ذكرى المجزرة لا يندمل

ذكرى المجزرة لا يندمل
نبض الحياة 

ذكرى المجزرة لا يندمل 

عمر حلمي الغول 

مضت 36 عاما على المجزرة الوحشية في مخيمي صبرا وشاتيلا، التي سقط فيها حوالي 5000 الآف شهيد من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب الفلسطيني على يد قتلة وحوش العصر الآدميين الإسرائيليين وعملائهم المرتزقة من الجماعات اللبنانية الإنعزالية، ولم تغب ظلالها القاتمة، وشبحها المريب والخطير عن الذاكرة الوطنية. لا بل انها مع مرور كل عام تكون أكثر حضورا مع إزدياد سوداوية اللحظات السياسية، التي يمر بها الكفاح الفلسطيني المعاصر. 

لم تكن مجزرة صبرا وشاتيلا حدثا عابرا يمكن ان ينسى بالتقادم، ومع مرور الوقت. ولن تكون كذلك، لأنها عميقة في الوعي الوطني إسوة بكل المجازر العنصرية، التي إرتكبها فاشيو الحركة الصهيونية وجيش الموت الإسرائيلي على مدار عقود الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. وحدوثها كان إذكاءا لنار الصراع، وإعمالا للعقل والوعي الوطني بالإصرار على الإنتصار. 

كما ان إستحضارها يوما تلو الآخر، وعاما بعد عام مع سلسلة المجازر، التي فاقت الأربعين مذبحة، إنما هو إستحضار لنبع السلام، وغرس روح التعايش والتسامح على لغة القتل والإرهاب المنظم الإسرائيلية، ومحاولة لإغلاق نزيف الدم الأحمر القاني من الوريد والشريان الفلسطيني، وإشعال بريق الأمل لإضاءة قناديل الحياة الآدمية الكريمة للإنسان الفلسطيني العربي، الذي كابد الموت مع كل طلعة فجر جديد. 

ويكمن البوح بمواجعها وفواجعها وآلامها في زمن الفجور الأميركي الإسرائيلي ومن والاهم من عرب وعجم، لإيقاظ صوت العقل الوطني والقومي والإنساني في أصقاع المعمورة لوقف التحضير لمشروع المجزرة الفاشية القادمة، التي ستكون أكثر دموية ودونية، لإنها ستغطي الأرض بالسواد الممتزج بالدم المخضب من أجساد الضحايا الأبرياء والعزل. ولإنهاض النائمين من سبات غفوتهم، ولا مبالاتهم لعلهم يوقفوا حرب الإنقلاب الحمساوية، ويسدلوا الستار على حروب القتل البينية العربية العربية، وحتى ينفخوا أكسير الحياة في جسد الشعب والأمة العربية المثخن. 

صبرا وشاتيلا مخيمين توأمين جادا بابناءهما قربانا لروح الثورة والمجد الفلسطينية، ودفاعا عن الحرية، ونزفا حتى الرمق الأخير ليفضحا للمرة الألف النازيين الجدد أتباع هرتزل وجابوتنسكي وبن غوريون ودايان وبيغن وشامير ونتنياهو ورابين وبيرس وليبرمان وبينت وباراك ويعلون وليفني والمرت وكل القتلة منذ ولدت الحركة الصهيونية، أو منذ صنعها الغرب الراسمالي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا. وليؤكدا للعالم اجمع أن لغة الموت والمذبحة والإقصاء والتهميش والعنصرية والفاشية والبلطجة وقانون الغاب لا تصنع سلاما ولا إستقرارا، ولا تصنع مجدا وحضارة، بل تقيم مدن المقابر الموحشة، وتعلي لغة البارود والدم على غصن السلام الأخضر. 

ولا خيار أما الضحية الفلسطينية سوى الإمساك بشراع الأمل والحياة، وزرع السنابل على ضفاف نهر الدم الإسرائيلي الصهيوني الأميركي، ورفع راية الحرية والإستقلال والعودة وتقرير المصير والمساواة عاليا في وجه الطغاة من كل الجنسيات والمسميات، وسحق كل من يقصف زهور الورد اليانعة بسيف العدالة الإنسانية، ومارتينة الحقوق الوطنية المشروعة.

صبرا وشاتيلا يطرقان جدار الخزان الفلسطيني والعربي، ليستيقظ ابناء الشعب والأمة، ويعيدوا الإعتبار لمجد السلام والحرية والعدالة، وينفضوا غبار ولعنة الهزيمة. وستبقى ذكرى المجزرة باقية لا تندمل.

[email protected]

[email protected]           

التعليقات