زوايا الرؤيا لدى حماس ما بين الأمس واليوم

زوايا الرؤيا لدى حماس ما بين الأمس واليوم
زوايا الرؤيا لدى حماس ما بين الامس واليوم

 بقلم : سليم النفار        

بعد فوز حركة حماس في انتخابات العام 2006  وفي خطاب للسيد خالد مشعل من دمشق آنذاك قال : " على الجميع أن يركب قطار حماس ، فهو الذي سيصل " .

هذه الرؤيا الأحادية الاقصائية التي لا ترى أحدا ، هي الناظم لعمل حماس السياسي منذ البدايات ، وكأن الشعب الفلسطيني لم يفعل شيئاً طيلة عقود مضت ، فهو لم يثر ولم يقدم قوافل الشهداء والجرحى والاسرى، على مذبح الحرية التي طال الطريق اليها .

غير أن الحقيقة : حركة حماس هي من تأخرت عن الالتحاق بقاطرة الفعل الوطني ، فعلى مدار عقدين ونيف من عمر الثورة الفلسطينيية المعاصرة وقيادة منظمة التحرير لها ، لم تشترك حماس " المجمع الاسلامي " في حركة النضال الوطني ضد الاحتلال آنذاك ، بل كان لها دور وموقف مختلف لسنا في صدد الدخول اليه ، فكل مطلع ومتابع لمسيرة الفعل الوطني يعلم ذلك .

ولكن الآن وبعد مضي الزمن وبعد الانقلاب الذي أدمى القضية وشعبها ، يفترض أن تكون حماس قد حاولت التبديل في زوايا رؤيتها ، فأي حزب سياسي او حركة وطنية تخطاْ في سياق الفعل اليومي ، غير أنها تغير وتبدل وفق معطيات الواقع والسياسات المحيطة بالحالة ،بما يخدم القضية وشعب القضية الذي يفترض أن الفعل السياسي من اجله ، فأحزاب فلسطين وفصائلها لم تنشأ من اجل بلد آخر ، بل من اجل تحرير الارض الفلسطينية وحرية الشعب ، وعليه فان ماشور الرؤيا عندما ينحرف ولا يخدم القضية وشعبها ، لابد من الاعتذار وتغير السياسات .

ولكن بعد الذي أوردنا ، وبعد السنوات العجاف التي يعاني منها شعبنا وقضيته ، يطلع علينا قادة الحركة في قطاع غزة  هذا العام ومن خلال مؤتمر لهم حمل عنوان : المؤتمر العلمي الدولي الاول ،- الواقع والمأمول - في الذكرى الثلاثين لانطلاقة حماس ، معتبرين حماس أنها هي حامية المشروع الوطني ، فكيف يكون ذلك وهم من صنع الانقلاب ، والانقسام الحاد في الحالة الوطنية الفلسطينيية ؟

كيف يكون ذلك وهم الذين يضعون العراقيل ، في طريق انهاء الانقسام واستعادة وحدة النظام السياسي الفلسطيني ؟


كيف يكون ذلك وهم من يصرُّ على ابقاء الشعب في حالة الحصار ، والعذاب الذي لم يكن لولا حالة الانقسام ، كيف يكون ذلك وهم مازالوا يتسلحون بالنظرة الاقصائية التي لا ترى سواهم في ميدان القوى ، وكأن تاريخ الكفاح الوطني لم يبدأ الا معهم ؟

إن هذه الرؤيا بالمطلق لا تعني أن القوى السياسية الوطنية الاخرى تسير في الاتجاه الصحيح ، ولكن حجم الاحتياجات اللازمة لتطويرها وتفعيل دورها مازالت ممكنة ، طالما انها لم تنتقل الى مربع الاقصاء للآخر والتخوين .

لذلك فان المطلوب من القوى السياسية والمجتمعية الفلسطينيية ، كبير وكبير جدا من اجل انقاذ القضية من براثن التشتت والهزال الذي لم يكن ذات يوم بهذا المنسوب .

وعلى الكل الوطني ومعه النخب السياسية والثقافية في هذا السياق ان يقول قولته ، بعيدا عن الخوف الذي يسكن قلوبهم وعقولهم ،وبغير ذلك فان العقود القادمة ستشهد أفولا للقضية وشعبها فوق هذه الارض .

وهذا ليس تشاؤما وتثبيطا للهمم ، بل محاولة لقراءة معطيات الواقع الذي تُجافيه النخب السياسية في سلوكها وشعاراتها الرنانة ، التي لا تأتي بغير الالم واطالة امد العذاب لهذا الشعب المعطاء .

السياسة لا تُدار بالعواطف بل بالعقول ، ولا احد من شعبنا ضد المقاومة وضد " الله " لكن يجب ان تستخدم المقاومة في سياقها الصحيح الذي لا يتحول الى عبء على الناس ، ويحولهم الى معاقين وفاقدين لقدرة الحياة ، لان المقاومة هي انتصار للحياة وليس للموت .

وان الله في عقول وقلوب الناس جميعا ، ولكن استخدام الدين في غير موضعه لإخافة الناس وارهابها ، واحالة كل شيء عليه ليس سوى تبرير يخدم مصالح الحزب والافراد القائمين عليه ، فلا تخيفوا الناس باستخداماتكم ، وعلى الناس ان تعي هذه الاستخدامات وتخرج من حالة السكون الى دائرة الفعل ، فليس معقولا ان يعيش شعب تحت وطأة كل هذه الشعارات ولا يأخذ غير العذاب والالم ، فماشور الرؤيا وان استدار قليلا فهو لم يتغير ، فهي استدارة مخادعة للحفاظ على الحزب وفقط .

التعليقات