أبومازن وحجة الوداع للأمم المتحدة

أبومازن وحجة الوداع للامم المتحدة
بكر أبوبكر
خطا الرئيس أبومازن لقاعة الجمعية العامة للامم المتحدة بعيون زائغة، وخطى متثاقلة، فهو يحمل على كاهله أكثر من ثمانين عاما صعبة ومثقلة بالهموم والازمات والتحديات.
ويحمل قضية لطالما كسرت من الظهور، واطاحت بعروش واسقطت نُظما، وتقدم من اجلها طواعية صفوف إثر صفوف من الشهداء الكرماء الذين لم ينساهم أبومازن في خطابه الصعب رغم تهديدات الادارة الامريكية ذات الطابع الدكاكيني بمنع الماء والهواء إن استمر فيض الدعم للشهداء والأسرى، فلم يأبه الشيخ أو الختيار الثمانيني بالتهديدات مطلقا.
يدخل الرئيس أبومازن الى القاعة محاطا بدعم شعبه، الا من ثلة آلت على نفسها البيعة للشيطان، فكانت كمن يفضح زوجته التي اختلف معها على العلن معلنا أمام رواد المقاهي المنصتين أنها كذا وكذا!؟ وان الاولاد منها ليسوا أولاده!؟
يدخل الرئيس أبومازن للقاعة فيصيغ عبارتين أساسيتين حتى قبل البسملة وبدء الخطاب حيث قال: (القدس ليست للبيع وحقوق الشعب الفلسطيني ليست للمساومة) وكأنه منذ البداية يوضح هدف الخطاب وغايته الرئيسة ردا على الحلف الصهيوني الامريكي.
لم يكن الرئيس مرتبكا ولا زائغ النظرات كما أشار لي أحدهم تعليقا، ولكنه كما لحظت كان يتخير الكلمات من متن نص لم يسعفه الا أن يضيف عليه، متوقعا ردات الفعل ومترقبا الاستجابة التي لطالما تأخرت كما أشار لهم بعتب وصرخة مدوية.
أبومازن الذي بدا ولأول مرة مهموما الى حد كبير، بل ومريضا لم تسعفه كوب الماء على التقاط أنفاسه الحزينة، بدا متعبا جدا وهو يحاول أن يلقي خطابا حمل فيه المجتمع الدولي المسؤولية، فكان ليده اليسرى احيانا واليمنى احيانا وحركتهما الدؤوبة أن أضفت توكيدا على ما يريد قوله ولم تسعفه الكلمات في بعض الاحيان، أو صوته الذي كان يتحشرج للحظات تحت وطاة النحنحة أو الكحة.
أشار الرئيس أن يديه والفلسطينيين بيضاء، فالسلام هو غاية الذين احتلت بلادهم والحقوق المشروعة، وموضحا أن من ينظر لنا بطرف عين سنكف عن النظر اليه، في ندية واضحة لم ينحني معها الرئيس امام عاصفة الادارة الامريكية وصفقة عصرها المرعبة، والتي ألقت بمفاتيح الحل في حضن نتنياهو الذي أعلنها مدوية لا دولة فلسطينية في عهدي ابدا فلا تصرخوا ولا تحلموا.
أبومازن يعاند ويصارع العالم، كما يعاند ويصارع اعتلال الجسد مما ظهر واضحا لا تخطئه العين، ولكنه مع ذلك ظل واقفا صامدا قويا في وجه العواصف، يحاول أن يظهر قوته من قوة القضية والشعب الفلسطيني.
ولم تكن مفاجأة للعرب او للفلسطينيين حين قال أنه يتحدث باسم 13 مليون فلسطيني في العالم، فإعاد النشوة لقلوب اللاجئين، ولطم اولئك الذين يعيبون عليه مقالة قديمة له أنه "شخصيا" لن يعود الى صفد، ففهموها اسقاطا لحق العودة، وها هي الملايين ال13 تحدق بالخطاب فرحة.
أبومازن مع كل رشفة من كاس الماء أمامه كان يحاول أن يكتم غضبه، ويحاول ألا يثور، ويحاول أيضا أن يظل متماسكا، فيوزع نظراته ب"عدالة" على الحضور ليقول أننا قدمنا للمفاوضات وللسلام كل ما لدينا كما أشار، وأنتم وبعد عشرات القرارات من الجمعية العامة ومجلس الامن لم تنفذوا منها قرارا واحدا، فأين "العدالة"، وما الفائدة منكم، أم (اننا شعب زائد عن الحاجة) تساءل بحرقة!
تميز خطاب الرئيس أبومازن بخصائص ثلاث أولها الوضوح وهو مما يتميز به في كل خطاباته، فكرر موقفه الواضح وهو موقف فلسطين الرافض للاحتلال الاستعماري والمطالبة باستقلال الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية وليس "في" القدس الشرقية.
واضاف الى خطابه صفة الندية حين تحدث عن الاتفاقيات والالتزام، سواء مع الاسرائيليين، أوالامريكان الذين مزقوا تعهداتهم المكتوبة لفلسطين.
وفي التبادلية ندية تذكرني بما كان الشهيد هاني الحسن قد اختطه في محاضرة له تحت عنوان "نحن والاسرائيليون وثقافة السلام" عام 2007 إذ حدد حينها 3 أسس هي: التسامح والحوار والندية.
لم يكن في ذهني أن تكون للامور الداخلية الفلسطينية نصيب على منبر الامم المتحدة فهي شأننا، ولا يضير العالم ألا يسمع بها في ظل أن ما يهمنا هو إظهار وحدة الموقف الفلسطيني، وهو ماكان وعبرت عنه الجماهير، رغم وجود المعارضة وهي شان صحي حينما لا تنجر كمعارضة الى فجور الخصومة او الى مثلث التعهير والتخوين والتكفير كما حصل من القلة المتسخة ملابسها بسخام الانظمة والأفكار الاقصائية.
ختم الرئيس خطابه بالقول (إننا على موعد قريب مع فجر الحرية والاستقلال، وان ظلم الاحتلال الى زوال باذن الله)
أبومازن بصبر وثبات وايمان، وخلال 38 دقيقة ثمينة، وبقليل من النحنحة وضع ايمانه بالله وبعدالة القضية وبقوة الشعب في كفة، ووضع العالم في الكفة الثانية مستصرخا وداعيا للإجابة والا فإن الحج السنوي لمنبر الامم المتحدة لا ثواب يُرجى منه بعد يومي هذا، ولا تطهير ذنوب، ولا وعود بالجنة.
بكر أبوبكر
خطا الرئيس أبومازن لقاعة الجمعية العامة للامم المتحدة بعيون زائغة، وخطى متثاقلة، فهو يحمل على كاهله أكثر من ثمانين عاما صعبة ومثقلة بالهموم والازمات والتحديات.
ويحمل قضية لطالما كسرت من الظهور، واطاحت بعروش واسقطت نُظما، وتقدم من اجلها طواعية صفوف إثر صفوف من الشهداء الكرماء الذين لم ينساهم أبومازن في خطابه الصعب رغم تهديدات الادارة الامريكية ذات الطابع الدكاكيني بمنع الماء والهواء إن استمر فيض الدعم للشهداء والأسرى، فلم يأبه الشيخ أو الختيار الثمانيني بالتهديدات مطلقا.
يدخل الرئيس أبومازن الى القاعة محاطا بدعم شعبه، الا من ثلة آلت على نفسها البيعة للشيطان، فكانت كمن يفضح زوجته التي اختلف معها على العلن معلنا أمام رواد المقاهي المنصتين أنها كذا وكذا!؟ وان الاولاد منها ليسوا أولاده!؟
يدخل الرئيس أبومازن للقاعة فيصيغ عبارتين أساسيتين حتى قبل البسملة وبدء الخطاب حيث قال: (القدس ليست للبيع وحقوق الشعب الفلسطيني ليست للمساومة) وكأنه منذ البداية يوضح هدف الخطاب وغايته الرئيسة ردا على الحلف الصهيوني الامريكي.
لم يكن الرئيس مرتبكا ولا زائغ النظرات كما أشار لي أحدهم تعليقا، ولكنه كما لحظت كان يتخير الكلمات من متن نص لم يسعفه الا أن يضيف عليه، متوقعا ردات الفعل ومترقبا الاستجابة التي لطالما تأخرت كما أشار لهم بعتب وصرخة مدوية.
أبومازن الذي بدا ولأول مرة مهموما الى حد كبير، بل ومريضا لم تسعفه كوب الماء على التقاط أنفاسه الحزينة، بدا متعبا جدا وهو يحاول أن يلقي خطابا حمل فيه المجتمع الدولي المسؤولية، فكان ليده اليسرى احيانا واليمنى احيانا وحركتهما الدؤوبة أن أضفت توكيدا على ما يريد قوله ولم تسعفه الكلمات في بعض الاحيان، أو صوته الذي كان يتحشرج للحظات تحت وطاة النحنحة أو الكحة.
أشار الرئيس أن يديه والفلسطينيين بيضاء، فالسلام هو غاية الذين احتلت بلادهم والحقوق المشروعة، وموضحا أن من ينظر لنا بطرف عين سنكف عن النظر اليه، في ندية واضحة لم ينحني معها الرئيس امام عاصفة الادارة الامريكية وصفقة عصرها المرعبة، والتي ألقت بمفاتيح الحل في حضن نتنياهو الذي أعلنها مدوية لا دولة فلسطينية في عهدي ابدا فلا تصرخوا ولا تحلموا.
أبومازن يعاند ويصارع العالم، كما يعاند ويصارع اعتلال الجسد مما ظهر واضحا لا تخطئه العين، ولكنه مع ذلك ظل واقفا صامدا قويا في وجه العواصف، يحاول أن يظهر قوته من قوة القضية والشعب الفلسطيني.
ولم تكن مفاجأة للعرب او للفلسطينيين حين قال أنه يتحدث باسم 13 مليون فلسطيني في العالم، فإعاد النشوة لقلوب اللاجئين، ولطم اولئك الذين يعيبون عليه مقالة قديمة له أنه "شخصيا" لن يعود الى صفد، ففهموها اسقاطا لحق العودة، وها هي الملايين ال13 تحدق بالخطاب فرحة.
أبومازن مع كل رشفة من كاس الماء أمامه كان يحاول أن يكتم غضبه، ويحاول ألا يثور، ويحاول أيضا أن يظل متماسكا، فيوزع نظراته ب"عدالة" على الحضور ليقول أننا قدمنا للمفاوضات وللسلام كل ما لدينا كما أشار، وأنتم وبعد عشرات القرارات من الجمعية العامة ومجلس الامن لم تنفذوا منها قرارا واحدا، فأين "العدالة"، وما الفائدة منكم، أم (اننا شعب زائد عن الحاجة) تساءل بحرقة!
تميز خطاب الرئيس أبومازن بخصائص ثلاث أولها الوضوح وهو مما يتميز به في كل خطاباته، فكرر موقفه الواضح وهو موقف فلسطين الرافض للاحتلال الاستعماري والمطالبة باستقلال الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية وليس "في" القدس الشرقية.
واضاف الى خطابه صفة الندية حين تحدث عن الاتفاقيات والالتزام، سواء مع الاسرائيليين، أوالامريكان الذين مزقوا تعهداتهم المكتوبة لفلسطين.
وفي التبادلية ندية تذكرني بما كان الشهيد هاني الحسن قد اختطه في محاضرة له تحت عنوان "نحن والاسرائيليون وثقافة السلام" عام 2007 إذ حدد حينها 3 أسس هي: التسامح والحوار والندية.
لم يكن في ذهني أن تكون للامور الداخلية الفلسطينية نصيب على منبر الامم المتحدة فهي شأننا، ولا يضير العالم ألا يسمع بها في ظل أن ما يهمنا هو إظهار وحدة الموقف الفلسطيني، وهو ماكان وعبرت عنه الجماهير، رغم وجود المعارضة وهي شان صحي حينما لا تنجر كمعارضة الى فجور الخصومة او الى مثلث التعهير والتخوين والتكفير كما حصل من القلة المتسخة ملابسها بسخام الانظمة والأفكار الاقصائية.
ختم الرئيس خطابه بالقول (إننا على موعد قريب مع فجر الحرية والاستقلال، وان ظلم الاحتلال الى زوال باذن الله)
أبومازن بصبر وثبات وايمان، وخلال 38 دقيقة ثمينة، وبقليل من النحنحة وضع ايمانه بالله وبعدالة القضية وبقوة الشعب في كفة، ووضع العالم في الكفة الثانية مستصرخا وداعيا للإجابة والا فإن الحج السنوي لمنبر الامم المتحدة لا ثواب يُرجى منه بعد يومي هذا، ولا تطهير ذنوب، ولا وعود بالجنة.
التعليقات