عاجل

  • شهداء وجرحى جراء قصف طائرات الاحتلال المسيرة أمام "بسطة فلافل" في سوق النصيرات وسط القطاع

تصورات للواقع

تصورات للواقع
د يسر الغريسي حجازي

12.09.18

    تصورات للواقع

 "التغيير العميق يتطلب تغييرًا في طرق التفكير، والشعور، والعمل المتأصل فينا". دانيال جولمان 

لماذا نشعر احيانا بالاستياء وان لا احد يفهمنا وكاننا ناتي من كوكب اخر؟ لماذا لا يمكننا التوقف عن التفكير تماما؟ و نشعر في هذه اللحظات اننا غير قادريين على وقف ماكنة التفكير، و تجعل منا اشخاصا مكتئبة. 

وياتي انطباع الظلم والشعور بسوء الفهم اتجاهنا، وعدم تقديرنا. قبل كل شيء ، نحن بحاجة إلى معرفة ما الذي يسبب لنا بمشكلة، ويساهم في تسميم حياتنا. يجب أن نبدأ بالقبول، بأنه لا يمكننا تغيير الناس أو العالم لأن التفكير الأكثر من اللازم يؤدي إلى المعاناة، والعجز، والانهيار العصبي. 

وضحت كريستل بيتيتكولين (2010) ، في كتابها "انا أفكر كثيرا" أن التفكير الكثير يثير مشاعرنا، ويؤدي إلى أفكار أخرى كئيبة. كما تحدثت ايضا عن النظام العصبي عند الانسان، والعوامل العقلية التي قد تكون مختلفة عن "القواعد المعيارية".

و يشير في السيكلوجية، الي ان الفرد يتمتع بقدرات طبيعية (فكرية ، عقلية ، إلخ) أو وظائف تختلف اختلافًا واضحًا عن متوسط عدد السكان في العديد من مجالات المهارة: مثل الإبداع والفن والرياضة ، إلخ. 

    وبسبب هذه البراعة في الإدراك ، يعيش الناس المهيمنين أحداث حياتهم بكثافة، وخارج المعايير. 

وذلك يفسر التحول في إدراك الواقع ، إلى درجة عدم تمييز الفرق بين المثالية 

المطلقة والوضوح.  في مسالة الزواج علي سبيل المثال، يجب علي الكفاءة العقلية ان تجد الاخري ، وإلا ستتزايد الحساسية لتصل الي أعلى العاطفة التي يمكن أن تؤدي إلى الإحباط، والاكتئاب، ونوبات الغضب عند الانسان.

لأنه إذا يتم احتكار مشاعر الذكاء البشري ، فلن يتمكن البشر من التمييز بين ما هو منطقي وما هو غير ذلك. عندما يتم تعزيز العواطف ، فينموا الشك والانفصال عن الواقع لزيادة اضطهاد العقل وهشاشة الادراك. 

كما يستمر الرفض، بالإضافة إلى المعاناة والشعور بالتعاطف تجاه الآخرين. يحدث لنا جميعا ان نشعر أحيانا بالتعب والانتماء إلى كوكب آخر، في حالات  خيبات الأمل بسبب اننا لن نشارك رأي الآغلبية. ما يجب أن نفهمه، هو أننا نفكر ونتفاعل وفقًا للمعتقدات التي تعلمناها خلال طفولتنا. ويمكنها أن تجعلنا نفكر أو نشعر بأننا مختلفون عن الآخرون، ونخشى على حساسيتنا. إذا زادت هذه الحالة من العاطفة القوية ، يمكن أن تؤدي إلى السخط. 

كما إن الإيمان بتحقيق اهداف غير حقيقية، وبعيدة عن قدرات الفرد يمكن أن يؤدي إلى اليأس، والسلوك القاسي. يُنظر إلى الانكار في علم النفس، على أنه آلية دفاعية لحماية الذات (سيغموند فرويد ، 1924). 

يمكننا أن نرى على سبيل المثال ، أن الأشخاص الذين يعانون من النشاط المفرط يفكرون  كثيرًا، ولديهم الانطباع بأن عليهم أن يقوموا بكل الاعمال البيتية، وأن الاسرة ستنهار بدونهم. يمكن لهؤلاء الاشخاص ان يفعلون عدة أشياء في نفس الوقت ، ويمكنهم رؤية جميع  التفاصيل التي لا يمكن رؤيتها دائما اثناء الحديث مع الاخرين، مثل بقعة صغيرة على سجادة أو لعبة ضائعة تحت كرسي. 

بالنسبة لكريست بيتيتكولين ،هنالك فروقات في الدماغ البشري، و يوجد الفرق في هيمنة النصف الأيمن المخي من الدماغ وذلك ما يفعل الفرق بين الاشخاص و يجعل تفكيرهم شامل، عاطفي، وحدسي، وباهر. ويعتقد ان الاشخاص الآخرون، يسيطرعليهم النصف الايسرالمخي من الدماغ، وهم يفكرون  بتسلسل، وعقلانية، ودقة. 

هذان عالمان ، و طريقتان مختلفتان في التفكير ، وهما يتعايشان ويعتقدان بأنهما متشابهان ، وكل واحد منهما يلقي اللوم علي الاخر. وبالتالي يتم التعامل مع المعلومات بشكل مختلف اعتمادا على النصف المخي الذي يهيمن على الدماغ. تظهر الأبحاث أن معظم الأدمغة تعمل غالبا من 70 إلى 85٪  في النصف المخي الأيسر ، في حين ان  غالبية الادمغة تعمل من15 الي 30٪ في النصف المخي الأيمن. 

وتنشأ مشاكل التواصل من اللحظة، التي نقرر فيها أن الأشخاص الآخرين يجب عليهم أن يفكروا بالضبط مثلنا ، وأن كل ما نقوم به هو النجاح بدون مناقشة. 

لا ينبغي أن تكون الاختلافات، بين الناس بأي حال من الأحوال مصدرا للنزاع  لأن الناس ببساطة، لا تبدو متشابهة بسبب ان كل العقول لا تعمل بالطريقة نفسها. 

وأفضل طريقة لتوجيه هذا العقل المحتكر، هو العمل على الذات  من خلال التنمية الذاتية التي تساعد على التخلص من القلق، والإحباط، والاكتئاب كالتالي:

- أن يتعلم  المرء ان يعرف نفسه ، وأن يحسن معرفة ذاته ، وأن يقدّر مواهبه وإمكانياته، مع الإبقاء على  المنطق ،

- تحسين نوعية الحياة وتطلعاتنا وأحلامنا،

- ممارسة الرياضة أو التأمل، لتهدئة عقل المرء ورفع وعيه

- تحسين أدائنا في التواصل مع الآخرين،

 - القيام بالتخطيط وإدارة وقتنا بفعالية،

- تطوير قدرات الفرد وإبراز أفضل ما لديه (القراءة، متابعة الدراسات،  والمشاركة في الأعمال الخيرية)، 

ان التطوير الذاتي هو نظام محدد مسبقا، مبني على تحليل الحقيقة المتصورة بصدق "أنطوان ديستوت دو تريسي (1754/1836)". 

كما انه نظام ايديولوجي مه التلقين اليومي للحياة ، وبُعد ثقافي لبناء معتقدات حقيقية تقوم على المشاركة، والسبب، ورؤية أفضل للعالم. 

التعليقات