ماس يبحث مدى جذب المناطق الصناعية الفلسطينية للاستثمارات

رام الله - دنيا الوطن
عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) في مقره برام الله اليوم الأربعاء الموافق 24/10/2018 لقاء طاولة مستديرة بعنوان "مدى جذب المناطق الصناعية الفلسطينية للاستثمارات" شارك فيه مدعوون من القطاعين العام والخاص، وذوي الاختصاص.

 وتأتي هذه الجلسة ضمن سلسلة لقاءات الطاولة المستديرة التي يعقدها المعهد لمناقشة قضايا اقتصادية واجتماعية هامة وذات أولوية لصانع القرار الفلسطيني.

هذا وقد اعد نصر عطياني، مدير العام لشركة أريحا لتطوير المنطقة الصناعية، ورقة خلفية عن هذا الموضوع، حيث أوضح أهم خصائص المناطق والمدن الصناعية في فلسطين. وعرض كذلك أهم الحوافز التشجيعية كما ورد في القوانين الفلسطينية وقرارات الحكومة. وقدم المداخلات الرئيسية في الجلسة كل من د. محمد نصر الخبير الاقتصادي واستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت، ود. عودة زغموري الأمين العام للاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، والسيدة فدوى عازم مدير التخطيط في الهيئة العامة للمدن الصناعية والمناطق الحرة. وقد ادار الجلسة د. بلال فلاح، مدير البحوث في "ماس.  

وفي عرضه للورقة، طرح عطياني أهمية المناطق الصناعية لما تلعبه من دوراً أساسياً في عملية التنمية الاقتصادية في مختلف دول العالم، وذلك نتيجة مساهمتها الكبيرة في التشغيل وفي الناتج المحلي الإجمالي والتصدير، وغير ذلك من المؤشرات الاقتصادية الكلية. وقد شكلت المناطق الصناعية رافعةً اقتصادية حقيقية لاقتصادات العديد من الدول،

وقد بين عطياني الأهمية التي تلعبها المناطق والمدن الصناعية في التنمية الاقتصادية وبين الدوافع الرئيسية من انشائها، والتي تضم تطوير الصناعات، وترويجها، وتجميعها ضمن حيز جغرافي بعيدا عن المناطق الصناعية بما يحقق أهداف الإنتاج والتصدير.

 وأشار عطياني إلى ان السلطة الفلسطينية بدأت بالتحضير لإنشاء مناطق صناعية منذ عام 1996 عندما قامت بإنشاء دائرة مختصة بمتابعة برنامج المناطق الصناعية تابعة لوزارة الصناعة الفلسطينية، حسب ما كانت تسمى في ذلك الوقت، ثم حوّلتها في العام 1998 إلى مؤسسة مستقلة لتكون النافذة الاستثمارية في المناطق الصناعية الفلسطينية، وهي "الهيئة العامة للمدن الصناعية والمناطق الصناعية الحرة".

 وبعد ذلك أصدرت السلطة الفلسطينية في العام نفسه قانون رقم 15 لسنة 1998 بشأن المدن والمناطق الصناعية الحرة، إضافة إلى مجموعة من القوانين في الشأن الاقتصادي. وتوّجت هذه الجهود بإنشاء عدة مناطق صناعية بالتعاون مع الدول المانحة والمؤسسات الدولية الداعمة، وهذه المناطق موزعة كما يلي: منطقة غزة الصناعية، ومدينة اريحا الزراعية الصناعية، ومنطقة جنين الصناعية، ومنطقة بيت لحم الصناعية، إضافة الى منطقة ترقوميا الصناعية والتي مازالت في طور التحضير.

من جانبه بين د. محمد نصر ارتباط انشاء وتطوير المدن والمناطق الصناعية بعملية التنمية الاقتصادية في فلسطين. وأوضح انه يجب التحديد بشكل دقيق مدى قدرتها على جذب الاستثمارات الجديدة، وخصوصا وأن نسبة كبيرة من المصانع القائمة في هذه المدن ناتجة عن نقل الاستثمار اليها من مواقع سابقة. وأشار إلى انه يجب دراسة تجارب الدول الأخرى لمعرفة أسباب النجاح والفشل وتحديد دور السياسات الحكومية. كما أشار الى أهمية دور المدن والمناطق الصناعية على خلق فرص عمل إضافية قدرتها، وحماية الأراضي الفلسطينية من الزحف الاستيطاني، وتشجيع إقامة صناعات صغيرة والتي تشكل النسبة الأكبر من المنشآت الصناعية.

فيما أشار د. عودة زغموري إلى أهمية دعم الدول المانحة في انشاء المدن الصناعية في فلسطين واكد على أهمية الاستفادة من تجارب الدول الأخرى مثل تركيا والاخذ منها بما يناسب الواقع الفلسطيني.

 وبين د. زعموري أهمية توفير البنية التحتية الخاصة والملائمة للاستثمار، من أراض ومبان وخدمات الكهرباء والمياه والمواصلات. كذلك ضرورة أن تكون هذه المناطق قريبة من المناطق التسويقية والمعابر الحدودية التصديرية. الا انه حذر من ان انخفاض قيمة هذه المنح أو توقفها من شأنه التأثير على جذب منشآت جديدة. لذلك لا بد من التفكير بآليات تحفيزية جديدة حال توقف هذه المنح.

ومن جانبها أكدت السيدة فدوى عازم على أن هناك العديد من المشاريع في البنية التحتية التي نفذتها هيئة المدن والمناطق الصناعية الحرة في العديد من المدن الصناعية الحالية، والتي ساهمت في تقليل تكاليف الكهرباء والمياه فيها. وبينت الدور الذي تلعبه الهيئة والمدن الصناعية في تحيق العديد من اهداف اجندة السياسات الوطنية 2017-2022، والمتمثلة بزيادة الاستثمارات الصناعية. وأوضحت تأثير الوضع السياسي الحالي في الأراضي الفلسطينية على خلق العقبات امام الاستفادة القصوى من إمكانيات هذه المدن.

وأخيرا، بينت تأثير شح الموارد الحكومية في دعم هيئة المدن الصناعية، وانعكاس ذلك على انخفاض الكادر البشري اللازم للإشراف على هذه المناطق، وبالتالي صعبت من عملية الاستغلال الأمثل لجهود وطاقات الهيئة في دعم المدن والمناطق الصناعية.

وتخلل الجلسة العديد من المداخلات من قبل الحضور حيث تم التأكيد على أهمية وجود تعاون بين الحكومة والمطورين للترويج لهذه المدن وتشجيع الاستثمار فيها، وضرورة مراجعة عقود الامتياز بين الحكومة والقطاع الخاص والمختصة بتطوير هذه المدن، وتقليل الوقت اللازم لإتمام المعاملات في الدوائر الحكومية المختلفة.

وفي هذا الصدد، تم التأكيد على ضرورة تطبيق نظام النافذة الموحدة لتقليل الجهد والوقت اللازم لإجراء المعاملات الورقية المتعلقة بإنشاء المشاريع في هذه المدن، بالإضافة إلى التركيز على توفير الحوافز الاقتصادية المتمثلة بتقليل تكاليف الإنتاج على القطاع الخاص، والحوافز المالية والمتمثلة بتقديم تسهيلات وضمانات للقروض المقدمة لهذه المشاريع.