ندوة في مجلس الشيوخ الفرنسي تحت عنوان من إنكار فلسطين الى الابارتايد

ندوة في مجلس الشيوخ الفرنسي تحت عنوان من إنكار فلسطين الى الابارتايد
رام الله - دنيا الوطن
بحضور السفير سلمان الهرفي، سفير فلسطين لدى فرنسا، نظمت لجنة متابعة السلام الحقيقي في الشرق الأوسط بالتعاون مع مجلة أورينت 21، في مجلس الشيوخ الفرنسي ندوة تحت عنوان "من إنكار فلسطين إلى نظام الفصل العنصري". وقد حضر الندوة حشد كبير من المهتمين.

وألقى السفير الهرفي كلمة خلال الجلسة الافتتاحية شكر فيها منظمي الندوة وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ الفرنسيين والجمهور المشارك في الندوة. وتطرق الهرفي الى تجربة نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا حيث عمل موفداً خاصاً للرئيس الراحل ياسر عرفات الى القارة الافريقية ثم سفيراً لفلسطين في جنوب افريقيا وروى مقارنات كانت قوى جنوب افريقيا الحرة تعقدها بين نظامي بريتوريا واسرائيل. وعبارة مانديلا الشهيرة "لن تكتمل حريتنا بدون حرية الفلسطينيين".
 ووضع الهرفي الحضور بصورة التطورات في فلسطين وخاصة بعد اقرار قانون القومية العنصري في الكنيست الاسرائيلي وكذلك الممارسات التي لا يقوم بها الا نظام فصل عنصري بغيض كبناء الجدار العازل واقتلاع الفلسطيني من ارضه واعطاء الامتيازات لقطعان المستوطنين وغيرها.

كما تطرق إلى ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي وكل دولة على حدى مسؤولياتهم تجاه نظام الفصل العنصري الإسرائيلي من خلال محاربته ومقاطعته والقضاء عليه كما كان مصير سابقه في جنوب افريقيا ودحر الإحتلال الإسرائيلي من أجل إقامة الدولة الفلسطينية على كل التراب الوطني، داعيا الدول التي لم تعترف بهذه الدولة بالقيام بذلك قبل فوات الأوان منتقدا بعض الدول الاوروبية التي تجرم مجرد الدعوة إلى مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي في مخالفة تامة للقانون الدولي ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وفي تحيز فاضح لمنطق القوة. 

مضيفا بأن إسرائيل لا تريد حل الدولتين ولا حل الدولة الديمقراطية لجميع مواطنيها بل تريد دولة ابرتايد واحدة لحين ترحيل كل من هو غير يهودي من ارض فلسطين التاريخية وضم أراضيهم لها فهي مشروع استعماري كولونيالي سيزول كما زالت جميع الأنظمة الاستعمارية العنصرية عبر التاريخ بصمود الشعب الفلسطيني في أرضه ومقاومته الشعبية التي لم تتوقف ولن تتوقف الا بدحر الاحتلال ونيل الاستقلال.

وختم السفير الهرفي كلمته باستعراض القرارات الأمريكية الأخيرة المساندة لنظام الفصل العنصري الاستعماري الصهيوني (المتعلقة بالقدس واللاجئين والاستيطان وإغلاق مكتب منظمة التحرير واسر الشهداء والأسرى...) ومخططاتها في المنطقة بما في ذلك مشروع ما يسمى صفقة القرن مؤكدا رفض القيادة الفلسطينية لهذه القرارات والخطط المشبوهة، الغير القانونية، المتحيزة والتصفوية ومقاومتها بكل الوسائل المتاحة بما في ذلك اللجوء إلى المحاكم الدولية من أجل محاكمة امريكا وحليفتها إسرائيل على جرائمهما في حق شعبنا.

وقد حضر الندوة عدد من الشخصيات المعروفة على الصعيد السياسي والاكاديمي من عدة دول. حيث شارك كل من البروفسور الفرنسي في جامعة نانتير جيرو دولا براديل خبير القانون الدولي الذي تحدث عن الجوانب القانونية للابرتايد مشددا أن الابرتايد جريمة بحق الإنسانية لا يحق لدول مجلس الأمن الدولي الدائمة العضوية استخدام حق الفيتو في مواجهتها.

اما الناشطة في مجال حقوق الإنسان ندى عوض فتحدثت عن حالة القدس في نظام الابرتايد الإسرائيلي مدعمة مداخلتها بالإحصاءات والبيانات الرسمية، مركزة على السياسات العنصرية الاسرائيلية التي تستهدف الديمغرافيا والبنية التحتية في الاحياء الفلسطينية من هدم البيوت ومصادرة الاراضي ووقف لم شمل العائلات المقدسية وغيرها من الاساليب التي تهدف الى خفض الوجود الفلسطيني في القدس الشرقية ليصل الى نسبة ٣٠ بالمئة.

كما تحدثت فيرا بابون عضو المجلس الوطني الفلسطيني عن الواقع الفلسطيني تحت الاحتلال مشددة على ضرورة تدخل الغرب من اجل حماية المقدسات الاسلامية والمسيحية، وضرورة الحفاظ على التواجد المسيحي في ارض السلام، تواجد مهدد بالزوال نتيجة السياسات العنصرية للاحتلال الاسرائيلي.
وتحدث طبيب الجراحة اوبيرلان الذي عمل في قطاع غزة حول تجربته هناك، مشيرا ان فكرة العنصرية ضد الاجناس البشرية هي فكرة خاطئة من الناحية العلمية والسوسيولوجية ذلك انها تفترض وجود اجناس مختلفة من البشر الامر الذي ثبت زيفه، ذلك ان البشرية كلها منحدرة من جنس واحد.

أما المؤرخ الإسرائيلي جادي الغازي من جامعة تل أبيب فقد قدم مداخلة حول ما اسماه نظام الفوقية الاستعلائية اليهودية، معتبرا أن ما يشجع هذا النهج في إسرائيل هو الدعم الأمريكي غير المسبوق لإسرائيل وتحسن علاقاتها مع دول صاعدة كالصين والهند والبرازيل.

وفي الجلسة الثانية للندوة قدمت مارتين بريزمور منسقة شؤون فلسطين وإسرائيل في منظمة امنستي الدولية عرضا لأهم الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني مركزة على الخروقات المتعلقة بحقوق الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الذين يتعرضون للتنكيل والتعذيب الجسدي والنفسي، مذكرة بأن الاحتلال يحتجز الاطفال والنساء والشيوخ في مخالفة واضحة لاتفاقية حقوق الطفل لعام ١٩٨٩.
وتلى ذلك كلمة بيير جالند نائب سابق في مجلس الشيوخ البلجيكي والمنسق العام لمحكمة روسيل الخاصة بفلسطين ورئيس جمعية "من أجل الأمم المتحدة"، عبر فيها عن رأيه القانوني في أن إسرائيل قد اقترفت جريمة ابرتايد بحق الشعب الفلسطيني حسب تعريف الأمم المتحدة لجريمة الابرتايد مقدما شرحا عن الخطوات التي يجب اتخاذها من أجل ملاحقتها قضائيا بتهمة ارتكاب جريمة ضد الإنسانية.

ثم تحدث إبراهام بورج رئيس الكنيست الأسبق عن ما بعد حل الدولتين، تلاه ريما خلف السكرتيرة التنفيذية المستقيلة من اللجنة الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة لآسيا الغربية على خلفية سحب الأمم المتحدة التقرير الذي أشرفت عليه بخصوص الابرتايد الإسرائيلي.

واختتمت الندوة السفيرة السابقة لفلسطين في عدة دول من اهمها فرنسا وهولندا ولوكسمبورغ بالإضافة للاتحاد الاوروبي السيدة ليلى شهيدة، بكلمة معبرة عن خيبة املها من المجتمع الدولي الذي يقف صامتا أمام كل ما يجري في فلسطين المحتلة من اعتداءات وانتهاكات وجرائم بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، رغم ان عليه تقع المسؤولية الاولى في حفظ السلام والأمن الدوليين. 

لكنها ابدت ثقة كبيرة بالشعوب التي لن تقبل بهذا الصمت وستبقى تناضل من اجل فضح الممارسات الاستعمارية العنصرية، كما هو الحال في حركات المقاطعة وسحب الاستثمارات ومعاقبة الابرتايد الاسرائيلي بي.دي. اس. وغيرها من حركات التضامن ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان.

التعليقات