المطالبة بتعزيز صمود المواطن الفلسطيني على ارضه وضمان مشاركة فاعلة لقطاع غزة ومؤسساته

رام الله - دنيا الوطن
طالب ممثلو منظمات أهلية واتحادات وحقوقيون وخبراء  بتعزيز وجود المواطن الفلسطيني على ارضه وتوفير كل أسباب البقاء والصمود وحماية النسيج المجتمعي ضمن أية خطة وطنية وقطاعية تضعها المؤسسات والهيئات الفلسطينية والدولية المختلفة لمواجهة عملية التفتيت المستمرة للهوية الوطنية.

جاء ذلك خلال مؤتمر عقدته شبكة المنظمات الاهلية بالشراكة مع مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية في مطعم اللايت هاوس بمدينة غزة تحت عنوان ” تعزيز فعالية المنظمات الاهلية في التأثير في السياسات العامة والقطاعية”.

ودعا المشاركون في المؤتمر الى تجاوز الانقسام السياسي الضار وإعادة تجسيد الوحدة الوطنية لتعزيز فرص التنمية في المجتمع الفلسطيني.

ونوهوا إلى أهمية تفعيل وسائل الرقابة والمساءلة المجتمعية في تنفيذ الخطة الاستراتيجية الوطنية لتفادي عدم مشاركة منظمات المجتمع المدني في قطاع غزة بوضع هذه الاستراتيجية.

وناقش المشاركون كيفية تعزيز دور المنظمات الاهلية أثناء تطبيق الخطة الوطنية رغم عدم المشاركة في وضعها مؤكدين ان شبكة المنظمات الاهلية ورغم الجهد الذي بذلته في التوعية بالخطة الاستراتيجية الوطنية الا انها مطالبين الشبكة باستمرار الجهد للتوعية والتأثير في اجندة السياسات الوطنية والقطاعية وضمان مشاركة فاعلة للمؤسسات الاهلية في متابعة تنفيذ الخطة وتوفير العوامل الممكنة من اجل أن يتم تطبيق هذه الخطة بشكل خلاق.

وشدد المشاركون على أهمية تعظيم الاشتباك القانوني والسياسي مع الاحتلال لمواجهة محاولاته لتفتيت الهوية الوطنية وتغييب أي فرص للتنمية.

 

ولفت المشاركون الى أهمية المحاسبة وتفعيل سيادة القانون من أجل احترام الحقوق والحريات مؤكدين أن أهمية اتفاقيات حقوق الانسان تكمن في تطبيقها واحترامها وليس فقط في التوقيع عليها.

وكان المؤتمر الذي حضره ممثلي قطاعات واسعة من مؤسسات المجتمع المدني بدأ بكلمة ترحيبية أشار خلالها أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية الى التداعيات الخطيرة التي خلفها الحصار الإسرائيلي والانقسام السياسي على كافة القطاعات في ظل تنكر مختلف الأطراف لمسؤولياتها.

وقال إن “المنظمات الاهلية تحاول رفع صوت الضحايا ومن يحتاج الى أبسط التدخلات اللازمة لتعزيز الصمود وإنقاذ الأرواح وخاصة في ظل تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وسط تحذيرات باستمرار التدهور في كافة المجالات خاصة في ظل التهديد بفرض المزيد من الإجراءات بحق غزة”.

ونوه الشوا إلى عدم مشاركة محافظات غزة في وضع أجندة السياسات الوطنية وعدم شمولها للاحتياجات في غزة مؤكدا على ضرورة إيجاد آليات لحوار السياسات مع الحكومة بكل الوسائل.

واوضح أن شبكة المنظمات عقدت كثير من ورش العمل والتدريب من أجل التعريف بأجندة السياسات الوطنية وسبل التأثير فيها وتعزيز دور المنظمات الاهلية في الرقابة والمسائلة.

من جهتها قالت هالة جبر عضو الهيئة التنسيقية لشبكة المنظمات الاهلية ومدير مؤسسة الضمير أنه ورغم الظروف الصعبة وغير المسبوقة التي تمر بها القضية الفلسطينية لازالت منظمات العمل الأهلي تقوم بدورها.

وأشارت جبر الى ان شبكة المنظمات عقدت سلسلة ورش عمل وتدريب في محاولة منها للتأثير في أجندة السياسات الوطنية من خلال تحديد الأولويات بما يخدم الوطن والمواطن مؤكدة على أهمية المسائلة ومراقبة تنفيذ الخطة الوطنية الاستراتيجية في مختلف القطاعات.

 

إلى ذلك اكد الدكتور أسامة عنتر مدير مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية على أهمية مشاركة المنظمات الأهلية في أجندة السياسات الوطنية والقطاعية معرباً عن امله في ان تتحقق المصالحة الوطنية وازالة كل العراقيل امام مشاركة قطاع غزة ومؤسساته المختلفة في صياغة هذه الخطط والتأثير بها التي مازالت تتعثر حتى الآن.

وتحدث عنتر عن أهمية العمل من اجل مستقبل مشترك وتفعيل الاجندة الوطنية التي شملت قطاعات مهمة مثل الصحة والزراعة والشباب والمرأة والأشخاص ذوي الإعاقة.

 

الى ذلك ناقش المشاركون في الجلسة الأولى التي ادارتها امال صيام مدير مركز شؤون المرأة السياسات الوطنية والقطاعية لتعزيز مقومات الصمود واحترام الحقوق

وتحدث عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الانسان في ورقته عن مدى انسجام السياسات الوطنية مع مبادئ حقوق الانسان داعياً إلى ضرورة العمل بكل الوسائل من اجل بقاء الفلسطيني على ارضه باعتبار ذلك هو التحدي الأكبر أمام الجميع خاصة أن كل الظروف والشروط متوفرة لدفع الفلسطيني ليترك أرضه.

وأشار في كلمته الى ضرورة ان تشمل أي خطة وطنية جوابا على كيفية العمل من اجل ابقاء المواطن الفلسطيني على ارضه.

وتابع: “نحن في لحظة اشتباك وكل ما يتم من سياسات تأتي ضمن عملية منظمة لتشجيع الفلسطيني على مغادرة ارضه سواء كان عبر الحصار على غزة او الانقسام الذي يعيد انتاج نفسه بشكل مستمر مما سيؤدي الى تفتيت وحدة الجغرافيا والديموغرافيا”.

وقال يونس ان “أهمية التوقيع على اتفاقيات حقوق الانسان يكمن في مدى تطبيقها واحترامها مشيرا الى أهمية تفعيل المحاسبة من أجل تعزيز احترام الحقوق والحريات مؤكدا ان من يشعر انه فوق القانون سيعيد ارتكاب الجريمة”.

ولفت الى ان خطة السياسات الاستراتيجية تحتاج الى تمويل من اجل الاشتباك مع الاحتلال منوها الى أن عدم اخضاع أي طرف للمحاسبة يعني وضع كلفة كبيرة على المواطنين.

ودعا يونس الى تعظيم الاشتباك القانوني والسياسي مع الاحتلال مشددا على ضرورة ان تتعامل الخطة على ان الشعب الفلسطيني يعيش تحت الاحتلال الذي يسعى الى تحويل الشعب الفلسطيني الى جماعات مختلفة.

من جهته تحدث الخبير التنموي مأمون بسيسو عن السياسات الوطنية ومدى انسجامها مع اهداف التنمية المستدامة لافتا الى ان الشعب الفلسطيني بارع في اعداد الخطط لكن معظمها للأسف يذهب الى الرف دون تطبيق معتبرا انجاز الخطة الاستراتيجية أمراً جيداً.

وتساءل في كملة ألقاها خلال المؤتمر ان كانت الخطة وضعت على قاعدة تشاركية أم لا خاصة وان منظمات المجتمع المدني في غزة لم تشارك في وضعها.

وأورد بسيسو مجموعة من التساؤلات حول الخطة شملت هل هناك خطة عمل لتطبيق الاستراتيجية الوطنية؟ وهل يمكن الحديث عن تنمية مستدامة في قطاع غزة.

 

وقال بسيسو: إن” هناك ثلاث قوى تقضي على مقومات التنمية في قطاع غزة تتمثل في الاحتلال من خلال اعتداءاته وحصاره المستمر، والانقسام الفلسطيني الذي يتجذر يوميا ويغيب السلطة المركزية، والدول المانحة التي أطلقت مشاريعها من تنموية الى مشاريع إنسانية واغاثية”.

من جهته قدم الباحث التنموي تيسير محيسن مدير جمعية التنمية الزراعية قراءة سياسية في أجندة السياسات الوطنية 2017-2022 اكد خلالها ان الاجندة ارتكبت خطأين بخصوص قطاع غزة، في انها لم تفصح أبدا عن نيتها أو رغبتها أو التزامها باستعادة غزة وكأن الفرضية المضمرة فيها هي بقاء غزة مفصولة، منوها الى ان الخطيئة الثانية للخطة أنها لم تحدد خطوطا حمراء في التعامل مع غزة في الاثناء وأعطت نفسها الحق، في أن تتخذ إجراءات تتنافى، مع كل كلمة وردت في الأجندة.

وأشار محيسن الى ان الخطة لم تفصح عن كيفية مواجهة المعيقات التي ذكرتها في مقدمتها(  توسع الاستيطان، حصار غزة والعدوان المتكرر عليها، تقييد الوصول إلى المنطقة “ج”، مصادرة الموارد الطبيعية، استمرار العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، الاعتمادية الكبيرة على التمويل الخارجي، عدم القدرة على الاستفادة من القوى البشرية المتزايدة) متسائلا ان كان القائمون على الأجندة يوردون هذه العقبات لا للتصدي لها وإنما لتبرير قصورهم المؤكد عن الإيفاء بما جاءوا به من رؤية ومحاور والتزامات.

وقال ان الأجندة لا تستجيب للتحديات الماثلة حقا وهي تعبير ليس عن الاختلال بين المهمتين فحسب، بل مقايضة إحداهما بالأخرى لافتا الى ان المجتمع الفلسطيني ليس في حاجة لخطط طويلة المدى في سياق يتسم بالتعقيد وانعدام اليقين، فذلك بلا جدوى، ومدعاة لجهود وتكاليف كان يفضل أن توجه نحو أولويات أخرى.

وطالب بإعادة ترتيب الأولويات منوها الى ان غزة تختنق وتكاد تموت وليس في الأجندة ما يتعاطى مع هذه الحقيقة المؤلمة.

من جهة أخرى ركز المشاركون في الجلسة الثانية التي ادارها الدكتور عائد ياغي مدير جمعية الإغاثة الطبية على الاستراتيجيات والاليات التي تعزز مشاركة المنظمات الاهلية وتفعل دورها في التأثير في السياسات الوطنية والقطاعية.

وتحدث أحمد الصوراني رئيس منتدى غزة للزراعة الحضرية عن أهمية تعزيز فعالية المنظمات الاهلية في التأثير في السياسات من اجل تسهيل التنمية المجتمعية والمؤسسية المستدامة القائمة على تعزيز الصمود والحقوق والعدالة داعيا الى توفير رؤية واطار عمل استراتيجي للسياسات الاهلية نفسها الى جانب توفير استراتيجية للمنظمات الاهلية للتأثير الايجابي في منظومة السياسات الوطنية الرسمية وفي منظومة سياسات التمويل الأجنبي.

وطالب الصوراني في ورقة عمل قدمها بتعزيز القدرات في مجال التأثير في السياسات باعتبارها استراتيجية ونهج عمل يصب في صلب عمل ومهمة ورسالة المنظمات الاهلية خاصة مؤكدا أهمية عمل الشبكات والمنتديات المتخصصة في هذا المجال.

ودعا الى استمرار تنسيق الضغط من اجل التأثير في السياسات على اكثر من مستوى يتم تأهيله وتمكينه حتى يستمر مستقبلا في جهود المبادرات والتدريب المستقبلي ويكون مصدرا محليا للمعارف والخبرات في هذا المجال خاصة بعد ان شهدت السنوات الاخيرة تراجعا واضحا في تمويل خطط وتدخلات التأثير في السياسات وان وجدت فهي لفترات قصيرة وغير منسقة وفي اطار عمل مؤسسي تمويلي منفرد.

من جهتها قالت نادية أبو نحلة مدير طاقم شؤون المرأة أنه لا يمكن أن يكون لنا أجندة سياسات ونحن فاقدين للسيادة والأرض منوهة الى ان أي نهج تنموي يجب ان يقوم على قاعدة الحقوق المتساوية (المواطنة الكاملة) الا أن مجتمعنا للأسف قائم على أساس فكرة التمييز.

وانتقدت أبو نحلة خلال ورقة عمل قدمتها عن موقع غزة ونسائها من حيث الصياغة والتأثير والتشاور عند صياغة أجندة السياسات الوطنية مؤكدة أنها لم تتحدث بشكل واقعي عن التمييز على أساس الجنس ولم تخصص شيئا للنساء لذلك بدت العدالة منقوصة.

وتابعت: أن أجندة السياسات الوطنية تعاملت مع النساء على أساس أنهن ضحايا وليس على قاعدة الشراكة في تصميم الخطة ومتابعة انجازها منوهة الى أن الخطة لم تتحدث عن تدابير خاصة للنساء او محاربة التمييز والاقصاء.

 

من جهته انتقد عبد المنعم الطهراوي ممثل المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات ضعف مؤسسات المجتمع المدني في مساءلة واضعي الخطة الاستراتيجية مؤكدا ان المساءلة المجتمعية تساهم في انجاز الحقوق وتحقيق العدالة وتحسين الخدمات.

وتحدث الطهراوي خلال ورقته التي ركزت على المسائلة المجتمعية، عن الحقوق التي تضمنتها الخطة للمواطنين ولا يتم استخدامها مثل الحق في المساءلة مؤكدا ان لدى منظمات المجتمع المدني قدرة كبيرة على الضغط والمناصرة لكنها مازالت تعمل على المستوى الاجرائي وليس المؤسساتي.

وطالب الطهراوي بتفعيل الرقابة الشعبية او شبه الرسمية مع وضع رؤية أوسع للمساءلة المجتمعية تكون غزة جزءاً منها مشيراً الى أهمية التقارير الموازية التي تقدمها المؤسسات الاهلية حول مدى موائمة التشريعات والخطط والسياسات للاتفاقيات التي وقعت عليها دولة فلسطين.