أوسلو وحماس

أوسلو وحماس
نبض الحياة 

أوسلو وحماس

عمر حلمي الغول 

من تابع مواقف حركة حماس في الذكرى ال25 للتوقيع على إتفاقية أوسلو، لاحظ ان المستويات القيادية المختلفة فيها أعلنت مواقف منددة بالإتفاقية، وطبعا كان ذلك الموقف عند التوقيع عليها في البيت الأبيض في 13 من أيلول / سبتمبر 1993. ولم يقتصر موقف فرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين عند حدود "الإدانة" و"الرفض" لها، بل انهم أرفقوها بإتهام و"تخوين" القيادة الشرعية لمنظمة التحرير عموما، وشخص الرئيس أبو مازن خصوصا. 

وبعيدا عن لغة الردح والشتائم والتخوين، وبإعتماد لغة المنطق والعقل والسؤال حول العلاقة التبادلية بين حركة حماس والإتفاقية البائسة، إذا كانت اتفاقية أوسلو، التي تأسست السلطة الوطنية في العام 1994 على أساسها، وكانت مؤسساتها التنفيذية والتشريعية والقضائية نتاجها، لماذا إنخرطت حماس فيها، ورشحت منتسبيها وقياداتها لعضوية المجلس التشريعي عام 1996؟ ولماذا شكلت الحكومة العاشرة الحمساوية الخالصة في أعقاب الإنتخابات، وهي تعلم أنها مطالبة بالتعامل مع وزارات وأجهزة أمن دولة الإستعمار الإسرائيلية؟ ألم يعلن آنذاك إسماعيل هنية، رئيس الحكومة العاشرة، وحكومة الوحدة الوطنية بعد إتفاق مكة شباط/فبراير 2007 انه سيتعامل مع المؤسسات الإسرائيلية المناظرة؟ وحتى عندما إنقلبت على الشرعية حزيران/ يونيو 2007، ألم تبقى تتعامل مع ممثلي دولة الإستعمار الإسرائيلي؟ وألم تعلم قيادة حركة حماس أن قرار مشاركتها في الإنتخابات التشريعية كان بقرار إسرائيلي أميركي وعربي وإسلاموي إخواني؟ وقبل ذلك، ألم يكن ظهور حركة حماس في المشهد الفلسطيني نهاية 1987 مع إنطلاقة الإنتفاضة الفلسطينية الكبرى بقرار تنظيم الإخوان المسلمين الدولي، ومباركة إسرائيلية أميركية وبعض العرب الرسميين؟ ومن الذي لعب دورا تخريبيا كلما كان هناك عملية إعادة إنتشار للجيش الإسرائيلي ليعطل توسيع إنتشار وتمدد السلطة الوطنية على أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967؟ ولمصلحة من؟ وهل صحيح ما تذرع به حسام بدران، من ان مشاركتهم في الإنتخابات 1996 وتولي الحكومة كان لمصلحة وقف التدهور؟ وما هي النتيجة من وقف ذلك؟ هل الإنقلاب على الشرعية الوطنية، وتمزيق وحدة الأرض والشعب والقضية والنظام السياسي التعددي كان لوقف التدهور أم لتعميق التدهور وتأبيد الإستعمار الإسرائيلي مقابل بناء الإمارة السوداء في محافظات الجنوب الفلسطينية؟ ولماذا لا تطوي حماس صفحة الإنقلاب الأسود حتى الآن، رغم مرور إثني عشر عاما؟ ومن يركض في متاهة إسرائيل وأميركا ترامب وتمرير صفقة القرن مقابل الإمارة في غزة؟ وألم يكن الإنقلاب على الشرعية الوطنية اواسط عام 2007 بمثابة رأس حربة لإنخراط جماعة الإخوان المسلمين في مخطط أميركا وإسرائيل لبناء الشرق الأوسط الكبير، وهدم وتفتيت الدول العربية: مصر والعراق والسودان وليبيا وتونس وسوريا واليمن؟ وألم يتم إعتقال العشرات من كوادر ومنتسبي حركة حماس في مصر المحروسة، وإعترافهم بتنفيذ العديد من العمليات الإرهابية ضد مؤسسات وأجهزة أمن الشقيقة الكبرى؟ وهل كانت أجندة حركة حماس وطنية خالصة، أم أنها أجندة فذوية وإقليمية؟ وإذا كانت كذلك ومعنية بشعار المقاومة فعلا لا قولا وشكلا، لماذا ترفض تعزيز عوامل الصمود الوطني، ولا تعود لجادة منظمة التحرير الفلسطينية؟ ومَن القائل علنا وسرا "اننا لا نريد ولا نعترف بالمنظمة، وما نقوله لوسائل الإعلام، هو مجرد لغو، لايمثل موقفنا؟ ومن حاول المرة تلو الأخرى إيجاد بدائل للمنظمة، الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني؟ وهل لغة التخوين وتهديد رأس الشرعية الوطنية يخدم المصالحة والوحدة الوطنية؟ ....إلخ

الأسئلة كثير جدا، وهناك دلائل ومؤشرات ساطعة على تورط حركة حماس في في العديد المخططات المتناقضة مع مصالح الشعب العربي الفلسطيني. مع ذلك حتى لا نبقى ننكء الجراح، وبعد مضي خمسة وعشرين عاما على إتفاقية أوسلو، ومع إحتدام المواجهة مع إدارة ترامب ودولة الإستعمار الإسرائيلية، ولوقف التدهور فعلا إن كانت قيادة حركة حماس جادة، ألم يحن الوقت لترميم جسور المصالحة الوطنية، وتعزيز روابط الشراكة السياسية على أساس برنامج الإجماع الوطني؟ 

لنتفق وبعيدا عن الإيجابيات والسلبيات المرافقة لإوسلو والإشتراطات الذاتية والموضوعية للتوقيع عليها، على التخلص من كل تداعياتها السلبية، ونغلق الباب في وجه دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، ونعلي شأن الوحدة الوطنية، ونعيد الإعتبار لمكانة قضيتنا الوطنية دون تردد او تلكؤ. فهل تفعل حماس ما تمليه مصالح الشعب الوطنية العليا عليها، وتطوي صفحة الإنقلاب السوداء؟ الكرة في مرمى حماس.

[email protected]

[email protected]  

التعليقات