"مذبحة داكوتا".. أضخم إعدام جماعي في التاريخ الأمريكي

"مذبحة داكوتا".. أضخم إعدام جماعي في التاريخ الأمريكي
توضيحية
رام الله - دنيا الوطن
لم يكن يوم 26 ديسمبر من عام 1862، يوما عاديا في حياة الأمريكيين، وكيف يكون عاديا وهو الذي شهد أكبر عملية إعدام جماعي في التاريخ الأمريكي، حيث راح ضحيتها 38 رجلا من أبناء شعب "داكوتا"، إحدى قبائل السكان الأصليين لأمريكا، ردا على انتفاضتهم قبل تاريخ تلك المذبحة، بأيام قليلة مطالبين بالحصول على الطعام!

ورغم فداحة مذبحة الإعدام، فإنها لم تكن المصير الأسوأ، الذي واجهته تلك القبيلة، حيث أدين قرابة 300 شخص آخرين، بجميع الجرائم من السرقة حتى الاغتصاب والقتل، ووُضع 1700 من المسنين، والنساء، والأطفال، في المعتقلات، وفي النهاية طُرد أهالي القبيلة خارج الحدود إلى الأبد بحسب تقرير روتانا.

جريمة في عهد الرئيس الـ16

قد تجد صعوبة، إلى حد ما، إذا أردت البحث عما حدث في تلك الأيام العصيبة من تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، لكن مهما أُهملت تلك الفترة، فإن هذه الجريمة البشعة التي ارتكبت في حق شعب "داكوتا"، إبان حكم الرئيس الأمريكي الـ16 "إبراهام لينكولن" لن ينساها التاريخ.

وفي عام 1862، كان معظم أبناء "داكوتا" جائعون، بسبب معاهدة وقعوا عليها قبل 10 سنوات، من ذلك التاريخ، كلفتهم 25 مليون فدان مقابل الذهب والنقود والطعام، الذي لم يحصلوا عليه من قبل الحكومة الأمريكية، بل عندما حان الوقت التنفيذ غيّرت الحكومة الشروط، وأرسلت المبالغ إلى المستوطنين البيض.

وفي ظروف طبيعية قاسية نشأت كارثة أخرى، وهي هلاك محصول الذرة في "داكوتا"، عام 1861، بسبب الإصابة بالديدان القشرية، وهذا يعني أن المحصول الحيوي، الذي تعتمد عليه "داكوتا" للبقاء لن يحصد، وبحلول صيف عام 1862، كان سكان "داكوتا" يائسين تماما.

اليأس يتحول إلى حرب

وقعت أحداث أطلقت شرارة انتفاضة شعب "داكوتا"، وفي يوم 17 أغسطس، جاء الحدث الأول عندما اقتحم أناس يائسون من "داكوتا"، مقر وكالة حكومية مسؤولة عن مخازن الطعام، عُرفت باسم "الوكالة العليا"، وأخذوا الدقيق والمواد الغذائية الأخرى، الأمر الذي تسبب في انتشار الخوف والغضب بين المستوطنين البيض، وفي الوكالات الأخرى التابعة للحكومة.

وكان الحدث الآخر، في اليوم نفسه، هو عودة مجموعة صغيرة تشمل أربعة من محاربي "داكوتا" الشباب، من رحلة صيد، بأيدي فارغة، وقرروا سرقة البيض، من أحد المستوطنات، لكن تم القبض عليهم، وفي أعقاب ذلك، قُتلت عائلة من المستوطنين البيض، التي كانت تملك الدجاج.

واستشعارًا بما سيأتي بعد ذلك، وبيأس وجوع شديدين، دعا محاربو "داكوتا"، إلى حرب شاملة ضد المستوطنين والتجار البيض، وضد الحكومة الأمريكية نفسها، مما أشعل انتفاضة "داكوتا".

لم يوافق على الحرب قائد الشعب الأصلي لأمريكا، "داكوتا تا أواتي دوتا"، كان يعرف أيضا باسم "ليتل كرو"، لأنه سافر إلى واشنطن العاصمة، قبل أربع سنوات، وعرف كم كان عددهم في البلاد، وحذر شعبه آنذاك، بهذه الكلمات الواضحة: "إذا ضربتهم، فسينقلبون عليكم، ويلتهموا نساءكم وأطفالكم الصغار"، لكن رغم ذلك لم يتخل الرجل عن شعبه، وقاد الانتفاضة بنفسه عندما اشتعلت نيران الغضب.

وعمد محاربو "داكوتا" إلى تفتيش المستوطنات، وبدأوا مرة أخرى الهجوم على وكالات الحكومة، وأماكن التجار، الذين سرقوا دفعاتهم النقدية، وكانت وكالة "سيوكس السفلى"، هي الهدف الأول.

وأخذ المحاربون الإمدادات الغذائية، وأشعلوا النار في بعض المباني، وقتلوا نحو 20 رجلا من البيض عندما حاولوا الدفاع عن أنفسهم، وظل المحاربون يتنقلون من بلدة إلى أخرى، يجنون الغنائم من المستوطنين، واستمرت الانتفاضة 36 يومًا، وأشارت التقديرات إلى مقتل ما بين 500 إلى 1000 مستوطن أبيض، ونحو 100 فقط من محاربي "داكوتا".

الانتقام المحتوم

وبدأت الحكومة الأمريكية رد الفعل، واضعة مكافأة، مقابل الحصول على رؤوس محاربي "داكوتا"، وبعدها بقليل رفعت هذه المكافأة إلى 2500 دولار للرأس الواحدة.

وأعلن حاكم مينيسوتا "ألكسندر رامزي"، الحرب ضد السكان الأصليين، وتعهد قائد الجيش بالمنطقة، وهو عقيد يدعى "هنري سيبلي"، بتأمين سلامة شعب "داكوتا"، إذا سلّم المحاربون أنفسهم، لكن المحاربين، كانوا في ذلك الوقت خارج الولاية بأسرهم، بعدما فروا قبل هذا التعهد بساعات قليلة، وهو ما اضطر الباقين من شعب "داكوتا"، لتقديم مجموعة من الأبرياء بديلا للمحاربين، فتم التنكيل بهم.

وقالت المؤرخة "ماري وينجيرد"، في كتاباتها عن هذه الفترة: "هؤلاء هم الناس الذين كانوا مذنبين من لا شيء، لقد فقدوا أراضيهم، وجميع معاشاتهم"، وفي النهاية تم إعدام 38 شخصا منهم، في وقت واحد، من خلال مشهد مروع تشابكت فيه أيدي جميع المحكوم عليهم، على منصة الإعدام، وتدلت أعناقهم على أحبال الموت وهم يتغنون بأناشيد "داكوتا".










التعليقات