الـ"GPS" كشفه.. حكاية الجاسوس العراقي الذي اخترق صفوف تنظيم الدولة

الـ"GPS" كشفه.. حكاية الجاسوس العراقي الذي اخترق صفوف تنظيم الدولة
صورة تعبيرية
رام الله - دنيا الوطن
نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية، قصة حارث السوداني الجاسوس العراقي البالغ من العمر (36 عاماً)، والذي نجح في اختراق صفوف تنظيم الدولة لمدة 16 شهراً، وتمرير معلومات وفيرة للاستخبارات العراقية، ساعدت في إحباط العديد من العمليات الإرهابية، ويعتقد أن تنظيم الدولة كشفه وقتله، ولكن لم يتم العثور على جثته حتى الآن.

وقال أبو علي البصري، مدير الاستخبارات العراقية للصحيفة: إن جهود السوداني ساعدت في إحباط 30 هجوماً بعربات مفخخة و18 مخططاً انتحارياً.

الصقور

وحول قصة حياة السوداني، قال تقرير الصحيفة: إنه تعثر في دراسته، وتفرغ لمطاردة الفتيات، فطرد من الجامعة، وبعد ذلك تزوج السوداني زواجاً تقليدياً، وعاد إلى الدراسة، كما درس الإنجليزية والروسية، وكان يعمل في صيانة المراقبة الإلكترونية في مؤسسات نفطية.

وفي عام 2006، شكل البصري، وكان مسؤول الاستخبارات في مكتب رئيس الوزراء حينئذ، وحدة استخباراتية خاصة لمكافحة الإرهاب حملت اسم "الصقور" وضمت 16 رجلاً من وحدات النخبة العسكرية، وأكاديمية الشرطة، وكان شقيقه مناف مجنداً فانضم للوحدة، وشجع حارثاً على التقدم بطلب الانضمام لها للخروج من حالة الملل التي كان يعيشها بين ألعاب الفيديو والمقاهي، ففعل وتغيرت حياته.


وقال مناف للصحيفة: "حينئذ ولأول مرة منذ مدة طويلة أشاهد حارثاً متحمسا للحياة لقد كان سعيداً".

وفي عام 2014 ومع استيلاء تنظيم الدولة على مساحات كبيرة في سوريا والعراق، بات أمام وحدة الصقور مهمة جديدة، وهي اختراق التنظيم، وقد تطوع السوداني للتسلل إلى صفوف التنظيم، فتمت ترقيته لرتبة نقيب وتدريبه على المهمة.

وساعده على ذلك، أن عائلته تنحدر من الرمادي معقل السنة، كما أن إجادته اللهجة المحلية للرمادي تعطيه مصداقية، ولأنه شيعي فقد شرع في التعرف على ممارسات السنة، وحفظ الآيات المحببة للجهاديين.


واختلق شخصية "أبو صهيب"، العاطل عن العمل بأحد أحياء السنة بالعاصمة بغداد، وبدأ مهمة اختراق صفوف المتشددين في مدينة الطارمية المجاورة ذات السمعة السيئة، بوجود المتشددين بها، ونجح في مهمته، وأصبح عضواً في التنظيم، وأنيط به نقل مئات الكيلوغرامات من المتفجرات إلى الانتحاريين في بغداد.

وفي كل مهمة، كان يبلغ الصقور الذين يقومون من جانبهم باختلاق تفجيرات وهمية، وإصدار بيانات عنها، وعلى مدار 16 شهراً، أثمرت جهوده عن إحباط العديد من العمليات الإرهابية، والقضاء على قياديين بارزين في التنظيم.

النهاية 

وظهر أن التنظيم كشف كذبه منذ منتصف عام 2016 بسبب الـ GPS فعندما اتصل به قائده في التنظيم؛ ليسأله عن مكانه في بغداد، أجاب بأنه في حي سيتم تنفيذ عملية به، في حين أنه كان في إحدى زياراته لبيته، فقال له قائده إنه يكذب.

وإزاء هذا الخطر طلب من السوداني وقف المهمة، ولكنه رفض وأصر على الاستمرار.

وفي أوائل كانون الثاني/ يناير 2017 كلف التنظيم السوداني بمهمة كانت هي الأخيرة، فقد اختفى بعدها تماماً.

وفي آب/ أغسطس التالي، أصدر التنظيم شريط فيديو دعائياً، يظهر إعدام سجناء، أكدت وحدة الصقور، أن السوداني من بينهم.

اختفاء الجثة 

وحاولت وحدة الصقور العثور على جثة السوداني دون جدوى.

وأشار تقرير الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن السوداني، أصبح أسطورة، لكن عائلته لا تستطيع الحصول على تعويضات لعدم العثور على جثته.

وتقول زوجته رغد شلوب: إنها كانت تعتقد أنه يهملها وأطفالهما الثلاثة، حيث إنها لم تكن تعرف شيئا عن حياته السرية التي لا يعلم بها سوى شقيقه مناف ووالده.

ويقول مسؤولون عراقيون: إن وحدة الصقور أحبطت مئات الهجمات الإرهابية على بغداد، مما جعلها أكثر أمناً عما كانت عليه قبل 15 عاماً.

التعليقات