نادي المسنين: سيرة وفاء للآباء والأمهات والأجداد والجدات

نادي المسنين: سيرة وفاء للآباء والأمهات والأجداد والجدات
نادي المسنين
رام الله - دنيا الوطن
يبلغ عدد المسنين في المجتمع الفلسطيني بحسب أخر الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني والذين تزيد أعمارهم عن ستين عامًا، أكثر من 233 ألفًا، بنسبة خمسة في المئة من مجموع السكان. وهذه الشريحة تعد الأكثر عطاءاً وتضحية ولها دور مميز إطلعت به في فلسطين نظراً للظروف الخاصة التي مر ولا زال يمر بها الشعب الفلسطيني في المئة عام الأخيرة في سيرة سعيه للتحرر وإقامة دولته المستقلة، وخلال هذه المسيرة دفع المسنون الفلسطينيون ذكوراً وإناثاُ الكثير من المعاناة والألم فمنهم الشهداء والأسرى وأباء وأمهات الشهداء والجرحى وأصحاب المنازل المهدمة والأراضي المصادرة، وأمام هذه التضحيات ونظراً لما قدمه هؤلاء وجدت مؤسسة لجان العمل الصحي نفسها أمام ضرورة ملحة تنسجم مع فلسفتها في تقديم الخدمات الصحية والتنموية وإيلاء الاهتمام بهم وبصحتهم وإحتياجاتهم.

البداية كانت ضمن الخدمات الصحية التي تقدم في عيادات ومراكز المؤسسة والموجهة والمتخصصة في صحة روادها من كبار السن قبل أن يرى نادي المسنين النور عام 1997 والذي تعود جذور نشأته إلى العام 1984 إذ تحقق وقتها الحلم بترخيص جمعيةتنمية الأسرة من قبل إتحاد الجمعيات الخيرية والشؤون الاجتماعية والتي كان من أهم أهدافها رعاية المسنين في كبرهم. بعد ذلك تم إستئجار مقر للنادي حيث كان أول نادي ترفيهي للمسنين في الضفة والقطاع.

وفي عام 1997 توجه أعضاء الجمعية إلى مؤسسة لجان العمل الصحي لتقوم بإدارة النادي والإشراف عليه، ومنذ تلك اللحظة وحتى يومنا هذا أصبح نادي المسنين تحت إشراف مؤسسة لجان العمل الصحي.

يعد نادي المسنين فكرة راودت مجموعة من سيدات بيت ساحور ممن تميزن بالحس الإنساني ولديهن القدرة والرغبة في خدمة مجتمعهن، فبحثن عن أسس إقامة نادي يقدم خدمة للمسنين الذين آن لهم أن يستريحوا ويجدوا كل التقدير والعرفان بالجميل للجهد المضني الذي بذلوه.

واليوم يعد نادي المسنين الذي تديره مؤسسة لجان العمل الصحي في بيت ساحور من أبرز النماذج التنموية التي تستهدف قطاعاً مهمشاً من الشعب الفلسطيني، فهو يمثل نموذجاً بامتياز ليس في محافظة بيت لحم فقط بل على مستوى الوطن في مختلف جوانب الخدمات والرعاية التي يقدمها، بيئية كانت أم صحية أم إجتماعية أم نفسية وثقافية، حيث أن نادي المسنين، وإنطلاقاً من البعد الحقوقي الذي ينظم برامجه، يسعى لتشكيل قوة ضاغطة لإنتزاع قانون منصف وعادل لقطاع المسنين في المجتمع الفلسطيني.

خدمات النادي لرواده:

        يعمل النادي على بناء نموذج لتعزيز الدور المجتمعي للمسنين بما يوفر إحتياجاتهم ويناصر حقوقهم. كما يقوم بالعديد من النشاطات التوعوية والثقافية والاجتماعية والترفيهية والإدارية بالإضافة إلى النشاطات الصحية التي ترعى المسنين وتقوم على رعايتهم. حيث أصبح نادي المسنين نموذجاً مميزاً ومعززاً لدور المسن في المجتمع الفلسطيني لما تحرص عليه إدارة نادي المسنين من تجنيد لكافة الموارد وإستثمار لكافة الجهود لنصرة وتبني قضايا المسنين الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية والصحية. بالإضافة لما تعيره من إهتمام وتوفير للجوانب الترويحية والثقافية بما يتناسب مع إحتياجات وواقع المسنين والمسنات. فالنادي يقدم خدمات التعزيز والتثقيف الصحي في مواضيع وأمراض المسنين بالإضافة إلى توفير فحوصات مخبريه وطبية مختلفة، وتوفير الأدوية لمنتسبيه من خلال التنسيق مع مركز بيت ساحور الطبيالتابع لمؤسسة لجان العمل الصحي. كما أن النادي يزودالمسنين بوجبات غذائية يومية، وينظم إحتفالات ونشاطات خاصة بالمناسبات الوطنية والدينية والاجتماعية التي يتم فيها توزيع الهدايا على المسنين.

و لا يقتصر عمل إدارة النادي على النشاطات التي تعقد في النادي بل وتتضمن تنظيم زيارات منزلية تفقدية لتقييم أحوال وظروف المسنين وللتواصل مع عائلاتهم، حيث أن رواد نادي المسنين أصبحوا رسلاً ينشرون رسالة ورؤية النادي في جميع أماكن تواجدهم ونشاطهم العائلي والمجتمعي.

فهدف النادي يتمثل بتشجيع المسنين للشعور بفرح الحياة وتقدير الذات في المجتمع خلال هذه الأوقات الصعبة من تاريخنا. كما يوفر النادي مكان راحة لحوالي 100 مسن/ة من مجتمعنا. حيث تلبى الاحتياجات المادية كما الاجتماعية لهؤلاء المسنين، حيث يأتي هؤلاء للنادي خمسة أيام في الإسبوع. كما ويقدم النادي وجبات خفيفة مغذية في كل صباح. بالإضافة إلى توفير الاحتياجات المادية للمسنين يقوم النادي أيضاً بتلبية إحتياجاتهم الاجتماعية، أما الثقافة والتراث الفلسطيني فهي محفوظة بشكل جزئي في مقره، ويتوفر للمسنين مكانلممارسة تقاليدهمالمجتمعية.

 أنشطة النادي

يقدم نادي المسنين لرواده الفحص الأسبوعي الدوري بإشراف مركز بيت ساحور الطبي التابع لمؤسسة لجان العمل الصحي، إلى جانب برامج للتعزيز والتثقيف الصحي يشرف عليها أطباء وممرضين وطلبة مختصون. وكذلك أنشطة وألعاب رياضية وترفيهية داخل وخارج النادي، وتنفيذ دورات كمبيوتر ودورات في محو الأمية، وتنظيم رحلات ترفيهية وزيارات لمواقع تاريخية ودينية، إلى جانب عروض لأفلام ومحاضرات تثقيفية في شؤؤن الصحة وغيرها وتنظيم لقاءات لجيل الشباب مع المسنين تهدف تعميم التجربة والخبرة ولتقليص الفجوة القائمة بين الأجيال المختلفة وتنظيم الاحتفالات في المناسبات الاجتماعية والوطنية وأبرزها يوم المسن العالمي.

وترى المؤسسة أن الخدمات التي تقدمها في النادي هي خدمات حيوية وأساسية لا سيما في ظل غياب خدمة التأمين الصحي في فلسطين، وعليه فالخدمات الصحية التي توفر في النادي تعد الوحيدة التي يتلقاها كبار السن في مجتمعنا. ولتخفيف العبء عن أسر كبار السن الذين غالباً لا يملكون سوى القليل من الموارد لتوفيرها لهم في شيخوختهم، وبسبب المشاكل الاقتصادية والسياسية التي لا زال الشعب الفلسطيني يواجهها ويعيشها فإن نادي المسنين هو أحد الأماكن القليلة التي يجد فيها المسنون الراحة والمساعدة. ويقوم مركز بيت ساحور الطبي بتوفير الخدمات الصحية عبر تقديم الفحوصات الإسبوعيه المجانية للمسنين في النادي، لـ 100 مسن/ة  منهم 31٪  يعانون من أمراض القلب وحوالي 57٪ يعانون من أمراض ذات الصلة مثل إرتفاع ضغط الدم وإرتفاع مستويات الكولسترول وغيرها.وغالبا ما ينخفض ​​الأداء البدني مع تقدم العمر ويمكن أن يؤدي إلى تدهور الصحة والقدرة على رعاية الذات.

 ويمكن القول أن النادي غير النظرة لمفهوم الملجأ فهو ناد يقضي فيه المسن وقته ويلتقي بأقرانه من نفس الجيل ويلاقي فيه الاحترام والمحبة. وهو ما أكده الرئيس محمود عباس عندما زار النادي حيث قال "إن هذا النادي لهو مثال يجب أن يجسد في جميع أنحاء فلسطين".

فلسفة النادي

تقوم فلسفة ناديالمسنين على إعتبار أن الرعاية النفسية والصحية والاجتماعية للمسنين وتقديم الخدمات لهم هي حق لهم يستوجب تثبيته في قانون. وانطلاقاً من البعد الحقوقي الذي ينظم برامجه، يسعى النادي لتشكيل قوة ضاغطة لإنتزاع قانون منصف وعادل لقطاع المسنين في المجتمع الفلسطيني.

أقسام النادي

يقدم النادي أنشطته وخدماته ضمن أقسام تشمل قسماً للألعاب الترفيهية وأخر للألعاب الرياضية إلى جانب قسم للتثقيف المتنوع يتم فيه عرض لأفلام ومحاضرات وتدريبات وورش.

ويأمل القائمون على نادي المسنين في المستقبل بناء مقر للعلاج الطبيعي يخدم المسنين والمجتمع المحلي. وتنفيذ حملة توثيق لتجارب وخبرات المسنين وفق منهجية التأريخ الشفوي بالتعاون مع طلبة الجامعات. وتطوير قدرات النادي بحيث يتمكن من تقديم خدمات الرعاية للمسنين في بيوتهم لمن لا يستطيعون القدوم إليه. والعمل على تقديم الرعاية والخدمة للمسنين على مدار 24 ساعة. وتطوير مرافق النادي بحيث يشمل حديقة لاستخدامات المسنين.