الـ"مابوتشي" شعب خلده التاريخ.. محاربو "أراوكو" دافعوا عن حرية الأمريكتين ضد الغزاة

الـ"مابوتشي" شعب خلده التاريخ.. محاربو "أراوكو" دافعوا عن حرية الأمريكتين ضد الغزاة
توضيحية
رام الله - دنيا الوطن
خلال عام 1492م، اكتشف "كريستوفر كولومبس" الأمريكتين، في وقت كانت فيه أرضًا غير معروفة للأوروبيين، وسرعان ما امتلأ قلب العالم بالشغف، نحو تلك الأرض الغنية بالذهب والثروات، وشنت القوى الأوروبية المتمكنة حروبا للنهب والسرقة، كان أشهرها معركة "أراوكو".

وكان يسكن هذه الأراضي، أبناؤها الأصليون، من شعب "مابوتشي"، الذين عُرفوا بالشراسة في القتال من أجل الحرية، والاستمرار في الحرب إلى النهاية مهما طالت، ودافع هؤلاء عن أرضهم ضد الغزاة، ليسجل التاريخ واحدة من أشرس المعارك.

من هم شعب الـ"مابوتشي"؟

يتكون الـ"مابوتشي"، من الشعوب الأصلية الأمريكية التي تمركزت في وسط وجنوب تشيلي، وجنوب الأرجنتين، ولفظ "مابوتشي" يعني "أهل الأرض"، حيث إن"مابو" تعني أهل، و"تشي" هي الأرض.

ويشكل الـ"مابوتشي" نحو 4٪ من سكان تشيلي، ويتوزعون بشكل خاص في منطقة "أروكانيا"، وأيضا في منطقتي "باتاغونيا" التشيلية والأرجنتينية، واقتصادهم قائم على الزراعة، والتنظيم الاجتماعي، يتكون من الأسر الممتدة.

وعرق الـ"مابوتشي" واسع الانتشار، وتجمع فئاته تقاليد اجتماعية والدينية وهيكل اقتصادي متماسك، فضلا عن التراث اللغوي المشترك، والنفوذ الممتد بين نهر "أكونكاغوا"، وأرخبيل "شيلوي"، مرورا بـ"بامبا" الأرجنتينية، ويطلق على لغتهم اسم "مابودنوجون".

حرب "أراوكو" بين ال"مابوتشي" والإسبان

حتى يومنا هذا، يقيم أحفاد الـ"مابوتشي"، الغاضبون من الدولة التي تدمر غاباتهم، بنى تحتية حديثة في تشيلي، نضالا من أجل الحفاظ على أراضيهم، وفي المقابل تتعامل الدولة معهم كإرهابيين، فتزيد من قمعها لهم، مما أشعل حروبا امتدت منذ عام 1536م، حيث بدأ صراع دموي بين الـ"مابوتشي" والإسبان، والمعروف باسم معركة "أراوكو".

وقبل نحو 500 عام، وفي السنوات الأولى لحرب "أراوكو"، التي طال أمدها في أمريكا الجنوبية حتى عام 1883، هز الغزاة الإسبان صفوف الـ"مابوتشي"، في معركة "لاجونيلاس" بالقرب من نهر "بيو بيو" في جنوب تشيلي، وتمكنوا من أسر 150 مقاتلا.

"غالفارينو" بطل مابوتشي

وكان من بين الأسرى الـ150 المابوتشيين الذين تم نقلهم إلى معسكرات الأسبان، رجل يدعى "غالفارينو"، وهو بطل قاد فرقة من جنود "مابوتشي" في الحرب، وتمت إدانة الجنود بالتمرد، والخروج عن الحكم الإسباني، وأمر الحاكم "غارسيا هورتادو دي ميندوزا"، بقطع اليد اليمنى والأنف من جسد كل محارب منهم.

وعندما وصل الأمر إلى "غالفارينو" أصدر الحاكم الإسباني مرسومًا، بوضع كلتا يديه تحت الفأس، وأمره بعد إطلاق سراحه مع بعض الجنود الآخرين، بإخبار قائدهم الكوبوليكي، بضرورة الاستسلام، لعدم إراقة المزيد من الدماء، ولكن إطلاق سراح "غالفارينو" كان خطأ فادحا!

وحين عاد"غالفارينو"، طلب من القائد مواصلة القتال ضد الغزاة الإسبان، وأكد أنه سيساعد في المعركة، رغم أنه أصبح بلا يدين، وخطب في الشعب بكل قوة وحماس، وشارك فعلا في المعارك معتمدا على فكرة للقتال عبر تثبيت "سكاكين" في معصميه بدلا من يديه المقطوعتين.

نهاية "غالفارينو".. موت أسطوري

في 30 نوفمبر عام 1557، قاد "غالفارينو" جيشًا من 3 آلاف جندي، ضد 1500 من الإسبان في معركة"ميلارابو"، لكن رغم هذا التفوق العددي لمقاتلي الـ"مابوتشي"، كانت احترافية الجنود الإسبان عاملا حاسما، في ظل الدروع الفولاذية، والبنادق، التي كانوا مدججين بها، وتمكنوا من الفوز في المعركة بسهولة.

وقتل جميع جنود "مابوتشي"، ولم يتعرض الغزاة الإسبان، إلا لإصابات طفيفة، وحُكم على معظم رجال "غالفارينو" بالإعدام، وحين قدمت له فرصة السجن بدلا من الإعدام، رفض قائلا: "أفضّل الموت على العيش مع أمثالكم".

ما حدث لـ"غالفارينو"، بعد أن قال هذا لأعدائه غير معروف على وجه اليقين، حيث يعتقد البعض أنه شُنق، فيما زعم آخرون أنه أطلقت أعداد كبيرة من الكلاب عليه، وهناك ادعاء ثالث بأنه قتل نفسه!










التعليقات