البرازيل ليست بولسونارو

البرازيل ليست بولسونارو
نبض الحياة 

البرازيل ليست بولسونارو

عمر حلمي الغول 

فاز الرئيس البرازيلي الجديد، جايير بولسونارو بالإنتخابات الرئاسية يوم الخميس الماضي الموافق الأول من نوفمبر الحالي (2018)، وحصل على ما يزيد على 55% من الأصوات، وهذا نتيجة تدخل مواقع التواصل الإجتماعي لصالحه، وتعميمها أخبار ملفقة وكاذبة لصالحه وضد منافسه، وهناك حملة عالمية لفضح تلك المواقع. وهو يميني وفاشي الإتجاه، وحليف للقوى القومية الشوفينية المتطرفة في العالم وقادة دولة الإستعمار الإسرائيلية، وأكد انه زار إسرائيل خلال العام الحالي، ويعتبر نفسه حليفا لها. ويعتبر إمتداد طبيعي للأفنجليكاني القابع في البيت الأبيض الأميركي. وهو موضوعيا ضد الشعب العربي الفلسطيني ومصالحه، وأعلن عن ذلك في حملته الإنتخابية، وأكد أنه إلتقى السفير الإسرائيلي مرتين خلال الإسبوع الأخير قبل إنتخابه. كما أعلن أنه سينقل السفارة البرازيلية من تل ابيب للقدس، وفي المقابل سيعمل على نقل السفارة الفلسطينية القريبة من القصر الجمهوري من مكانها لمكان آخر. ليس هذا فحسب، بل إنه لو إستطاع لسحب الإعتراف بفلسطين بذريعة أنها ليست دولة. كما أكد أن مواقف البرازيل في المنابر الدولية لن تكون مع فلسطين وضد إسرائيل، بل العكس صحيح.

من الواضح أن فوز بولسونارو ليس في مصلحة فلسطين، ولا حتى في مصلحة الشعب البرازيلي، رغم الأصوات، التي حصل عليها، وبتقديري أن تبوأه موقع الرئاسة لم يكن بالصدفة، انما نتاج أزمة القوى السياسية البرازيلية وخاصة الديمقراطية والليبرالية عموما، وأيضا لتدخل القائمين على مواقع التواصل الإجتماعي لصالحه. ومع ذلك فوزه ليس نهاية الدنيا، لإنه يحمل معه إلى سدة الرئاسة أزمة إضافية لإزمات البرازيل، الدولة الأكبر في أميركا اللاتينية، التي ستنعكس على مجمل الأوضاع في الداخل البرازيلي والخارج مع دول العالم عموما، ومجموعة البريكس، التي تنضوي تحت لواءها البرازيل، وأيضا داخل دول أميركا الجنوبية. لإن مواقفه ستتصادم مع روح وركائز الإتفاقات المبرمة مع دول العالم والمجموعات الإقليمية والدولية. 

وبعيدا عن حجم الأزمات والمشاكل، التي سيضيفها بولسونارو للبرازيل، فإن مواقفه المعادية للشعب الفلسطيني، والتي تتناقض مع القانون الدولي، وخيار السلام والأمن الإقليمي والعالمي، فإنه وفق ما صرح به السفير الفلسطيني عبد الهادي في البرازيل، لن يستطيع من نقل السفارة إلى القدس. لا سيما وإن القوى البرازيلية الأخرى داخل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وايضا من قطاعات الشعب المختلفة ستحول دون ذلك، ومن تابع التحركات في الشارع البرازيلي لاحظ الحراك الإجتماعي والسياسي قد بدأ. وبالتالي بقدر ما هو مطلوب من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ووزارة الخارجية إتخاذ ما يلزم من الإجراءات الإحتياطية لتفادي أثر الإنقلاب الحاصل في البرازيل، وهي دولة مركزية ليس في أميركا اللاتينية انما في العالم، بقدر ما يجب أن تتجه لتعزيز العلاقات مع اللوبيات الداعمة للقضية الفلسطينية في الداخل البرازيلي، وأيضا للقوى الحليفة في القارة الأميركية الجنوبية، وأيضا بالتسلح بمواقف الدول الشقيقة وجامعة الدول العربية، التي عبر أمينها العام، احمد ابو الغيط عن رفض موقف الرئيس البرازيلي الجديد، وايضا دول منظمة التعاون الإسلامي، ومجموعة ال77 زائد الصين، وإستثمار كل جهد ممكن لتقليل حجم الخسائر نتاج التطور الحاصل.  

وعندما أؤوكد ان فوز الرئيس اليميني المتطرف ليس نهاية المطاف، لإعتقادي أنها مرحلة مؤقتة وتمضي، وبالتالي لا يجوز لهذا التطور غير الإيجابي ان يؤثر سلبا في طبيعة العلاقات القوية، التي تربط فلسطين وشعبها مع النخب والقوى السياسية البرازيلية المساندة للقضية الفلسطينية، ومن يعود بذاكرته القريبة للخلف قليلا سيذكر أن العلاقات الفلسطينية البرازيلية شهدت تطورا ملحوظا زمن الرئيسين الأسبقين: لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، وديلما روسيف، وبالتالي وصول الرئيس اليميني يحتم على جهات الإختصاص الفلسطينية والعربية تقوية الروابط مع قطاعات الشعب البرازيلي، وليس العكس. 

وبالمحصلة هذة طبيعة العلاقات السياسية والديبلوماسية مع الدول، وعلينا دائما أن نضع في الحسبان أسوأ السيناريوهات في العلاقة مع دول العالم، حتى لا نفاجأ بحدث ما، وهو ما يفرض التواصل الحثيث مع النخب والقوى السياسية المختلفة في دول العالم كافة، وإبقاء أوراق قوة دائما في اليد الفلسطينية لطرحها في وجه القوى المعادية للقضية الفلسطينية. 

[email protected]

[email protected]   

    

التعليقات