رحلات ابو الخيزران على خشبة مسرح الحرية في مخيم جنين

رام الله - دنيا الوطن
استضاف مسرح الحرية في مخيم جنين مساء أمس الاثنين عرضاً مسرحياً مميزاً للمسرح الشعبي من مخيم الامعري، والذي حمل عنوان "رحلات ابو الخيزران"، وهو من انتاج جمعية المسرح الشعبي لفنون الأداء والتدريب في العام 2016، كتبه واخرجه الاستاذ فتحي عبد الرحمن بالاستفادة من شهادات المهاجرين في البحر المتوسط، ومن نص الشجرة المقدسة لفرناندو أرابال، وذلك بحضور اعضاء من مجلس إدارة المسرح والمهتمون بالحراك الثقافي في جنين.

والعرض المسرحي يربط بين نكبة   فلسطين، والنكبة العربية الكبرى اليوم، حيث تتمحور المسرحية حول شخصية أبو الخيزران الذي كان يُهرّب اللاجئين المُعدمين للعمل في الكويت  في رواية "رجال في الشمس" لغسان كنفاني، وفي الجزء الأول من المسرحية، يهربهم داخل صهريج مغلق، فتقتلهم حرارة الشمس، اما في الجزء الثاني، يُهرّب سوريين وعراقيين وفلسطينيين في زورق متهالك عبر البحر الأبيض المتوسط، فتبتلعهم مياه البحر.

وتتناول المسرحية مأساة اللاجئين في الحرب الدائرة منذ سنوات في سوريا، وما يحدث لهم حين يفكرون بالهجرة من المخيمات إلى أوروبا عبر البحر، وما يعانونه مع السماسرة أثناء ذلك.

وفي كلمة مسرح الحرية الترحيبية، رحب المدير الفني لمسرح الحرية نبيل الراعي بفرقة جمعية المسرح الشعبي مشيداً بعمل المسرحي العريق فتحي عبد الرحمن في المسرح العربي (الاردني والفلسطيني)، مشيراً الى اهمية ما تتناوله المسرحية من استعراض لقضية اللاجئين خاصة الفلسطينيين منهم والذين يعانون من ازمة اللجوء المستمر، مؤكداً على اهمية الاجابة على سؤال ابو الخيزران في رواية رجال في الشمس للشهيد الاديب غسان كنفاني: لماذا لم يدق حتى الآن جدار الخزان؟

وتركز المسرحية على صراع البقاء، فالعائلة الفلسطينية بقيت وحيدة في مخيم اليرموك ولكنها لم تعد قادرة على الصمود أكثر، فقررت الهجرة إلى ألمانيا ولكن الطريق أمامهم لم يكن معبدا بل محفوفا بالمخاطر التي حاولت العائلة تخطيها الوحدة تلو الآخرى، حيث يضاف للعرب نكبة جديدة وألم عميق بعد فلسطين في سوريا.

المخرج فتحي عبد الرحمن يقول عن عمله الفني؛ دائماً هناك أبو الخيزران، هذا المهرّب الذي يتاجر بأرواح المنكوبين من البشر، من أبو خيزران رجال في الشمس، إلى مئات أبو الخيزران تجار الموت في البحر الأبيض المتوسط، فهذه الحرب تأكل أرواحناـ، تمزّقنا، تغتال أحلامنا، وتحيلنا إلى بقايا بلا ملامح. هذه الحرب يصنعها الطامعون في الهيمنة، ويدفع ثمنها الضعفاء الذين يهربون من موت إلى موت، ومن عذاب إلى عذاب، ليدخلوا في تيه جديد، وفي هجرة ورحيل لا ينتهي، وعن مخيم اليرموك الذي هُجّر سكّانه للمرة الثانية ليعيشوا نكبة جديدة، وعن مئات آلاف المواطنين الهاربين من الحروب المصنوعة إلى مغامرة الهجرة في بحر لا يرحم الضعفاء.

موسيقى الموت عبقت بالمكان، مسرح بجدار نصفه مهدم ونصفه الآخر ينتظر مصيره، الحرب الأهلية في سوريا أقفلت جميع الدروب أمام سكان المخيم ولم تترك أمامهم خيار آخر سوى اللجوء والهجرة، معاناة أشد من حرب النكبة صور تعرض في هذه المسرحية، التي تتناول حكايات أهل مخيم اليرموك، من خلال أسرة فلسطينية لاجئة، تعيش بين صراعات النظام والمعارضة بما فيها التكفيرية، وصولاً  إلى القارب الذي يأملون أن يقودهم إلى حياة أخرى في أوروبا برفقة لاجئين سوريين.

عمل بانورامي مسرحي على مدار ساعة وثلث قدمه الممثلون  حسين نخلة، ريم اللو، محمد مشارقة، عبيدة صلاح، عدي الجعبة، عمر ابو عامر، ولارا نصار، أما كلمات الأغنيات: من قصائد لنوري الجراح، ود. وليد سيف، الألحان والتوزيع: محمد موسى، غناء: سناء موسى، المؤثرات الصوتية: مهند قعدان، تصميم وتنفيذ الديكور والاكسسوار: محمد الراعي، الأزياء: المسرح الشعبي، تصميم الإضاءة: عبد الله وشاحي، ومحمد فروخ، إدارة خشبة مسرح: محمد فروخ، تنفيذ الصوت: مرح ياسين، تصميم المطبوعات: حسني رضوان، وحافظ عمر، تصوير المادة الفلمية: محمود أبو سلامة، وأحمد بعلوشة، المونتاج: كرم علي، تصوير فوتوغراف: محمد زهدي الطويل.

واشار مصطفى شتا مدير مسرح الحرية الى ترحيب المسرح باستضافة العروض المسرحية للزملاء في المسارح الفلسطينية وان هذا يؤكد على اهمية الشراكة والتعاون لتنشيط الحراك الثقافي وتنشيط العمل المسرحي في الاراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة في سياق الاستثمار بالهوية الوطنية وضمن سياق المقاومة الثقافية

وقدم هذا العرض بدعم من شبكة الفنون الادائية الفلسطينية (PPAN)، وحصل على تمويل الانتاج من الصندوق الثقافي الفلسطيني التابع لوزارة الثقافة، فيما دعم عروضه التجريبية الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق).