"شومان" تقدم الفيلم الفرنسي: "جاك دي نانت"

"شومان" تقدم الفيلم الفرنسي: "جاك دي نانت"
جانب الفيلم الفرنسي: "جاك دي نانت"
رام الله - دنيا الوطن
في سنة 1990 قدمت المخرجة الفرنسية المتميزة فاردا والتي يرى فيها  الكثير من النقاد – جدة الموجة الجديدة في السينما الفرنسية – فيلم "جاك من مدينة نانت" (أو ابن مدينة نانت)، وتتناول فيه حياة زوجها المخرج الفرنسي المشهور جاك ديمي حسب ما رواها لها، واستنادا لما حدثها به كتبت المخرجة سيناريو الفيلم و أخرجته في تلك الفترة الحرجة لكلا الزوجين، إذ أن ديمي كان يعاني من ورم خبيث ومتقدم في الدماغ ولم يكن قادرا على المساهمة في اتمام الفيلم، حتى انه لم يحضر لمواقع التصوير الذي جرى في أماكنه الحقيقية التي عاش بها الا مرات قليلة. وقد توفي جاك ديمي قبل ان يعرض الفيلم.

ان توقيت اخراج هذا الفيلم عنصر مهم في قراءته اذ ان فاردا تعرف انها مفارقة لزوجها الذي تحبه خلال فترة قليلة، وهي في سباق مع الزمن لإنهاء الفيلم تكريما وتخليدا لزوج فنان عاشت معه ثلاثين سنة قبل ان يغادر نهائيا.     

استعانت فاردا بثلاثة من الفتيان صغارالسن لتجسيد طفولة ديمي حسب المرحلة العمرية، واستعانت بأكثر من مصور، كما نلاحظ من تترات الفيلم، وذهبت بالكاميرا الى كل زاوية عاش بها أو مر بها ديمي: منزله، كراج ابيه، صالون والدته لتصفيف شعر السيدات، وصورت مشهد مغادرة لمدينته خلال الاحتلال النازي لفرنسا.... الخ، كما أنها تعاملت بعمق مع علاقته مع عائلته وأقرانه وصورت كيف تعلق وهو في سن مبكرة بفن السينما وقام كهاو بتجارب لصنع أفلام قصيرة.

صور الفيلم بمجمله بالابيض والاسود، لكن فاردا كانت تنتقل فجأة لاستعمال اللون، كما انها كانت تنتقل من صورة فوتوغرافية ثابتة الى لقطات متحركة، ومن لقطات قريبة الى متوسطة وبعيدة أحيانا، بالاضافة لمشاهد قليلة يظهر بها ديمي نفسه، إضافة إلى ذلك استخدمت المخرجة مرات عديدة مقاطع من أفلام زوجها، استعاد فيها مشاهد عاشها في طفولته وأشخاص عاش بينهم في مدينة طفولته وصباه نانت، ومنها مثلا مشاهد من فيلمه الشهير"مظلات شيربورغ" الذي كان أول فيلم سينمائي من نوعه يعتمد الحوار المغنى كليا.

هذه الانتقالات لم تؤثر في انسيابية شريط الفيلم بل هي ما يزيد في الأثر النفسي لدى المشاهد، كما لعب التوظيف الذكي لموسيقى وأغاني كانت سائدة في فرنسا في اربعينات القرن الماضي نفس الأثر.

نلاحظ من الفيلم إلى أي مدى تسيطر عاطفة الحب الصادق الانسانية على فاردا، خاصة إذا عرفنا انها سبق وأخرجت فيلما عن الشاعر الفرنسي العظيم اراغون وحبيبته -زوجته – السا، اللذان عاشا معا ما يقارب الاربعين سنة، كما أنها أخرجت فيلما قصيرا -حوالي عشر دقائق – عن قصة حب رقيقة تجري في اصفهان بين سائحة فرنسية ومواطن ايراني.

من المشاهد المؤثرة في الفيلم زيارة ديمي لقبر جده، فقد كان مكتوبا على شاهد القبر اسم الجد -جاك ديمي -والحفيد ديمي سمي على اسم جده وهو يقول إنه كان يرتجف خوفا من الموت عند زيارة هذا القبر.