سوريا وأزمة منظومة (اس 300)

سوريا وأزمة منظومة (اس 300)
بقلم: عبد الله عيسى
 رئيس التحرير

كان القرار الروسي بتزويد سوريا بمنظومة الدفاع (اس 300) حدثاً كبيراً في المنطقة، وأعتقد أنه سيُغير مسار الأحداث في سوريا.

وكانت دمشق تشكو منذ زمن، وكذلك الدول العربية كافة من سيطرة سلاح الجو الإسرائيلي، وكان هذا السلاح يُعتبر بمثابة الدرع النووي الإسرائيلي، ولا يقل أهمية من صواريخ (جيريكو) التي تحمل رؤوسًا نووية عند الضرورة، كما فعلت إسرائيل خلال أول أربعة أيام من حرب أكتوبر، عندما وجهت إسرائيل صواريخ برؤوس نووية.

ومنذ حرب 73 بدأ العرب بالتفكير الجدي لإزاحة سيطرة سلاح الجو الإسرائيلي في المنطقة، حيث عانت القاهرة ودمشق وبغداد من تلك المشكلة، ففكر الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، بإقامة ما يسمى بالتوازن الاستراتيجي العسكري، بين العرب وإسرائيل، فالتقف الرئيس العراقي الراحل صدام حسين فكرة التوازن الاستراتيجي، وقام بتطبيقها عملياً، مبتكراً فكرة تزويد جيشه بالصواريخ متوسطة المدى وبعيدة المدى عبر تطوير صواريخ (سكاد) التي وصل مداها إلى 500 كيلو متر، وصواريخ الحسين، وصواريخ العباس حوالي 1000 كيلو متر، وقام بقصف إيران يوميًا حتى حولها إلى مدن أشباح، كما قام لاحقاً بقصف تل أبيب بنفس الصواريخ، كما قصف السعودية كذلك، وتنبه العرب إلى أهمية الصواريخ في الصراع؛ نظرًا لعدم قدرتهم على امتلاك طائرات متطورة جدًا كالتي مع إسرائيل، وبدأ العرب بالاهتمام بهذا الجانب كثيراً لاسيما سوريا ومصر ولبنان ممثلاً بحزب الله، والمقاومة الفلسطينية ممثلة بحركة حماس.

وقام المشير أبو غزالة، قائد الجيش المصري سابقًا بتطوير سلاح الصواريخ، حيث اكتشف أن صواريخ الظافر والقاهر المصرية، التي تم تصنيعها بعهد جمال عبد الناصر، مداها قصير ولا تصيب الأهداف بدقة، وقام كذلك أبو غزالة بإحداث النقلة النوعية بصواريخ مصر من حيث إطالة المدى، وإصابة الأهداف بدقة وطريقة التخفي عن الرادارات.

وفي حرب 1967، رغم ضعف سلاح الجو الأردني في تلك الفترة، استطاع الطيار الأردني فراس العجلوني، أن يقصف مدينة حيفا، وتل أبيب والعمق الإسرائيلي، انطلاقاً من قاعدة المفرق الجوية الأردنية، واحتاج آنذاك لطائرة بديلة ليواصل قصف المدن الإسرائيلية فاتجه إلى قاعدة جوية عراقية، فلحقت به الطائرات الإسرائيلية، وقصفته؛ وهو على أرض القاعدة واستُشهد.

وقبل حرب 67، أجرى الأردن مناورة عسكرية، بحضور المشير عبد الحكيم عامر، وحلق الطيار العجلوني بطائرته في سماء المناورة، فاستغرب المشير من قدرات الطيار، وقال للملك الحسين، هذا الطيار أجنبي، ليرد الملك على المشير بالقول: سترى ذلك الآن، وبالفعل أتى العجلوني، وأدى التحية للملك والمشير، وقدم نفسه "أنه طيار أردني اسمه فراس العجلوني" ليرد المشير عامر بالقول: "أتمنى أن يكون لدى الدول العربية جنود وضباط مثلك".

وفي حرب أكتوبر 73، قام عدد من الطيارين المصريين بمواجهة طائرات (فانتوم) الإسرائيلية من طراز (اف 5)، بطائرات (ميغ 21)، مثل الطيار المصري المنصوري وغيره، حتى إن الطيارين الإسرائيليين في مذكراتهم وصفوا المنصوري بالطيار المجنون؛ لأنه كان يقوم بحركات جنونية في الهواء، لا يمكن لـ (الميغ) أن تقوم بها، وأثناء الاستعداد لتلك الحرب، قامت كل من مصر وسوريا باستيراد صواريخ( سام)، ونصبتها على الجبهتين في البلدين، حيث حمت تلك الصواريخ دمشق والقاهرة من الغارات الإسرائيلية، حيث تيقنت تلك الدولة العربية لأهمية الصواريخ وحسمها للحروب، وكان آخرها استخدام سوريا لمنظومة الدفاع (اس 200)، ثم القرار الروسي بتزويد دمشق بمنظومة (اس 300) وهي أكثر تطورًا من (اس 200).

وبهذا؛ فان المعلومات الصحفية، تشير إلى اقتناء كلٍ من الجزائر ومصر وسوريا والسعودية والإمارات لصواريخ (اس 300)، وبالتالي فإن الدول العربية، بدأت عملياً باستخدام أنظمة صواريخ لم تكن متاحة من قبل، وبالتالي فإن أي مواجهة عربية- إسرائيلية ستكون مكلفة لإسرائيل، من كل النواحي، ولم يعد هنالك مجالٌ لسلاح الجو الإسرائيلي، أن يسيطر في المعركة المقبلة، ولم تعد الأجواء العربية مشاعًا لسلاح الجو الإسرائيلي.

التعليقات