الرئيس عباس أفشل صفقة القرن

الرئيس عباس أفشل صفقة القرن
 السفير  أنور عبد الهادي
14/10/2018

إن الخطوة التي اتخذها ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، إلى جانب الانحياز المتزايد إلى إسرائيل، هي التي أفشلت جهود الإدارة الأمريكية، التي باتت تسعى لفرض خطة السلام بالإكراه على الجانب الفلسطيني.

وإن دونالد ترامب، لدى وصوله إلى البيت الأبيض، كان يستسهل حل القضية الفلسطينية ويقول: "بصراحة، أعتقد أن هذا الأمر أقل صعوبة مما اعتقده الناس منذ سنوات"، والآن تزامنا مع الذكرى 25 لتوقيع اتفاقات أوسلو، لا يزال ترامب يؤجل الإعلان عن خطته للسلام.

فبعد العام ونصف العام، بات الرئيس الأمريكي مضطرا للاعتراف بأن استراتيجيته ليست أكثر فاعلية من سابقيه، رغم إصرارها على وصف الخطة بأنها "طموحة ورائعة، ولم يتم التخلي عنها بعد"، رغم التأجيل المتكرر لموعد الإعلان عنها.

أن أولى الأسباب وراء فشل الدور الأمريكي، تتمثل في نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، إذ أن دونالد ترامب ألقى بعرض الحائط كل الإجماع الدولي والعقود الطويلة من الدبلوماسية الأمريكية، معلنا في 6 كانون الأول/ ديسمبر 2017، عن تحقيق أحد وعوده الانتخابية، بنقل السفارة الأمريكية، وهو ما يعني عمليا الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل.

و افتتاح المقر الجديد للسفارة، في 14 أيار/ مايو الماضي، بحضور إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر، أسعد الإسرائيليين وأثار حفيظة الشعب الفلسطيني، ومنذ ذلك التاريخ انقطعت العلاقات بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والإدارة الأمريكية.

الرئيس عباس أوضح موقفه بكل حدة في كل المحافل الدولية  قائلا لترامب إننا لن نقبل بخطتك،ولن نتعامل مع الادارة الامريكية لانها اصبحت خارج الطاولة وإن صفقة القرن تحولت إلى صفعة القرن التي لن تمر.

 وعلى نفس المنوال، أكد صائب عريقات من جانبه أن ما حدث هو عمل عدائي يخالف القانون الدولي ويضر بالشعب الفلسطيني، ويجعل من الولايات المتحدة شريكا في الاحتلال مع إسرائيل.

والسبب الآخر لفشل الدور الأمريكي، هو انحيازه المتزايد للجانب الإسرائيلي، حيث تعود تحفظات الجانب الفلسطيني على سياسة ترامب إلى أولى الأيام بعد دخوله البيت الأبيض.

فبعد أيام قليلة من وصوله لمنصبه، رفض ترامب إصدار أي تعليقات حول إعلان إسرائيل بناء حوالي 2500 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات في الضفة الغربية. وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، اعتبر السفير الأمريكي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، أن إسرائيل ليست دولة احتلال، وهو ما أثار غضب الفلسطينيين.

المتحدث باسم البيت الأبيض أعلن في بداية سنة 2017 عن اعتزام ترامب التقارب أكثر مع إسرائيل.

ومنذ ذلك التاريخ، تم استقبال بنيامين نتنياهو في مناسبتين، إلى جانب الإعلان على إن حل الدولتين "ليس الطريق الوحيد للسلام"، فيما أعلنت نيكي هيلي، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، أن "تشويه إسرائيل سيتوقف".

وقد تلت هذه التصريحات سياسة أكثر تقربا من إسرائيل، وأكثر حدة تجاه الفلسطينيين، ففي بداية حزيران/ يونيو الماضي، رفعت واشنطن الفيتو في وجه مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو لحماية الفلسطينيين، وفي نهاية ذلك الشهر أيضا، أعلن واشنطن انسحابها من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بذريعة انحيازه ضد إسرائيل , ومن محكمة العدل الدولية خوفاً من إدانة القرار الامريكي بنقل السفارة الامريكية للقدس .

في نفس السياق ان واشنطن كانت قد أعلنت عن قرارها بإلغاء مساعدات بقيمة 25 مليون دولار، كانت توجه للمستشفيات الفلسطينية في القدس الشرقية. و أعلنت الولايات المتحدة أيضا عن غلق السفارة الفلسطينية في واشنطن.

ان الهدف غير المعلن لهذه الإجراءات الأمريكية هو إجبار المسؤولين الفلسطينيين على الانصياع، وهو ما أكده دونالد ترامب حين قال: "الأموال موجودة، ولكن سوف ندفع لكم عندما نتوصل إلى اتفاق، إذا لم نتوصل إلى اتفاق لن ندفع"ولكن هو واهم لان الموقف الصلب للرئيس عباس الذي يلتف حوله كل الشعب الفلسطيني لن يمرر هذه الصفقة ولن يبيع القدس .

و نقلا عن الدبلوماسية الأمريكية ميشال دين، الباحثة في مركز كارنيغي للسلام الدولي، أن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن نظراءهم الفلسطينيين سوف ينتهي بهم الأمر إلى الاعتراف بالهزيمة وبضرورة القبول بما يمنح لهم، مهما كانت الشروط، حتى لو كان ذلك في مقابل حكم ذاتي محدود وبعض التسهيلات الاقتصادية من أجل تمرير الاتفاق وهذا الاعتقاد سيشكل لهم صدمة بان شعب تحت الاحتلال بقيادة الرئيس أبو مازن لن يقبل الهزيمة .

ان اعتماد الادارة الامريكية على تدمير الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الفلسطيني , لن يفتح لهم الطريق لاحداث انقلاب جماهيري على قيادته التي تقف  صامدة وصلبة أمام هذا التوغل السياسي الامريكي و الاسرائيلي .

لذلك أي عملية سياسية ناجحة ويكتب لها الحياة يجب أن تضمن قيام دولة ذات السيادة على حدود 4من حزيران 1967 , والقدس الشرقية عاصمة مع حق العودة وتقرير المصير ودون ذلك فلن يجد الا الغضب والرفض الفلسطيني.

و عن آرون ديفد ميلر، الباحث في مركز ويلسون، قوله "إن واشنطن في الوقت الحالي خسرت كل حظوظها في لعب دور الوسيط الفعال في هذا الصراع"والسبب في ذلك تفاجؤوا بقدرة الرئيس عباس على مواجهة خطتهم .

دونالد ترامب نفسه كان قد أقر الأسبوع الماضي بأنه كان مخطئا حين قلل من صعوبة حل لهذه القضية، حيث قال: "خلال كل حياتي، كنت أسمع بأن التوصل لاتفاق في هذا الصراع صعب جدا، والآن بدأت أفهم أن هذا الكلام صحيح".

ولكن الخطر الشديد تساوق حماس مع صفقة القرن من خلال عملها تحت عنوان التهدئة مع الاحتلال لفك الحصار عن غزة والهدف الحقيقي هو إقامة إمارة بغزة بموافقة أمريكية / اسرائيلية /إقليمية وهذا الهدف الاساسي لصفقة القرن وتنفيذ للدولة ذات الحدود المؤقتة التي تفاوضت عليها حماس بمحادثات سرية في جنيف عام 2009 مع الامريكيان وإفشال هذا المشروع واجب وطني استطاع الرئيس أبو مازن بكشفه وإرباكه وإفشاله بالتمسك بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خط الرابع من حزيران 1967والقدس الشرقية عاصمة لها وحق العودة ولا سلام بغير ذلك.

التعليقات