ملاحظات على الإجتماع

ملاحظات على الإجتماع
نبض الحياة 

ملاحظات على الإجتماع 

عمر حلمي الغول 

عقدت الأمانة العامة لمؤتمر الشعب العربي إجتماعها الثاني في مدينة المقر، تونس قبل نهاية النصف الأول من الشهر الحالي إكتوبر (2018)، وكان جدول الأعمال مليء بالنقاط ذات الصلة بعمل الامانة العامة والمؤتمر، بعضها اساسي والآخر ثانوي، أو ليس للبحث والنقاش. وقبل أن أدون ملاحظاتي على الإجتماع، أود أن أؤكد على أن عقده كان ضروريا وهاما، لاسيما وأنه تم تأجيله أكثر من مرة لإسباب ذاتية تتعلق بظروف العديد من أعضاء الأمانة. لذا جاء إلتئام الإجتماع كحاجة ماسة في خدمة الهدف والمهام الملقاة على عاتق الأحزاب والقوى المشاركة في المؤتمر الشعبي العربي، وعلى راسها النهوض بواقع الأمة العربية، وإخراجها من حالة التعثر والتشرذم السائدة في العالم العربي منذ العقد الأخير من القرن العشرين. والتصدي لكل التحديات الأميركية والإسرائيلية، ودعم كفاح منظمة التحرير الفلسطينية في تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في الحرية والإستقلال والعودة، والعمل على إطلاق روح العمل العربي المشترك، وتحرير إرادة العرب والنخب والقوى السياسية الوطنية والقومية والديمقراطية من أتباع القوى الدينية ذات الخلفيات القومجية، وخاصة ذات التوجهات الفارسية، وقطع الطريق على أدعياء "المقاومة" و"الممانعة"، التي تتستر خلف هذا القناع لتضليل الشارع العربي. لإن جمهورية الملالي الفارسية تحاول إستثمار الدين والطائفية كمدخل لإختراق الشعوب العربية لتحقيق مآربها القومجية. 

جال الإجتماع على العديد من الملفات والقضايا ذات الإهتمام المشترك، وعكس الحوار روح المسؤولية بشكل عام، ووطد نسبيا مسيرة العمل بين القوى والأحزاب والشخصيات من مختلف الأقطار العربية، وعزز لغة الحوار، كما وكرس مفاصل هامة من القواسم المشتركة وقلص بالمعايير النسبية نقاط التباين والإختلاف، وهي نقاط خلاف مشروعة وطبيعية بين القوى والشخصيات المتمثلة بالمؤتمر. 

وعلى أهمية ما تقدم، فإن الهدف ورسالة المقال ليس إبراز النقاط الإيجابية، على أهميتها وأولويتها، وإنما التوقف أمام بعض الثغرات والملاحظات السلبية بهدف تجاوزها في الإجتماعات القادمة، ولإغناء الحوار لصقل ركائز العمل القومي. ومن الملاحظات، التي تلمستها عشية وأثناء الإجتماع، هي التالية: أولا وضع جدول اعمال فضفاض وواسع، كما ورد أعلاه، بعض النقاط، لم تكن مدرجة على الإجتماع، وليس مطلوبا من الإجتماع الثاني إقرارها، لإنها مشاريع إقتراحات ورؤى سيتم التوقف امامها في الإجتماعات القادمة لرفعها لاحقا للمؤتمر الثاني للمصادقة عليها؛ ثانيا قصر وقت الإجتماع، وحشر الأعضاء في زمن ضيق، لم يسمح بمساحة مناسبة من النقاش؛ ثالثا الإفراط في نقاش بعض القضايا دون ترتيب، وبعيدا عن جدول الأعمال وأولوياته؛ رابعا تنسيب قوى عربية جديدة للمؤتمر، ومبادرة بعض أعضاء المكاتب العربية لدعوة ممثلي تلك القوى إلى مكان إنعقاد الإجتماع دون العودة لهيئة مكتب الأمانة العامة، وبدا كأن ذلك نوعا من فرض عضوية الأشقاء الجدد، ومن غير السماح للأمانة العامة بأخذ الوقت الكافي للسؤال عن خلفيات تلك القوى؛ رابعا إشراك أعضاء من أقطار عربية كبديل عن أشقاء أعضاء في الأمانة العامة، لم يتمكنوا من المشاركة لإسباب خاصة بهم، ومن دون أخذ موافقة أعضاء الأمانة العامة، حيث تفاجىء الغالبية بوجود أشخاص لا صلة لهم بالعضوية في الأمانة العامة. ومع الإحترام للأخوة والرفاق الذين شاركوا، فإن الطريقة، التي تمت فيها عملية مشاركتهم، كانت طريقة غير صحيحة. كما ان هذا الإسلوب لا يستقيم مع المبادىء الناظمة لعمل الأمانة العامة، وبالتالي لا يجوز أن تتكرر هذة العملية لاحقا تحت أي ظرف وسبب؛ خامسا الإنشداد من قبل ممثلي بعض البلدان للبعد القطري، والحسابات الصغيرة أثناء طرح القضايا او حتى الترشيحات لبعض المواقع أو حتى لتوسيع بعض المكاتب، وهذا امر مرفوض من حيث المبدأ، لإنه ليس بالضرورة أن يكون أعضاء المكاتب والفروع العربية جميعهم من أعضاء الأمانة العامة؛ سادسا تصرف البعض كأن الأمانة العامة والمؤتمر حكر على توجه معين، وهذا مرفوض جملة وتفصيلا. لإن الهيئات القيادية باتت، هي المقررة في مصير العملية القومية. شكرا بطبيعة الحال للقوى المبادرة للمشروع القومي الجديد، غير ان ذلك لا يعطيها الحق بالتصرف كوصية على المشروع، لإنها لم تعد صاحبة القول الفصل، وزيادة أو نقصان إسهامها في المؤتمر لا يلقي على المؤتمر والأمانة العامة أية تبعات، لإن إسهامات القوى واجب قومي، وليست منِة من أحد أو على الآخرين؛ سابعا وقوع العديد من ممثلي القوى المشاركة في عدم إستيعاب الرأي الآخر، والإفتراض أن المبادىء العامة للمؤتمر غير قابلة للنقاش والتباين بشأنها، أو إفتراض بعض القوى أن وجهة نظرها ملزمة للآخرين بشأن واقعها في بلدانها. كلا الإفتراضين غير صحيح نهائيا، لإن التقدير لواقع هذة الدول وشعوبها ونخبها بقدر ما يجب إحترام الشركاء ووجهات نظرهم في المؤتمر، بقدر ما يلزم تلك القوى بإحترام أراء الآخرين ورؤاهم بغض النظر عن مساحة التباين، لا سيما وان الهدف المركزي للجميع واضح ومحدد، ويقوم على طرد وتحرير البلدان العربية من كل الغزاة من إسرائيليين وأميركيين وإيرانيين وأتراك وغيرهم، وبناء مجتمعات وأنظمة سياسية ديمقراطية تؤمن حرية الشعب والأمة، وتعمل على تعزيز دور الإنسان العربي من خلال التنمية المستدامة، ووفق دستور يستجيب لحاجات وطموحات الشعوب العربية، والعمل على تحقيق المساواة بين المرأة والرجل؛ ثامنا مازال هناك ثغرات في اليات عمل بعض المكاتب المتخصصة، وتحتاج إلى إعادة نظر في برامجها وتطبيقاتها على الأرض .. وهناك تفاصيل صغيرة لا تستدعي التوقف أمامها. 

ولا يمكن ان أنهي مقالتي دون تقديم الشكر والتقدير لمكتب تونس، الذي بذل جهودا متميزة ورائعة لإنجاح أعمال المؤتمر، وكذلك مكتب الأمانة العامة، وعلى رأسهم الأخ أحمد النجداوي، الأمين العام للمؤتمر. 

[email protected]

[email protected]             

التعليقات