حصاد أوسلو المر

حصاد أوسلو المر
نبض الحياة 

حصاد أوسلو المر

عمر حلمي الغول

اليوم يصادف الذكرى ال25 للتوقيع على إتفاقية أوسلو في البيت ألأبيض الأميركي. وهي ذكرى أليمة وحزينة تعكس المرارة والتراجع، الذي أصاب القضية والمشروع الوطني بالكثير من الأضرار والثقوب نتاج ما حملته الإتفاقية من مثالب وعيوب ونواقص وأخطار على مستقبل الكفاح الوطني التحرري. 

بعد مضي 25 عاما على تلك الإتفاقية غير المتكافئة والمثلومة لا قيمة لإستخدام صيغة "لو"، لإنها لم تعد تجد نفعا. لكن من حق كل فلسطيني ان يسلط الضوء على الخطايا والأخطاء لإستخلاص الدروس والعبر، ووضع الرؤى والمشاريع الفكرية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية/ التربوية والكفاحية والتنظيمية لردم الهوة السحيقة، التي أحدثتها إتفاقيات أوسلو العقيمة، وإعادة الإعتبار للقضية والأهداف والثوابت الوطنية.

كما لا يجوز للداعمين لخيار أوسلو أن "يتغنوا" ب"منجزات"ها وتداعياتها "الإيجابية". لإن كل تلك الإيجابيات الموجودة فعلا، لا تشكل شيئا أمام نقاط الضعف والخسائر، التي أصابت الشعب والقضية والمشروع الوطني. ومع ذلك يفترض على كل باحث وقائد سياسي وإعلامي مختص أن يكون موضوعيا وحكيما وهو يحاكم القيادة الفلسطينية لحظة التوقيع، والشروط المعقدة، التي لازمت الحدث التاريخي غير الإيجابي، ورؤية حجم الغموض والإلتباس، الذي غلف القضية بعد إجتياح إسرائيل الزلزالي للبنان حزيران عام 1982،وما تركه من جروح عميقة في الجسد الفلسطيني، والتدقيق في المنافسة غير المبررة، ولا المشروعة بين بعض اهل النظام الرسمي العربي وقيادة منظمة التحرير، فضلا عن التآمر المعلن على قيادة منظمة التحرير بذرائع وحجج واهية من الكثير من اهل النظام العربي، والإنعكاسات الهائلة والخطيرة الناجمة عن حرب الخليج الثانية على النظام العربي عموما والقضية الفلسطينية خصوصا. 

حصاد أوسلو لم يكن يوما حلو المذاق، بل كان حصادا مرا وعلقما، دفعنا حتى الآن ثمنا باهضا وغاليا من الأرض والحقوق والمصالح الوطنية، وقد يكون الثمن في المستقبل المنظور أكثر تكلفة في ضوء الحرب المجنونة، التي يقودها الرئيس دونالد ترامب وإدارته عبر صفقة القرن مع حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية من خلال جرائم حربها ضد القضية والشعب وقيادة منظمة التحرير والأهداف الوطنية والكيانية الفلسطينية الوليدة. 

ومع ذلك على قيادة منظمة التحرير والقوى والنخب السياسية إمتلاك الشجاعة لإجتراح الصعاب بدل البكاء على الأطلال، والتكامل مع ما إشتقته قيادة المنظمة في دورات المجالس المركزي ال27 و28 و29 ودورة المجلس الوطني 23. لا سيما وان القرارات، التي تم تبنيها تشكل المدخل السياسي والإقتصادي والأمني والكفاحي المناسب لوقف التدهور الحاصل في مسيرة النضال الوطني، ووضع حد لتفاقم وتغول الإستيطان الإستعماري في الأرض الفلسطينية المحتلة في الخامس من حزيران / يونيو 1967، وإلغاء المرحلة الإنتقالية، وكل المعاهدات والإتفاقيات الموقعة مع دولة الإستعمار الإسرائيلي، ووقف كل اشكال التنسيق وفي مقدمتها التنسق الأمني، وسحب الإعتراف بدولة إسرائيل، وإلقاء إتفاقية باريس في سلة المهملات، وتصعيد منهجي للكفاح الشعبي الفلسطيني حتى يعم البلاد باسرها ويشمل قطاعات الشعب المختلفة، وبناء إقتصاد الصمود الشعبي، وتعزيز الحضور والتواجد والبناء في المنطقة (C)، وتكامل اشكال النضال مع ابناء شعبنا في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل وفق برنامج وخطة عمل وطنية شاملة تأخذ بعين الإعتبار خصوصيات كل تجمع بعين الإعتبار، وقبل هذا وذاك الذهاب للوحدة الوطنية، وإسترجاع قطاع غزة، وطي صفحة الإنقلاب الأسود بكل الوسائل الممكنة والمشروعة، وعلى أرضية الشعار السياسي الناظم : "يا إما نستلم، يا إما سنستلم"، والذي يتوافق مع الشعار الأعم والأهم "لا دولة في غزة، ولا دولة دون غزة"، وبالضرورة فتح أبواب منظمة التحرير لإحتضان كل القوى، التي تقبل ببرنامجها وقيادتها الشرعية، وعلى أرضية الشراكة السياسية الكاملة. 

ولتكن الذكرى ال25 لإتفاقيات أوسلو، التي دفنها نتنياهو أثناء توليه حكومته الأولى 1996/1999، التشييع الفلسطيني الأخير لها. لانها لم تعد قائمة إلآ وفق ما يريده منها قادة الإئتلاف اليميني المتطرف الإسرائيلي وخاصة التنسيق الأمني، وما يخدم إقتصاد دولتهم الكولونيالي. لم يعد هناك ما نبكي عليه، أو نخسره إذا ما نفضنا الغبار الأوسلوية عن هويتنا وشخصيتنا وعن ممثلنا الشرعي والوحيد، منظمة التحرير وكفاحنا الوطني. ولنعد الإعتبار لمجد مشروعنا الوطني. أعتقد جازما إننا سنفعل قريبا وقريبا جدا.

[email protected]

[email protected]          

التعليقات