أسباب القرار الأردني

نبض الحياة
أسباب القرار الأردني
عمر حلمي الغول
كان للقرار الأردني مطلع الثلث الأخير من الشهر الحالي إكتوبر 2018 بإستعادة السيادة على منطقتي الباقورة في الشمال والغَّمر في الجنوب، والتي لا تزيد مساحتا المنطقتين عن عشرة كيلومترات مربعة أثر متفاوت عند القيادتين والشارعين الأردني والإسرائيلي، فالشعب والنخب السياسية في المملكة إستقبلت قرار الملك عبد الله الثاني بالإيجاب والإرتياح والتثمين، في حين كان الصدى في الأوساط الإسرائيلية سلبيا وغير مرحب به، ليس هذا فحسب، انما طالب نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية الملك الأردني وحكومتة التريث ووضع القرار على طاولة المفاوضات مجددا للبحث والتمحيص. مع ان إتفاقية وادي عربة، الموقعة في ال26 من إكتوبر 1994، نصت في ملاحقها الخاصة بالمنطقتين المذكورتين على حق الأردن بإستعادة السيطرة عليها، وإعادتها للسيادة الأردنية بعد ربع قرن من التوقيع على الإتفاقية. وبالتالي القرار الأردني جاء في وقته وأوآنه، ولم يخرج عن النص المتفق عليه بين الجانبين.
لكن دولة الإستعمار الإسرائيلية لا تفهم، ولا تلتزم بالقوانين والمعاهدات، وعليه من الصعوبة الإفتراض بأن حكومة الإئتلاف اليميني المتطرف الحاكم الإذعان للقرار الأردني، وستضع كل العصي في دواليب السيادة الأردنية لتحول بينها وعودة المنطقتين لها، وقادم الأيام سيكشف عن الألاعيب الإسرائيلية للإلتفاف على إتفاقية وادي عربة. وأستحضر في هذا المقام موقف لا ينسى للأخ الرئيس ابو مازن عندما سألته عام 2008 عن آفاق التسوية السياسية مع إسرائيل، رد قائلا: "بالنسبة للأغوار الفلسطينية، إسرائيل تسعى لإستئجارها لمدة اربعين عاما. لكن إذا وافقنا على تأجيرها لإربعين ثانية لن تخرج منها أبدا."
وبعيدا عن إنعكاسات القرار الأردني على الشارعين، فإن الخطوة الأردنية لم تأتِ من فراغ، ولا لكون إتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية تسمح بذلك بعد ربع قرن، إنما للإعتبارات الداخلية الأردنية، حيث أولا رفع ثمانون نائبا أردنيا مذكرة لعبدالله الثاني عشية طي صفحة خمسة وعشرين عاما على الإتفاقية، ورهنوا موافقتهم على منح الثقة لحكومة الرزاز مقابل إلغاء الملحقين الخاصين بالباقورة والغَّمر، وهو ما دعى الملك للموافقة على طلب النواب؛ ثانيا ضغط الشارع الأردني ونخبه السياسية على الحكومة والسلطات الأردنية عموما للإنفكاك من الإتفاقيات المبرمة مع دولة الإستعمار الإسرائيلية؛ ثالثا العبث والتطاول الإسرائيلي على دور ومكانة الأردن في الوصاية على المقدسات في القدس الشرقية، العاصمة الفلسطينية الأبدية، وأيضا لنفض يدها مع الولايات المتحدة كليا من حماية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، والعمل على تصفيتها أو تقزيمها، وإنعكاس ذلك على الوضع السياسية والإقتصادي والإجتماعي الأردني مستقبلا، بالإضافة لرفض إلتزام حكومة نتنياهو بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، ومواصلة إستباحة الحقوق الفلسطينية؛ رابعا التحولات التي تشهدها المنطقة العربية وخاصة في دول الجوار الأردني، وإنعكاس ذلك على مستقبل الإقليم يرمته.
نتيجة لجملة الأسباب والعوامل المذكورة، وفي قراءة عميقة بين حسابات الربح والخسارة الأردنية، وجد عبدالله الثاني أن الخيار الأفضل والأنسب له وللحكومة والشعب، هو خيار إلغاء الملحقين، وإستعادة السيادة الأردنية عليها، لا سيما وان الجانب القانون والسياسي ينسجم مع التوجهات والقرار الأردني، ويعزز مكانة جلالته، ويبعد شبح التوترات عن الأردن ومركباته الإجتماعية والإقتصادية.
وأعتقد أن كل من الولايات المتحدة وحكومة اليمين المتطرف تستطيع "تفهم" حاجات الملك والعائلة المالكة لإستقرار النظام، دون ان يلزم إسرائيل على أقل تقدير بالموافقة عليه، ومحاولة ثنيها الملك الأردني عن خياره. لإن أولوياتها تقوم على تعزيز مصالحها الإستعمارية حتى لو كانت على حساب الملك وما يمثل.
[email protected]
[email protected]
أسباب القرار الأردني
عمر حلمي الغول
كان للقرار الأردني مطلع الثلث الأخير من الشهر الحالي إكتوبر 2018 بإستعادة السيادة على منطقتي الباقورة في الشمال والغَّمر في الجنوب، والتي لا تزيد مساحتا المنطقتين عن عشرة كيلومترات مربعة أثر متفاوت عند القيادتين والشارعين الأردني والإسرائيلي، فالشعب والنخب السياسية في المملكة إستقبلت قرار الملك عبد الله الثاني بالإيجاب والإرتياح والتثمين، في حين كان الصدى في الأوساط الإسرائيلية سلبيا وغير مرحب به، ليس هذا فحسب، انما طالب نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية الملك الأردني وحكومتة التريث ووضع القرار على طاولة المفاوضات مجددا للبحث والتمحيص. مع ان إتفاقية وادي عربة، الموقعة في ال26 من إكتوبر 1994، نصت في ملاحقها الخاصة بالمنطقتين المذكورتين على حق الأردن بإستعادة السيطرة عليها، وإعادتها للسيادة الأردنية بعد ربع قرن من التوقيع على الإتفاقية. وبالتالي القرار الأردني جاء في وقته وأوآنه، ولم يخرج عن النص المتفق عليه بين الجانبين.
لكن دولة الإستعمار الإسرائيلية لا تفهم، ولا تلتزم بالقوانين والمعاهدات، وعليه من الصعوبة الإفتراض بأن حكومة الإئتلاف اليميني المتطرف الحاكم الإذعان للقرار الأردني، وستضع كل العصي في دواليب السيادة الأردنية لتحول بينها وعودة المنطقتين لها، وقادم الأيام سيكشف عن الألاعيب الإسرائيلية للإلتفاف على إتفاقية وادي عربة. وأستحضر في هذا المقام موقف لا ينسى للأخ الرئيس ابو مازن عندما سألته عام 2008 عن آفاق التسوية السياسية مع إسرائيل، رد قائلا: "بالنسبة للأغوار الفلسطينية، إسرائيل تسعى لإستئجارها لمدة اربعين عاما. لكن إذا وافقنا على تأجيرها لإربعين ثانية لن تخرج منها أبدا."
وبعيدا عن إنعكاسات القرار الأردني على الشارعين، فإن الخطوة الأردنية لم تأتِ من فراغ، ولا لكون إتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية تسمح بذلك بعد ربع قرن، إنما للإعتبارات الداخلية الأردنية، حيث أولا رفع ثمانون نائبا أردنيا مذكرة لعبدالله الثاني عشية طي صفحة خمسة وعشرين عاما على الإتفاقية، ورهنوا موافقتهم على منح الثقة لحكومة الرزاز مقابل إلغاء الملحقين الخاصين بالباقورة والغَّمر، وهو ما دعى الملك للموافقة على طلب النواب؛ ثانيا ضغط الشارع الأردني ونخبه السياسية على الحكومة والسلطات الأردنية عموما للإنفكاك من الإتفاقيات المبرمة مع دولة الإستعمار الإسرائيلية؛ ثالثا العبث والتطاول الإسرائيلي على دور ومكانة الأردن في الوصاية على المقدسات في القدس الشرقية، العاصمة الفلسطينية الأبدية، وأيضا لنفض يدها مع الولايات المتحدة كليا من حماية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، والعمل على تصفيتها أو تقزيمها، وإنعكاس ذلك على الوضع السياسية والإقتصادي والإجتماعي الأردني مستقبلا، بالإضافة لرفض إلتزام حكومة نتنياهو بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، ومواصلة إستباحة الحقوق الفلسطينية؛ رابعا التحولات التي تشهدها المنطقة العربية وخاصة في دول الجوار الأردني، وإنعكاس ذلك على مستقبل الإقليم يرمته.
نتيجة لجملة الأسباب والعوامل المذكورة، وفي قراءة عميقة بين حسابات الربح والخسارة الأردنية، وجد عبدالله الثاني أن الخيار الأفضل والأنسب له وللحكومة والشعب، هو خيار إلغاء الملحقين، وإستعادة السيادة الأردنية عليها، لا سيما وان الجانب القانون والسياسي ينسجم مع التوجهات والقرار الأردني، ويعزز مكانة جلالته، ويبعد شبح التوترات عن الأردن ومركباته الإجتماعية والإقتصادية.
وأعتقد أن كل من الولايات المتحدة وحكومة اليمين المتطرف تستطيع "تفهم" حاجات الملك والعائلة المالكة لإستقرار النظام، دون ان يلزم إسرائيل على أقل تقدير بالموافقة عليه، ومحاولة ثنيها الملك الأردني عن خياره. لإن أولوياتها تقوم على تعزيز مصالحها الإستعمارية حتى لو كانت على حساب الملك وما يمثل.
[email protected]
[email protected]
التعليقات