"نابليون الجريمة".. العقل المدبر الحقيقي وراء شخصية جيمس موريارتي وعدو شيرلوك هولمز اللدود

"نابليون الجريمة".. العقل المدبر الحقيقي وراء شخصية جيمس موريارتي وعدو شيرلوك هولمز اللدود
توضيحية
رام الله - دنيا الوطن
الشخصية الإجرامية العبقرية التي ضاهت "شيرلوك هولمز" ذكاء لم تكن من خيال السير آرثر كونان دويل، مؤلف شيرلوك هولمز، المحض؛ بل استوحاها من الحياة الحقيقية لـ "نابليون الجريمة الواقعية"، آدم وورث.

ما نعرفه عن "وورث" يأتي من محفوظات وكالة بينكرتون للمباحث الوطنية لصاحبها "ألان بينكرتون" الذي تعقب "وورث" لعقود، وجعله يروي قصة حياته وجرائمه.

نُشرت قصته بعد وفاته على هيئة كتيب، وجاءت المقدمة على النحو التالي: "لو أقدم كاتب على تأليف رواية خيالية تصور أحداثها حياة هذا الرجل لتردد مئة مرة قبل نشرها خوفا من اتهامه بالمبالغة والرفض القاطع".

ولد "آدم وورث" لعائلة فقيرة عام 1844، وهاجر والداه إلى أمريكا عندما كان عمره 5 سنوات، نشأ على تربية صارمة وشديدة، في مرة مزح مع أبيه وكان جزاؤه عشرات الضربات بالجلد بوحشية وهو في سن السادسة.

كان لهذه التجربة والنشأة تأثير عميق على "وورث" من ذلك اليوم ولآخر حياته فلا أحد صديقا كان أم عدوا، صادقًا أو غير شريف، قريبا أو غريبا، نال استحسانا من "آدم وورث" في أي من صفقاته التجارية العادية أو غير القانونية.

جند "وورث" نفسه وكذب بشأن عمره عندما اندلعت الحرب الأهلية الأمريكية عام 1861؛ لأنه كان بحاجة إلى المكافأة التي تقدر بنحو ألف دولار نظير التطوع.

أُصيب عام 1862 في ساحة المعركة و نُقل إلى المستشفى، وأُيد خطأ بأنه "ميت"، وبدلا من تصحيح هذا الخطأ والحصول على المكافأة، استغل أنه غير موجود رسميا للقيام بأعمال النصب والاحتيال.

بعد عودته إلى نيويورك أصبح نشالا بارعا وانضم إلى جماعات الجريمة المنظمة، ومن هنا شحذت أعماله الإجرامية مهاراته في التخطيط والتفكير، وكانت سرقته الغريبة وغير المألوفة للبنك الوطني في بوسطن جذب انتباه المخبر "بينكرتون"، انتقل بعدها "وورث" إلى ليفربوول وعاش بالعديد من الأسماء المستعارة.

التقى هناك بـ"كيتي فلين"، النادلة البالغة من العمر 16 عاما، والتي ستصبح عشيقته، ثم انتقل إلى باريس ولندن، وفي هذه الفترة عاش أوج ازدهاره، حيث بنى إمبراطورية تعتمد على علاقات متشابكة ومعقدة بحيث لا يعرف مرتكبو الجرائم أنفسهم من المسؤول، الأمر الذي استغرق الشرطة سنوات من البحث عن هذه العقلية المدبرة الفذة.

نصيب "وورث" من كل عملية ناجحة كان 25%، وخلال 3 عقود كاملة، كان يضرب الضربة تلو الأخرى، لمس كل أنحاء بريطانيا وعلَم عليها، ومارس كل أنواع وفنون الاحتيال من التزوير والسرقة ومداهمة الخزائن وسرقة الماس والبريد والبنوك بما فيهم بنك "بينكرتون".

الجريمة الأكثر جرأة كانت سرقة لوحة "جورجيانا كافندش"، دوقة كافيندش، من قبل الفنان "توماس غينبورو" في القرن الثامن عشر، في ذلك الوقت كانت اللوحة الأغلى في السوق.

وجاءت بداية النهاية في عام 1892، عندما تم القبض عليه وأُودع في سجن في بلجيكا، وتفككت إمبراطوريته الجنائية، بجريمة خيانة من قِبل شركائه، ودُمرت ثروته، لكن لا أحد كان قادرا على العثور على لوحة "جورجيانا".

عقد "وورث" اتفاقا مع "بينكرتون"، أن يُطلق سراحه من السجن ويعيش حياة هادئة، مقابل أن يعيد اللوحة إلى المالكين الأصليين، ليس هذا فقط بل يحصل على قيمة 25 ألف دولار ما يوازي اليوم نحو 760 ألف دولار.

توفي "وورث" عام 1902 بعد أن أمضى سنواته الأخيرة مع أبنائه وإجراء مقابلات مع "بينكرتون" لكتابة سيرته الذاتية، وعلى الرغم من اختلاف الرجلين الشديد من ناحية الالتزام بالقانون، أكن كلاهما الاحترام للآخر، ووصفه "بينكرتون": "الرجل الاستثنائي الناجح والأكثر خطورة في عالم التاريخ الإجرامي المعروف في العصر الحديث".

بعد وفاة "وورث"، واصل "بينكرتون" دعم أطفاله، وعندا شب أحدهم، هاري، نال وظيفة مع وكالة بينكرتون للمباحث الوطنية.





التعليقات