الغزية "مريم أيوب": جميلة انتزعت لقب "الملكة" بجدارة.. وخذلت ببلدها

الغزية "مريم أيوب": جميلة انتزعت لقب "الملكة" بجدارة.. وخذلت ببلدها
ملكة الفلكلور مريم أيوب
خاص دنيا الوطن- أمنية أبو الخير 
مريم أيوب.. فتاة غزية استثنائية، استطاعت برغم ظروفها الحياتية الصعبة، رفع إسم فلسطين عالياً، ولكن بطريقتها الخاصة، انطلاقاً من قناعتها بأن أشكال النضال مختلفة، والوقوف سداً منيعاً في وجة المحاولات الإسرائيلية المستمرة لسرقة التراث الفلسطيني إحدى تلك الطرق.

حصلت "مريم" منذ أيام قليلة على لقب " ملكة الفلكلور" عن فلسطين، والوصيفة الأولى لملكة جمال العالم للتراث، وهي مسابقة تُعنى بالرائدات والمتميزات، ويتم إعلان الفائزة من كل دولة وتنصيبها سفيرة للفلكلور لدى المجلس المصري للفلكور والتراث التابع لمنظمة (يونسكو) لتقوم بدورها كرائدة من رائدات المبادرة، وسيتم العمل بالتنسيق مع (CIOFF EGYPT) لإقامة فعاليات مستمرة ومجموعة من الندوات وورش العمل والتدريبات فيما يخص إحياء وصون التراث غير المادي.


 يترتب على ذلك أن تتحدث "مريم" باسم فلسطين، وتمثل التراث الفلسطيني في كافة المحافل العربية والدولية، في ظل استهداف منظم من قبل احتلال إسرائيلي لسرقة التراث الفلسطيني بدءاً من "الملابس" وليس انتهاءً بـ "قرص الفلافل"، استنداً إلى مقولة رئيس وزرائهم الأسبق بن غوريون "الكبار يموتون والصغار ينسون".

لكن فرحة بطلتنا كانت منقوصة، فبالتوازي مع احتفاء الكثيرين بحصول فتاة غزية على ذلك اللقب المشرف، انتقدها البعض بتعليقات جارحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، معتقدين أن المسابقة تتعلق بالجمال فقط، وأن النضال من أجل القضية الفلسطينية لا يكون بتلك الطريقة، من وجهة نظرهم. 


 اطّلعت "دنيا الوطن" على شروط الترشح والتقدم إلى تلك المسابقة عبر (يونسكو) وكان أولها: أن تحمل الفتاة رسالة سلام هادفة لصون وإحياء وتعزيز الفلكلور المتمثل في (الثقافة والفنون والحرف اليدوية والعادات والتقاليد)، ولديها دافع قوي للعمل المجتعي، بالإضافة لأن تكون حاصلة على مؤهل علمي، وعلى قدر كافٍ من الثقافة والوعي الصحي والاجتماعي والسياحي، وبالنسبة للجمال فلا يطلب منها إلا أن تكون بمظهر عام جيد.

تواصلت "دنيا الوطن" مع ملكة التراث الفلسطيني مريم أيوب، للتعرف على تلك الفتاة الغزية التي استطاعت برغم كافة المعيقات والظروف الصعبة والغربة التميز وانتزاع لقب مشرف.

ظروف استثنائية

خاضت "مريم" تجربة الزواج المبكر، عندما ارتبطت بعمر الـ 16، ولم تستطع التأقلم مع تلك التجربة بذلك العمر الصغير، فانفصلت عن زوجها بعد أن أثمر هذا الزواج بطفلة، لكنها لم تتوقف عند هذه التجربة القاسية، بل أكملت تعليمها عبر اجتياز الثانوية العامة ثم الحصول على شهادتها الجامعية، والتحقت بسوق العمل في إحدى شركات "الحج والعمرة" في قطاع غزة ولمدة 5 سنوات، فقد بدأت العمل كـ "سكرتيرة" ثم ترقت لتصبح "مدير تنفيذي" في ذات الشركة.  

خلال محاولتها للدخول إلى عالم "الإعلام" التقت "مريم" بزوجها الحالي، والذي التحق بعمل خارج قطاع غزة، مما دفعها وبسبب الظروف الصعبة في القطاع إلى الإلتحاق به، وترك طفلتها رغماً عنها لدى والدتها، بعد محاولات عديدة لاصطحابها، ولكن فشل ذلك.

كل تلك العثرات لم تقف حائلاً أمام مريم لتبدأ حياتها من جديد في مصر، حيث قامت بافتتاح مشروع تجاري بسيط تعتاش منه، وبدأت بالالتحاق بالأعمال التطوعية الخاصة بـ (يونسكو). 


 الحجاب

بعد حصول "مريم " على لقب ملكة الفلكلور، اتهمها العديد من رواد  مواقع التواصل الاجتماعي بالتخلي عن حجابها فتقول: صحيح أنا كنت محجبة في غزة، ولكن حجابي ما كان كاملاً، والسبب أن مجتمعنا ينظر لأي مرأة بلا حجاب نظرة مختلفة، أنا كنت بلبس الحجاب احتراماً للمجتمع، وكنت أعمل في شركة حج وعمرة، لذلك كانت إدارة الشركة تحتم علي أن ألبس عباية مش بس حجاب".

وأضافت" "الناس علقت على ارتدائي لفستان سهرة، ولكن أنا كنت مقدمة الحفل وإدارة المهرجان هي من تقرر شو راح ألبس، أما خلال المسابقة كنت أرتدي الثوب الفلسطيني.

 

 دافعها للمشاركة

شعرت مريم بالقهر ككل أفراد الشعب الفلسطيني، عندما قامت وزيرة إسرائيلية بارتداء ثوب فلسطيني مرسوم عليه صورة للقدس في مهرجان (كان) الدولي، فتقول: "بنقهر كتير لما بشوف هيك مشاهد علي الساحة الدولية، وبنقهر أكتر لما ألاقي أبناء شعبي مهمشين التراث المادي وغير المادي بحجة أنو معارض للدين وبيحاربوا كل شخص ممكن يظهر بأي مجال كان بالمهرجانات الدولية سواء الفن الغناء والرقص الشعبي، وحتي الفنون التشكيلية".


وتساءلت: "بنظرك كيف ممكن نحارب صهاينة سرقوا كل مقدرات شعبنا بطرقهم السلمية وغير السلمية وطريقة حياتهم الكاملة المليئة بالحياة والفنون والاهتمام بالثقافات، شعب ما له حضارة وسرق حضارتنا وبيتباها فيها في وقت إحنا شعب أعزل لا يملك شئاً، يعاني من ويلات الحروب والانقسام".

ذلك الموقف بقي عالقاً في ذهن مريم، فقررت أن تتواصل مع مصمم أزياء؛ ليصمم فستاناً مشابهاً لفستان الوزيرة الإسرائيلية، وأن تعد جلسة تصوير لنفسها، ولكن صديقة روسية لها نصحتها بألا تفعل ذلك لأنه لن يؤثر على إسرائيل، على حد تعبيرها.

عند إطلاق المسابقة بعد عام من الحدث تواصلت صديقتها "الروسية" والتي تعمل في (يونسكو) بها ودفعها إلى المشاركة في تلك المسابقة، وما كان منها إلا أن شاركت لتدخل اسم "فلسطين" لأول مرة في تلك المسابقة، ولتحصل على لقب الوصيفة الأولى أيضاً.

دور الزوج

وعن زوجها تقول " زوجي الحمد لله كتير بيدعمني وكتير واقف معي، وخلال حملة الانتقدات التي تعرضت لها الأيام السابقة، أكتر حدا خفف عني، ويقول لي لا تهتمي ولا تسمعي لحدا انتي واثقة بحالك وبتعرفي شو بتعملي".

فيما أوضحت أن أهلها أول من دعمها في عملها، وأضافت: "في بعض الحسابات الوهمية تحدثت عن تبرؤ أهلي مني، هذا كلام عارٍ عن الصحة، عائلتي تفخر بي". 


  انتقادات لاذعة

قالت مريم : أنا أرحب بأي انتقاد بناء، أنا ما بقول عن حالي إني ملكة جمال، أنا متلي متل أي صبية فلسطينية، كل فلسطينية جميلة .. بروحها بوجودها .. جميلة بس لأنها بنت فلسطين، من الأشياء الي دايقتني أنهم انتقدوا طريقتي وهذه حرية شخصية".

وأضافت " بعض الناس انتقدت أني بشارك فهيك مسابقة وفي جرحى وفي شهداء، انا بقدر دمنا الي بنهدر كل يوم، وبقدر الشهداء، ولكن كل إنسان بحارب الاحتلال بطريقته، إنت عندك قدرة تحاري بالدم وأنا عندي قدرة أحارب بإثبات وجودنا في العالم، إحنا مش شعب بحب الموت إحنا شعب بحب الحياة بحب الفنون بحب التراث".

وعن الداعمين قالت: "أنا ما بنسى الناس الي دعمتني، لحتى الآن في ناس بتتواصل لتهنيني وتباركلي، أنا اليوم بحكي باسم فلسطين وتواصلت معي ناس من كافة مدن فلسطين لتدعمني". 

 

التعليقات