المنظمة والعلاقات البينية

نبض الحياة
المنظمة والعلاقات البينية
عمر حلمي الغول
الأحزاب والقوى السياسية تاريخيا وفي كل المجتمعات البشرية ليست لونا واحدا، وكل حزب أو تجمع أو فصيل له خلفيته الفكرية والسياسية. وحتى القوى التي تخلع ثوب الفكر أو العقيدة، فإنها تتسم بخصال خاصة بها، لا تتوافق مع غيرها في مركباتها وإرتباطاتها الإيديولوجية مع القوى الأخرى. وعلى ذلك، فإن المبدأ الناظم بين مجموع الأحزاب أو القوى في مجتمع بشري ما، ومهما كانت درجة تطوره أو العكس، هو مبدأ الصراع المستمر على السلطة، ويبقى الإمساك بقرون السلطة هدف اساسي لها جميعا إما بالطريق الديمقراطي عبر صناديق الإقتراع، أو بغير ذلك ووفق السمات الخاصة لتطور البلد الإجتماعي والإقتصادي والثقافي، وأحيانا عبر إقامة تحالفات بينية لمجموعة من القوى لمواجهة قوى أخرى.
ولا تختلف كثيرا حالة الشعوب الواقعة تحت نير الإحتلال الأجنبي من حيث المبدأ عما تقدم، فمختلف القوى تسعى لقيادة شعبها وفق رؤيتها البرنامجية لبلوغ هدف التحرر الوطني. لكن حتى تستقيم العملية السياسية الوطنية، فإن مطلق قوة قائدة وتحظى بالأغلبية في أوساط هذا الشعب أو ذاك، فإنها تعمل على إستقطاب القوى السياسية الأخرى في تحالف وطني عريض على أرضية برنامج وطني جامع، يمثل القاسم المشترك بين الكل السياسي لمواجهة الإستعمار الأجنبي. لا سيما وأن بقاء القوى السياسية والمجتمعية في حالة تنافر وتناقض يعطي الفرصة للقوة المستعمرة لتلعب على تناقضاتها، ومواصلة إستعمارها ونهبها لثروات وخيرات البلد دون إلتفات حقيقي لها، أو إيلاءها الأهمية التي تستحق.
وما تقدم بات يمثل ألف باء علم السياسة، ولم يعد يحتاج إلى جهد كبير لإقناع القوى السياسية الوطنية بمختلف مشاربها وتوجهاتها. بإستثناء القوى السياسية، التي تُّزرع أو يُؤصل لها في أوساط مجتمعاتها كقوة رديفة للإستعمار وحلفائه. لإنه، وأي كانت درجة التباين الفكري الأيديولوجي بين القوى السياسية الوطنية، لا يمكن إلآ أن تكون جزءا أصيلا من مركبات الجبهة الوطنية الوطنية في هذا البلد أو ذاك. لإن ذلك مصلحة حزبية وفكرية ووطنية.
ولو توقفنا أمام التجربة الفلسطينية، فإننا نعتبر منظمة التحرير تمثل الوعاء الوطني الجامع، وعلى أرضية برنامج الإجماع الوطني، الذي يشكل القاسم المشترك للكل الفلسطيني، أو وفق التعريف الوطني، تعتبر الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. دون ان يعني ذلك، أو يتطلب من القوى السياسية التخلي عن برامجها وخلفياتها الفكرية والسياسية. ومع ذلك شهدت الساحة السياسية العديد من المعارك البينية فيما بين فصائل المنظمة، وتم خروج عدد منها من الهيئات القيادية للمنظمة في محطات مختلفة نجمت عن الخلافات السياسية فيما بين المركز القيادي والفروع. ولكن بقيت تلك الفصائل والقوى جزءا أصيلا من مكونات المنظمة، ولم يتم إدارة الظهر لها من قبل القيادة السياسية للمنظمة. وبقي الباب مفتوحا دوما لها. لإنها مكون أساسي، وكونها ساهمت بحماية منظمة التحرير، وحملت رايتها، راية الوطنية الفلسطينية، ودفعت ثمنا ودما من الشهداء والجرحى والأسرى على مذبح أهداف الثورة الفلسطينية، وفي سبيل تحقيق الإنجازات السياسية للشعب العربي الفلسطيني في المحافل والمنابر العربية والإقليمية والدولية. وبالتالي لا يستطيع كائن من كان أن يسقط وجودها، أو يتجاهلها، أو يبعدها عن الحاضنة الوطنية، منظمة التحرير الفلسطينية.
كما لا يجوز للبعض الإستهانة أو الإستخفاف بدور ومكانة تلك الفصائل والأحزاب، وإعتبارها "غير ذات شأن"، أو كما يحلو للبعض الإستخفاف بها، بإستخدامه تعبير "الفسائل" أو يذهب البعض بهدف التقليل من ثقلها في الساحة، للقول "انها لا تُحمل باص ركاب صغير"!، حتى وان وجد عتب على تلك الفصائل لضعف حضورها في الشارع نتاج الأزمة البنيوية العميقة في بنائها التنظيمي، وحضورها السياسي في الشارع، فإن هذا لا ينتقص من مكانتها وثقلها السياسي التاريخي والآني.
والنتيجة العلمية والوطنية، التي أخلص لها، واطالب الجميع العمل على أساسها، أولا حماية منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد من كل عمليات الإستهداف الداخلية والخارجية؛ ثانيا لا تتم عملية الحماية دون الحرص على كل القوى الفصائلية والشخصيات الوطنية المستقلة المكونة للمنظمة، وبغض النظر عن أية تباينات أو إفتراقات سياسية مع هذا الفصيل أو ذاك الحزب؛ ثالثا الإبتعاد عن سياسة الإقصاء والعزل لإي مكون من مكونات المنظمة، والحرص علي كل شخص ليبقى بناءها (المنظمة) قويا ومتماسكا؛ رابعا حتى عندما تملي الضرورة تسليط الضوء على أخطاء ونواقص هذا الفصيل أو ذاك في وسائل الإعلام، يتم ذلك على أرضية الحرص عليه، والإبتعاد عن ردات الفعل والتشهير به، لإن ذلك لا يخدم من قريب أو بعيد المصلحة الوطنية الجامعة.
إذا لنحمي جميعا منظمة التحرير الفلسطينية، ممثلنا الشرعي والوحيد بحبات الأعين، ولنذود عن مكانتها ودورها عبر تعزيز وحدتها وتصليب قوتها، وتطوير مؤسساتها بشكل دوري ودائم، والإرتقاء المستمر ببرنامجها السياسي ولوائحها التنظيمية وعمل دوائرها والصندوق القومي، وفتح الباب للقوى الجديدة بغض النظر عن خلفياتها العقائدية، ولكن على أساس برنامج الإجماع الوطني، وليس كيفما كان.
المنظمة لنا جميعا، وليست حكرا على فصيل دون آخر، أو وطني دون وطني آخر، ومكتسباتها لنا جميعا، وتراجعها سيصيبنا جميعا بالضياع والهزيمة. فلنحافظ عليها بكل ما نملك من قوة وإرادة وتصميم، لنتمكن من هزيمة المشاريع الإستعمارية الإسرائيلية والأميركية ومن لف لفهم من عرب وعجم.
[email protected]
[email protected]
المنظمة والعلاقات البينية
عمر حلمي الغول
الأحزاب والقوى السياسية تاريخيا وفي كل المجتمعات البشرية ليست لونا واحدا، وكل حزب أو تجمع أو فصيل له خلفيته الفكرية والسياسية. وحتى القوى التي تخلع ثوب الفكر أو العقيدة، فإنها تتسم بخصال خاصة بها، لا تتوافق مع غيرها في مركباتها وإرتباطاتها الإيديولوجية مع القوى الأخرى. وعلى ذلك، فإن المبدأ الناظم بين مجموع الأحزاب أو القوى في مجتمع بشري ما، ومهما كانت درجة تطوره أو العكس، هو مبدأ الصراع المستمر على السلطة، ويبقى الإمساك بقرون السلطة هدف اساسي لها جميعا إما بالطريق الديمقراطي عبر صناديق الإقتراع، أو بغير ذلك ووفق السمات الخاصة لتطور البلد الإجتماعي والإقتصادي والثقافي، وأحيانا عبر إقامة تحالفات بينية لمجموعة من القوى لمواجهة قوى أخرى.
ولا تختلف كثيرا حالة الشعوب الواقعة تحت نير الإحتلال الأجنبي من حيث المبدأ عما تقدم، فمختلف القوى تسعى لقيادة شعبها وفق رؤيتها البرنامجية لبلوغ هدف التحرر الوطني. لكن حتى تستقيم العملية السياسية الوطنية، فإن مطلق قوة قائدة وتحظى بالأغلبية في أوساط هذا الشعب أو ذاك، فإنها تعمل على إستقطاب القوى السياسية الأخرى في تحالف وطني عريض على أرضية برنامج وطني جامع، يمثل القاسم المشترك بين الكل السياسي لمواجهة الإستعمار الأجنبي. لا سيما وأن بقاء القوى السياسية والمجتمعية في حالة تنافر وتناقض يعطي الفرصة للقوة المستعمرة لتلعب على تناقضاتها، ومواصلة إستعمارها ونهبها لثروات وخيرات البلد دون إلتفات حقيقي لها، أو إيلاءها الأهمية التي تستحق.
وما تقدم بات يمثل ألف باء علم السياسة، ولم يعد يحتاج إلى جهد كبير لإقناع القوى السياسية الوطنية بمختلف مشاربها وتوجهاتها. بإستثناء القوى السياسية، التي تُّزرع أو يُؤصل لها في أوساط مجتمعاتها كقوة رديفة للإستعمار وحلفائه. لإنه، وأي كانت درجة التباين الفكري الأيديولوجي بين القوى السياسية الوطنية، لا يمكن إلآ أن تكون جزءا أصيلا من مركبات الجبهة الوطنية الوطنية في هذا البلد أو ذاك. لإن ذلك مصلحة حزبية وفكرية ووطنية.
ولو توقفنا أمام التجربة الفلسطينية، فإننا نعتبر منظمة التحرير تمثل الوعاء الوطني الجامع، وعلى أرضية برنامج الإجماع الوطني، الذي يشكل القاسم المشترك للكل الفلسطيني، أو وفق التعريف الوطني، تعتبر الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. دون ان يعني ذلك، أو يتطلب من القوى السياسية التخلي عن برامجها وخلفياتها الفكرية والسياسية. ومع ذلك شهدت الساحة السياسية العديد من المعارك البينية فيما بين فصائل المنظمة، وتم خروج عدد منها من الهيئات القيادية للمنظمة في محطات مختلفة نجمت عن الخلافات السياسية فيما بين المركز القيادي والفروع. ولكن بقيت تلك الفصائل والقوى جزءا أصيلا من مكونات المنظمة، ولم يتم إدارة الظهر لها من قبل القيادة السياسية للمنظمة. وبقي الباب مفتوحا دوما لها. لإنها مكون أساسي، وكونها ساهمت بحماية منظمة التحرير، وحملت رايتها، راية الوطنية الفلسطينية، ودفعت ثمنا ودما من الشهداء والجرحى والأسرى على مذبح أهداف الثورة الفلسطينية، وفي سبيل تحقيق الإنجازات السياسية للشعب العربي الفلسطيني في المحافل والمنابر العربية والإقليمية والدولية. وبالتالي لا يستطيع كائن من كان أن يسقط وجودها، أو يتجاهلها، أو يبعدها عن الحاضنة الوطنية، منظمة التحرير الفلسطينية.
كما لا يجوز للبعض الإستهانة أو الإستخفاف بدور ومكانة تلك الفصائل والأحزاب، وإعتبارها "غير ذات شأن"، أو كما يحلو للبعض الإستخفاف بها، بإستخدامه تعبير "الفسائل" أو يذهب البعض بهدف التقليل من ثقلها في الساحة، للقول "انها لا تُحمل باص ركاب صغير"!، حتى وان وجد عتب على تلك الفصائل لضعف حضورها في الشارع نتاج الأزمة البنيوية العميقة في بنائها التنظيمي، وحضورها السياسي في الشارع، فإن هذا لا ينتقص من مكانتها وثقلها السياسي التاريخي والآني.
والنتيجة العلمية والوطنية، التي أخلص لها، واطالب الجميع العمل على أساسها، أولا حماية منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد من كل عمليات الإستهداف الداخلية والخارجية؛ ثانيا لا تتم عملية الحماية دون الحرص على كل القوى الفصائلية والشخصيات الوطنية المستقلة المكونة للمنظمة، وبغض النظر عن أية تباينات أو إفتراقات سياسية مع هذا الفصيل أو ذاك الحزب؛ ثالثا الإبتعاد عن سياسة الإقصاء والعزل لإي مكون من مكونات المنظمة، والحرص علي كل شخص ليبقى بناءها (المنظمة) قويا ومتماسكا؛ رابعا حتى عندما تملي الضرورة تسليط الضوء على أخطاء ونواقص هذا الفصيل أو ذاك في وسائل الإعلام، يتم ذلك على أرضية الحرص عليه، والإبتعاد عن ردات الفعل والتشهير به، لإن ذلك لا يخدم من قريب أو بعيد المصلحة الوطنية الجامعة.
إذا لنحمي جميعا منظمة التحرير الفلسطينية، ممثلنا الشرعي والوحيد بحبات الأعين، ولنذود عن مكانتها ودورها عبر تعزيز وحدتها وتصليب قوتها، وتطوير مؤسساتها بشكل دوري ودائم، والإرتقاء المستمر ببرنامجها السياسي ولوائحها التنظيمية وعمل دوائرها والصندوق القومي، وفتح الباب للقوى الجديدة بغض النظر عن خلفياتها العقائدية، ولكن على أساس برنامج الإجماع الوطني، وليس كيفما كان.
المنظمة لنا جميعا، وليست حكرا على فصيل دون آخر، أو وطني دون وطني آخر، ومكتسباتها لنا جميعا، وتراجعها سيصيبنا جميعا بالضياع والهزيمة. فلنحافظ عليها بكل ما نملك من قوة وإرادة وتصميم، لنتمكن من هزيمة المشاريع الإستعمارية الإسرائيلية والأميركية ومن لف لفهم من عرب وعجم.
[email protected]
[email protected]
التعليقات