البنك الدولي يُحذر: غزة دخلت مرحلة الانهيار الاقتصادي

البنك الدولي يُحذر: غزة دخلت مرحلة الانهيار الاقتصادي
ارشيفية
رام الله - دنيا الوطن
حذر البنك الدولي من أن تردي الأوضاع الاقتصادية في فلسطين بات مثيراً للقلق، مع دخول قطاع غزة مرحلة الانهيار الاقتصادي، فيما تتعرض الخدمات الأساسية المقدمة للسكان للخطر في ظل شح السيولة.

وأعلن البنك، أنه سيعرض على لجنة الارتباط الخاصة بنيويورك يوم السابع والعشرين من الشهر الجاري، أن فرداً واحداً من أصل اثنين في قطاع غزة، يعاني من الفقر، وفق ما نقلت عنه قناة (روسيا اليوم).

وقال البنك الدولي: "إن الوضع الاقتصادي في قطاع غزة آخذ في الانهيار، تحت وطأة حصار مستمر منذ عشر سنوات، وشح السيولة في الفترة الأخيرة، وذلك على نحو لم تعد معه تدفقات المعونة كافية لحفز النمو".

وأوضح بالقول: "كل هذا أسفر عن وضع مثير للقلق، حيث يعاني شخص من كل اثنين من الفقر، ويصل معدل البطالة بين سكان قطاع غزة الذين يغلب عليهم الشباب إلى أكثر من 70%."وعلقت (مارينا ويس)، المديرة والممثلة المقيمة للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة، على التقرير، مشيرة إلى أن الحرب والعزلة والانقسام، كلها عوامل اجتمعت على غزة.

ولفت التقرير إلى أن الاقتصاد في غزة "في حالة انهيار شديد، إذ بلغ معدل النمو سالب 6% في الربع الأول لعام 2018، والمؤشرات تنبئ بمزيد من التدهور منذ ذلك الحين".

وتابع البنك الدولي: مع أن الحصار الذي مضى عليه عشرة أعوام هو المشكلة الرئيسية، ثمة مجموعة من العوامل أثَّرت في الآونة الأخيرة على الوضع في غزة، منها التقليص التدريجي لبرنامج معونات الحكومة الأميركية، الذي يتراوح بين 50 مليون و60 مليون دولار سنوياً، وتخفيضات لبرامج وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ومع أن الوضع في الضفة الغربية ليس بهذا القدر من السوء في الوقت الحالي، فإن النمو الذي كان يحركه الاستهلاك في الماضي آخذ في التداعي، ومن المتوقع أن يتباطأ النشاط الاقتصادي بشدة في الفترة المقبلة.

ويرى البنك الدولي في تقريره، أنه "لم يعد ممكناً الآن التعويض عن التدهور الاقتصادي في غزة والضفة الغربية بالمعونات الأجنبية التي هبطت هبوطاً مطرداً، ولا بنشاط القطاع الخاص الذي لا يزال يواجه عراقيل بسبب القيود على الحركة، والحصول على المواد الأساسية، والتجارة، علاوةً على ذلك، فإن تدهور أوضاع المالية العامة لا يدع للسلطة الفلسطينية مجالاً يذكر لمد يد العون، ومع انخفاض التمويل الذي يُقدِّمه المانحون، وعجز عام كامل في الموازنة قدره 1.24 مليار دولار من المتوقع أن تبلغ الفجوة التمويلية 600 مليون دولار، وفي ظل هذه الظروف، ثمة احتمال للتعرض لخسارة كبيرة من جراء التشريع الإسرائيلي الذي صدر في الآونة الأخيرة، ويقضي بحجب إيرادات المقاصة (الضرائب وضريبة القيمة المضافة التي تحصلها إسرائيل لحساب السلطة الفلسطينية) التي تقدر بنحو 350 مليون دولار سنوياً".

وقالت ويس: "الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في غزة آخذة في التدهور منذ أكثر من عشرة أعوام، لكنها تدهورت بشدة في الأشهر الأخيرة، ووصلت إلى نقطة حرجة، ويغذي تزايد مشاعر الإحباط وخيبة الأمل التوترات المتزايدة التي بدأت تتسع رقعتها بالفعل وتتحوَّل إلى اضطرابات، وتعرقل التنمية البشرية لشريحة الشباب الكبيرة في القطاع".

ويُشدِّد تقرير البنك الدولي على ضرورة اتباع نهج متوازن في معالجة الأوضاع في غزة، يجمع بين التدابير الفورية لمواجهة الأزمة، وخطوات لإيجاد بيئة مواتية للتنمية المستدامة، ومن بين التدابير الفورية التي يقترحها "ضمان استمرار الخدمات الأساسية مثل الطاقة، والمياه، والصرف الصحي، والرعاية الصحية، ولهذه الخدمات الأساسية أهمية بالغة لمصادر كسب الرزق للسكان، وللاقتصاد كي يعمل ويؤدي وظائفه".

وأضاف: ثمة حاجة أساسية أخرى هي زيادة القوة الشرائية للأسر لتمكينها من العودة إلى النشاط الاقتصادي الأساسي، وتعزيز مصادر كسب الرزق التقليدية عن طريق توسيع منطقة صيد الأسماك بعد حد الأميال الثلاثة الذي ينطوي على قيود شديدة، وصولاً إلى منطقة عشرين ميلاً التي اتفق عليها في تسعينيات القرن الماضي".

وتابع: بخلاف الاستجابة للأزمات، يمكن للحكومة الإسرائيلية دعم بيئة مواتية للنمو الاقتصادي عن طريق رفع القيود على التجارة، والسماح بحركة السلع والناس والتي بدونها لن يتحسن الوضع الاقتصادي في غزة أبداً، كما ينبغي للسلطة الفلسطينية أن تشرع في انتهاج السياسات وتنفيذ المشروعات اللازمة للتنمية الاقتصادية المستدامة، ومن ذلك دعم التجارة في الخدمات الرقمية التي يمكن أن تلعب دورا رئيسيا في الفترة الانتقالية. ومن الضروري أيضا لتحقيق انتعاش اقتصادي قادر على الاستمرار، أن تحكم المؤسسات الشرعية غزة على نحو يتسم بالشفافية والكفاءة، وأن تُنفِّذ إصلاحات لتهيئة بيئة إيجابية للأعمال

واعتبر البنك الدولي "إن رأس المال البشري الفلسطيني، الذي يغلب عليه الشباب ويتمتع بحظ وافر نسبياً من التعليم، يمكن أن يكون مصدراً لإمكانات هائلة، ومن شأن تجديد التأكيد على أهمية خلق الوظائف أن يؤتي ثماره بدرجة كبيرة من حيث التنمية الاقتصادية. لقد حان الوقت الآن لكافة الأطراف المعنية أن توحد صفوفها وتعمل معاً على تهيئة بيئة مناسبة تتيح الفرص لهؤلاء الشباب".

التعليقات