هل القلق أمر طبيعي؟

هل القلق أمر طبيعي؟
د يسر الغريسي حجازي

هل القلق امر طبيعي؟

"إن الحزن يحفزني ، إذا اختفى ، لن يكون ذلك علامة جيدة"

يواكيم فينيكس

من منا لا يعاني من القلق؟ كيف نتغلب على هذه الظاهرة الطبيعية؟ من هم الناس القلقون؟ في البداية، يجب أن نسأل أنفسنا: "لماذا نفكر سلبًا ونقبل ان نعاني و ندمر حياتنا وحياة من هم من حولنا؟" يمكننا ببساطة ومع الكثير من الإرادة، محاربة هذا الشعور بالضيق والمحنة. 

كل شيء يبدأ بخيبة أمل أو استياء ، بمجرد التفكير أنه يمكن ان نفشل. كما ان تكرار الفشل يجعل الأمر أكثر صعوبة في قبول الوضع الذي نحن عليه ، و هكذا تصبح مخاوفنا معتادة على نوبات الهلع. في علم النفس ،القلق أمر طبيعي وهو جزء من نظام الدفاع الانسان لحمايته من الاضطرابات النفسية. 

قد يشعر المرء بالأسى بعد فشل دراسي ، أو فقدان وظيفة، أو تغيير اقامة قسرا. وهذا يعتبر رد فعل مقاوم وعكسي. ببساطة، إذا تتركز مخاوفنا حول حياتنا اليومية، والشعور  بالتهديد في كل وقت، والخوف من فقدان الصواب ليكون لنا دائما شكوك و خوف من مواجهة اليوم التالي الغير معروف ، هو علامة قلق حقيقي. إنه بمثابة خوف لأي تغيير جديد في الحياة بسبب اننا لا نعرف ماذا سنواجه. ذلك يسمي اختلال في حياتنا اليومية ، وعلامة كئيبة يمكن أن تعوق حياتنا. 

يمكن للقلق أن يغرقنا في الانهيار العصبي إذا لم يتم معالجتهه. في الواقع ، يمكن أن يؤثر القلق على صحتنا إذا تجاهلناه ، ويمكن أن ينمو أيضًا ويجعل حياتنا غير محتملة. هذه العقبات اليومية هي علامة على الإجهاد ، لذلك من الضروري طلب المساعدة من الخارج أو التحدث إلى العائلة أو الأصدقاء. 

مهما كان سبب هذه المخاوف التي قد تكون ارتباكًا من الماضي أو ضغوط الحاضر ، فمن الضروري طلب النصيحة من حولنا.

إن رفض ما يحدث لنا هو إنكار للواقع، والتكيف مع الطاقات السلبية. كما تعمل الانهزامية على أجسادنا لجعلها ضعيفة ودون ردة فعل. 

ولكن، ان اللامبالاة هي بداية الحرب ضد النفس ومصدر جديد للتحديات والصراعات مع من هم من حولنا. القلق هو حقيقة عدم قبول ما يحدث لنا ، فالحجج الكاذبة وإصرارنا على إثبات أننا دائمًا على حق، يجعل من الصعب التعافي من خيبة الأمل. ومع ذلك ، فهذه هي طريقة التفكير المنطقية والاستفادة الكاملة من إمكانات الانسان. إن السعي لفهم ما يحدث لنا، هو اتخاذ اتجاه آخر والعمل بشكل مختلف للتغلب على مخاوفنا. لماذا لا نقوم بانشاء مصفوفة خاصة بنا، و جمع المعلومات  حول الأنشطة التي نريد القيام بها، للتحليل أهدافها ونتائجها، ونسبة مخاطر الفشل فيها. سوف يمكّننا هذا الإطار المنطقي من تحليل مواردنا بشكل أفضل، وتحسين كيفية استغلال إمكاناتنا بشكل صحيح. لنبدأ بالخطوات التالية: 

  1- ان نتعلم إدارة عواطفنا هو تطوير الحدس لدينا والثقة بالنفس، لأن الانتقادات تزعزعنا وتضللنا. لذا علينا دراسة إمكانياتنا في أي حالة ،والاعتراف بنقاط ضعفنا وتحديد نقاط قوتنا والعمل بها مع قبول الوضع الذي نحن عليه. ان التحضير الذهني هنا مهم لبناء الثقة وتأكيد الذات، كالتالي:

  2-ايجاد مسارنا الشخصي أو المهني ، هو جزء من تحقيق الذات والمواءمة الجسدية والاسترخاء الذهني ،

  3-من المهم عدم الحكم على النفس بشدة ،لأننا لسنا مسؤولين عن كل شيء ، ولكن من المهم أيضا تحديد مواردنا الخاصة، وتعلم التعرف على قدراتنا من أجل تصحيح المسار، 

  4- أن ننجح ونتاكد من قراراتنا ،فهي بمثابة الحفاظ على التوازن والأداء الدائم و الشعور الإيجابية،

  5-ان التحكم في تطور مراحل التغيير، هو إعادة توجيه أهدافنا والتغلب على خيبات الامل من اجل تحسين قدراتنا العقلية والجسدية. كما ان ممارسة الرياضة أو النشاط العقلي، يساعد على التركيز و النظر إلى الأمور بموضوعية أكثر.

6-أن نعيش التغيير يعني أن نواجه تحدياته، و ان نتغلب على المعوقات. 

ما يجب فهمه، هو أن التحديات وخيبات الأمل يعززان شخصيتنا حتى ندرك لاحقاً ، أنها ساهمتا في رؤية أخطاءنا، والتعرف عليها اجتماعياً وعاطفياً وجسدياً. كما يجب أن يحدث ذلك دون عدوان، ولكن مع قوة العقل والعزم الداخلي. 

ان التقدم في تطوير الشخصية، يمنح السلام الداخلي والانسجام في الأسرة والعمل والمجتمع، فضلا عن فرصة للحصول على السعادة. وأخيراً ، إن القلق هو نداء التحذير الذي يعلمنا أن نتخذ مواقف مختلفة، وافكار جديدة ، والاستفادة من التجارب التي تحدث لنا. ان التحديات هي عوامل مهمة في الانتقال من حالة إلى أخرى. 

 أهم شيء هو أن نسأل انفسنا إذا كنا نريد البقاء على وضع سيء مع معنويات سيئة، أو التصرف من خلال اتخاذ موقف جديد والحفاظ على روح إيجابية ومتوازنة. كما ان الاسترخاء أو ممارسة الرياضة، هما بمثابة تدريب عقلي وجسدي جيد لتحسين الصور العقلية و صقل الشخصية الفردية. ان ممارسات التطوير الشخصي حقيقية، لأنها تبني احترام الذات وتساعد على استعادة حياة متوازنة.  

التعليقات