ما هي خيارات اليوم التالي لإغلاق البنوك في قطاع غزة؟

ما هي خيارات اليوم التالي لإغلاق البنوك في قطاع غزة؟
ارشيفية
خاص دنيا الوطن - صلاح سكيك
يتواصل الحديث عن إمكانية فرض السلطة الفلسطينية، لإجراءات اقتصادية جديدة، في قطاع غزة، ضمن سلسلة من الإجراءات لتقويض حكم حركة حماس، بدعوى أن الأخيرة ترفض تمكين الحكومة في قطاع غزة.

ويتم تداول الكثير من المعلومات حول نية السلطة الفلسطينية، فرض إجراءات ضد حركة حماس، من ضمنها وقف عمل البنوك في غزة، وإنهاء عمليات التحويل من وإلى قطاع غزة.

هذا الأمر لم يحدث بعد، ولكن في حال تم فإن العديد من الوقائع الحالية ستتغير، وستحدث الكثير من الأزمات، ولربما ينهار وضع اقتصاد غزة، فوق انهياره الحالي، وإن حدث ذلك، هل تقبل فعلًا البنوك خصوصًا وأنها مؤسسات خاصة غير مملوكة للدولة بأن تُغلق أبوابها في غزة، كيف ستتم عمليات التحويلات داخليًا وخارجيًا عبر بعض البنوك التابعة لحماس، وأيضًا هل ستقبل إسرائيل بهذا الواقع، إضافة إلى ذلك، ماذا ستفعل حماس لمواجهة هذا الوضع الجديد الذي سيُفرض عليها، والأهم ما هي خيارات اليوم التالي لإغلاق البنوك في قطاع غزة؟

مسؤول في المجلس المركزي الفلسطيني، أكد أن كل دوائر القيادة الفلسطينية، تُركز على خطاب الرئيس محمود عباس، لأنه سيصدر بعده عدة قرارات.

وأضاف المسؤول الفلسطيني لـ"دنيا الوطن": أنه بعد ذلك يمكن أن يتم الذهاب لعقد المجلس المركزي، والذي سيبحث سبل اتخاذ قرارات لاستعادة الوحدة الوطنية، حيث سيتخذ عقوبات رادعة ضد حركة حماس في قطاع غزة، في حال استمرار الانقسام لحينه، مشيرًا إلى أن الإجراءات في مجملها، ستكون ضد قيادة حركة حماس، وكافة الجمعيات المنبثقة عن الحركة.

قرار دولي لإغلاق البنوك

المحلل الاقتصادي نهاد نشوان، أكد أن قرار إغلاق البنوك بغزة، يحتاج إلى قرار دولي، وليس قرار من السلطة الفلسطينية، لأن لديها ارتباطات خارجية، لافتًا إلى أن الحالة الوحيدة لإغلاق البنوك، تتمثل بقيام السلطة الفلسطينية بإنهاء عملها في الأراضي الفلسطينية، أو بمعنى آخر أن تحل السلطة نفسها بنفسها، أو أن تتحلل من اتفاقية أوسلو، وبالتالي أوسلو لها تابع اقتصادي وهي اتفاقية باريس، تصبح السلطة خارجه، وهذا يعتبر كذلك بمثابة الانفصال المُعلن عن قطاع غزة.

واعتبر نشوان خلال حديثه لـ"دنيا الوطن"، أنه في حال تم فرض إجراءات اقتصادية جديدة في قطاع غزة، سيتم خلق تسوية جديدة ما بين وزارة المالية وسلطة النقد، بحيث تتمكن الأخيرة من مساعدة البنوك في استرداد القروض على الموظف حال وصلنا لوقف كامل صرف رواتب الموظفين والذهاب إلى صفر راتب، مشيرًا إلى أن هذا السيناريو متوقع حصوله، وليس بعيدًا عن الواقع، بل لربما تذهب السلطة إلى إجراءات أشد قسوة من ذلك.

وأشار إلى أن الأمر ليس فقط راتب موظف سلطة يتم إيداعه في بنك ما، بل أن كافة المعاملات تتم عبر البنوك المعترف فيها من سلطة النقد، بمعنى أنه من الممكن وقف كافة رواتب موظفي السلطة، لكن من غير الممكن أن توقف البنوك استلام تحويلات خارجية عبر اللجنة القطرية، أو التبرعات الإماراتية، أو حتى أموال يتم إرسالها وتسليمها لوكالة الغوث (أونروا) في قطاع غزة، لذا اليوم التالي حال حدوث ذلك، سيكون هو الأصعب لربما في تاريخ قطاع غزة الاقتصادي، وإنهاء هذا الوضع يحتاج الكثير من العمل.

إنعاش الاقتصاد لا تدهوره

إلى ذلك، استبعد مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية، ماهر الطباع، حدوث هكذا إجراءات، على اعتبار أن الوضع الاقتصادي مُنهار منذ زمن، ولا يمكن العبث به الآن، بل لا بد من انعاشه.

وأضاف الطباع لـ"دنيا الوطن": لا أتخيل رؤية هذا الإجراء يطبق على الأرض، فقطاع غزة يعيش أسوأ أوضاع اقتصادية، لم يعهدها منذ عقود، ولنا أن نقول إن اقتصاد غزة في حالة موت سري، وأي إجراءات جديدة، يعني رفع أجهزة الانعاش عن هذا الميت، ليفارق الحياة بشكل رسمي.
 
وأوضح، أن غزة تُعاني من نقص في السيولة النقدية، ويوجد هنالك ما يقرب من 50 مليون دولار قيمة الشيكات المرتجعة، ونسبتي البطالة والفقر في ارتفاع كل يوم، لذا أي إجراءات اقتصادية محتملة، عندئذ لن يكون هنالك اقتصاد من الأساس، مشيرًا إلى أن البنوك هي أحد أهم القطاعات المؤثرة وغيابها أو توقفها، سيؤثر عليها وعلى غزة، بل سيؤثر على مجمل الاقتصاد الفلسطيني.

ماذا ستفعل إسرائيل؟

بدوره، أكد الدكتور نائل موسى، محاضر علوم الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية، أن إسرائيل يهمها الأمن قبل الاقتصاد، وإغلاق البنوك، يعني انفجار غزة، وإسرائيل لن تقبل بأن ينفجر القطاع بوجهها.

وأضاف موسى لـ"دنيا الوطن": دعنا نتفق أن أي إجراء اقتصادي بغزة، من قبل السلطة الفلسطينية، لن يؤثر كثيرًا عليها، وانما سيؤثر على إسرائيل، ولا أعتقد أن حكومة نتنياهو أو الجيش الإسرائيلي، سيقبلون بذلك، كما أن الأمريكان لن يقبلوا بتلك الإجراءات، بل سيضغطون على بنوك عربية، من أجل أن ترسل أموالاً لغزة، وأن تتم عملية التحويلات كما السابق.

وأوضح، أن البنوك بعضها قد تغلق في حال فرض إجراءات اقتصادية بغزة، لكن من سيتبقى منها سيتم تحجيم نشاطه الاقتصادي، بينما ستتعامل حماس مع ما هو متبقي من بنوكها وهذه البنوك ليس لها نشاط خارجي.

وتابع موسى: وفق اتفاقية باريس الاقتصادية، البنوك الفلسطينية، لا يمكن منعها من التعامل مع البنوك الإسرائيلية، ونحن نستخدم ثلاث عملات "الشيكل والدينار والدولار"، وهذا يعني أن البنك المركزي الإسرائيلي يتدخل بسياستنا النقدية، وحماس ستستغل اتفاقية باريس، لصالحها وستُفعّلها لأنها غير معنية بإيقافها آنذاك.

وذكر أن التحويلات بين بنوك غزة والخارج، حاليًا، مقيدة بشكل كبير، ومعظم ما ينزل في البنوك، هي رواتب موظفي السلطة، وودائع ومدخرات أهل غزة، إضافة لتسديد القروض من قبل المواطن لصالح البنك، كما أن البنوك أيضًا لم تخصم كافة قروضها من الموظفين المقترضين منها، لذا هي الآن بحالة خسارة بملايين الدولارات، وتوقفها يعني وفاة البنك.

وختم موسى، حديثه قائلًا: البنوك ذاتها ستضرر أكثر من المواطنين، لذا لن تقبل أن تُغلق بقرار سياسي، كما أن هناك أشخاصاً يمتلكون أسهماً في البنوك، وهم شركاء في البنك، فلا يمكن أن يسمحوا بأي انتحار اقتصادي لهم ولأبنائهم، على حد تعبيره.

التعليقات