الهدنة والسنوار وقطر

الهدنة والسنوار وقطر
نبض الحياة 

الهدنة والسنوار وقطر 

عمر حلمي الغول 

تجري الأحداث بشكل متسارع على الأرض في محافظات الجنوب الفلسطينية، مازجةً بشكل جدلي بين التصريح والممارسة العملية في الترجمة الفورية لخيار حركة حماس وإسرائيل "الهدنة من اجل الهدنة" عبر الجسر القطري المسهل والممول للعملية "الإنسانية" اللانسانية وبرعاية أميركية لفصل القطاع عن غزة، والمضي قدما مع مشيئة ومحددات صفقة القرن. 

ولإستباق الأحداث، وللتغطية على المصيبة الحمساوية الجديدة قامت قيادة الإنقلاب بسلسلة خطوات، منها أولا تصعيد حملة التخوين للرئيس محمود عباس وقيادة حركة فتح، وضخ كما من الإفتراءات والأكاذيب من خلال تصريحات القيادات والناطقين والمحسوبين والمسحجين لخيار حركة حماس؛ ثانيا توزيع الأدوار بين قيادات الحركة، وهذا المبدأ قديم جديد، حيث  يقوم فريق بالتخريب المنهجي المتعمد للمصالحة عبر مواصلة الردح التخويني، والآخر يواصل الحوار مع الأشقاء في مصر، ويضع العصي في دواليب المصالحة، متلازما مع تصريحات ملتبسة تحمل الشيء ونقيضه، وتدس السم في العسل  بتحميل القيادة الشرعية مسؤولية "الفشل"، لإن بيدها كل "أوراق الحل"، ولكنها ترفض التقدم؛ ثالثا لمواصلة عملية التضليل بقيت تنادي وتدعو الجماهير للمشاركة في "مسيرات العودة"، حتى ان السفير محمد العمادي (القطري) دعا لإستمرارها. وللأسف وقعت بعض القوى السياسية الإسلامية والوطنية في متاهة حركة حماس، ووقعت في شرك الإيغال في عملية تضليل الذات والجماهير الشعبية عبر الإيحاء بأن ما تم تحقيقه من تسهيلات إسرائيلية ودعم قطري، جاء نتيجة "تصعيد نضالها"، ولإفتراضها أنها "تملك قوة ردع" موازية لإسرائيل. مع ان يحيى السنوار، رئيس حركة حماس في القطاع، أعلن مع الصحفية فرانشيسكا الإيطالية الإسرائيلية، وللقناة الثانية الإسرائيلية، انه لا يمكن تدمير إسرائيل، لإنها دولة نووية، والمقلاع لا يستطيع عمل شيء، والأهم انه وافق على هدنة ل 40 او 50 عاما، لإن الهدف الأساس تأبيد خيار الإمارة على حساب الكل الفلسطيني والمشروع الوطني؛ رابعا أكدت حركة حماس ومعها تلك القوى المغفلة أو المستغفلة على الذهاب إلى الهدنة من أجل الهدنة قبلت السلطة أو لم تقبل، برضاها أو رغما عنها، وهو تجاوز خطير للمنظومة الوطنية، وإستهداف لمكانة ودور منظمة التحرير والقيادة الشرعية، التي دعى سليمان ابوستة المتورط مع خيار حماس قبل يومين إلى تشكيل "مجلس وطني ومرجعيات بديلة للمنظمة"، وهذا أحد الأهداف الخطيرة، التي تهدد المستقبل الوطني؛ خامسا تواصل الحوار المباشر وغير المباشر مع حكومة نتنياهو، وتم وفق مصادر عليمة التوقيع على إتفاق الهدنة من أجل الهدنة، الذي ترافق مع كل ما يجري هنا وهناك من مواقف متناقضة بهدف  خلط الأوراق للتعمية على عميان البصيرة الوطنية ... إلخ

وحتى تزج حركة حماس بالبسطاء والسذج من ممثلي الفصائل وعامة المواطنين في إتون الحملة الحمساوية البشعة على الرئيس ابو مازن وقيادة منظمة التحرير، كونهم لم يدركوا أبعاد المخطط الإسرائيلي الحمساوي والقطري الأميركي ضربت على وتر، أن "القيادة الشرعية لا تريد ان ينعم المواطنين في غزة برفع الحصار، وتريد ان تبقيهم بلا كهرباء ولا ماء"؟! وكأن القيادة الشرعية للمنظمة، هي التي تفرض الحصار وليس إسرائيل وحركة حماس من خلال تبادل الأدوار لتعميق الكارثة في قطاع غزة، بهدف دفع المواطنيين للهرب والخروج من محافظات الجنوب، وتبديد المشروع الوطني والنظام السياسي التعددي. مع ان القيادة تعمل كل ما بوسعها للتخفيف من معاناة المواطنين في القطاع، لإنهم جزء اصيل من الشعب الفلسطيني، ولا يمكن التخلي عنهم تحت أي إعتبار.

لكن لعبة الإستغماية، والضحك على الدقون، التي تلعبها حركة حماس حسبما أعتقد وصلت إلى نهاياتها، ولم يعد على العين قذى، وبات اللعب الحمساوي والقطري والإسرائيلي والأميركي على المكشوف. وهو ما يفرض إتخاذ قرارات تتناسب مع طبيعة اللحظة للرد على الخطر الداهم في محافظات الجنوب، والحؤول دون إنفصال القطاع عن الضفة الفلسطينية. فهل يكون المجلس المركزي مؤهلا لتحمل المسؤولية وإتخاذ القرارات الجدية لطي صفحة الإنقلاب الأسود، أم لا؟

[email protected]

[email protected]       

التعليقات