائيليين إلى السلام؟

هذا التفكير الأوسلوي هو تفكير المنهزمين، فلا سبيل إلى صد الهزيمة إلا بالمقاومة، وإذا أردنا تحديد أي نوع من المقاومة، فقاوم ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، فإن لم تستطع أن تقاوم بالسلاح، فقاوم بمكافحة التطبيع، بالسلاح الاقتصادي وبمواجهة التطبيع الثقافي والفني والأكاديمي، أما القول إن التطبيع سيؤدي إلى تحسين الوضع، فذلك خطأ، فمنذ العام 1993 لم يجرِ إلا مزيد من تهويد مدينة القدس ومزيد من الاستيطان ومزيد من الأسرلة، واليوم لا يتورع الإسرائيلي عن ملاحقة المقاومين في كل شبر من الضفة الغربية وبالتنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، وبهذا نحن لم نستفد بأي شيء من التطبيع العربي الإسرائيلي ولا حتى بديكور.

- كيف تردون على من يقولون إن المقاومة فشلت ومن حقنا أن نجرّب خيارات أخرى؟

جرّب العرب الكثير من الخيارات، منذ عهد الرئيس أنور السادات وزيارته إلى القدس، واتفاق أوسلو في عهد الرئيس أبو عمار، ومن ثم تبعه الملك حسين مع اتفاق وادي عربة، ولم نحقق شيئاً في هذه "الإنجازات"، حسب زعمهم. أما المقاومة فقد حققت على الأقل كيانية وهوية للشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى طردها للعدو الإسرائيلي من لبنان، كما حققت ردعاً استراتيجياً مهماً جداً للبنان، حيث أنه لا يستطيع الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2006 أن يوجه أي ضربة إلى لبنان.
وإن سلمنا أن المقاومة الفلسطينية تختلف عن اللبنانية، وأن المقاومة لم تأتِ بشيء وأن السلام لم يأتِ بشيء، فعلى الأقل أوقفوا التطبيع وأوقفوا التنسيق الأمني مع العدو الإسرائيلي، وجربوا المقاطعة فلن تخسروا شيئاً.

- آخرون يرون أن هناك مكاسب اقتصادية من جراء التطبيع مع الكيان، هل يستند هذا المنطق إلى أسس علمية؟

بلا شك التطبيع أدى إلى مكاسب اقتصادية، ولكن لمن؟

المكاسب كانت لحفنة من البرجوازية الفلسطينية والرأسمالية، التي لا تعيش إلا على حساب القضية الوطنية، كما أدى إلى انفراج في بعض المشاريع التطبيعية الفلسطينية، وأن تتغذى بعض المصانع الرأسمالية الأردنية من جراء اتفاقيات التطبيع، ولكن هم استفادوا على حساب عشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية التي تقبع تحت الاحتلال.

التطبيع بالنهاية لم ينفع إلا طبقة صغيرة جداً من المنتفعين من ضرب المشروع الفلسطيني الوطني والعربي.

-بعض التطبيعيين العرب يرون أن القضية هي صراع فلسطيني إسرائيلي يمكن أن يُحل في إطار المفاوضات، فـ "لماذا نكون ملكيين أكثر من الملك"، ما هو رأيكم؟

فنحن لا نناضل من أجل الشعب الفلسطيني فحسب، بل نناضل من أجلنا كلبنانيين وسوريين وعرب. وهذا طبعاً لا يعفي من المسؤولية الكبرى التي تقع على كاهل الشعب الفلسطيني وتحديداً بضرورة إسقاط أوسلو. فمن غير الممكن أن تطلب من العرب والمسلمين ومن العالم أجمع أن يناضلوا ضد التطبيع في حين أن قيادة الشعب الفلسطيني تمارس التطبيع وتمارس ما هو أسوأ من ذلك ألا وهو التنسيق الأمني مع العدو الإسرائيلي.

فنحن لا نرضى بقول نحن ملكيون أكثر من الملك لأننا لا نعتقد أن الشعب الفلسطيني هو الملك ونحن المتضامنين، بل نحن الشعب الفلسطيني ونحن الملوك أيضاً، وأؤكد على أني لا أفضّل استخدام عبارة القضية الفلسطينية بل أفضّل استعمال مصطلح "قضية مناهضة الصهيونية" فهذا يعبر عن مصطلح أوسع من الشعب الفلسطيني بحد ذاته.

- ألا يحرج التطبيع الدول الغير عربية التي تنتقد (إسرائيل)؟

لا أعتقد ذلك، لأن هذه الحكومات خاضعة لإرادة شعبها، فعلى سبيل المثال، إن قرر الإسبان في برشلونة مقاطعة (إسرائيل) فهم لا يكترثون للقيادات العربية، بل ما يهمهم هو كيفية تلبية حاجات أو مشاعر المجتمعات المحلية في هذه الدول.

-كيف يمكن للشعوب أن تقاوم التطبيع الرسمي؟

يمكن للشعوب أن تنخرط في حملات مقاومة التطبيع الموجودة والمنتشرة في كل الدول، كقطر والبحرين وغيرها. ولكن قوة المقاطعة تأتي أنه حتى في ظل القمع الرهيب، فهي بإمكانها أن تستمر وتنجح، فكل منا يستطيع أن يقاطع وأن يمتنع عن شراء بضاعة ما تدعم أو تكون هي منتجاً إسرائيلياً واستبدالها بشيء آخر، فلا أحد يمكنه إجبارك على شرائه، حتى أنه بإمكان أي شخص مقاطعة حضور فيلم أو حضور فيلم من إنتاج إسرائيلي. وكل هذه النشاطات تعتبر الحد الأدنى من المقاومة، فما علينا إلا أن لا نستسلم وأن لا نكون محبطين.

التعليقات