عبد الباري عطوان: منظمات متطرفة ستخرج لحكم الضفة الغربية بعد رحيل أبو مازن

عبد الباري عطوان: منظمات متطرفة ستخرج لحكم الضفة الغربية بعد رحيل أبو مازن
الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان
خاص دنيا الوطن - صلاح سكيك
قال الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان، عضو المجلس الوطني الفلسطيني: إن الضفة الغربية سيتغير شكلها، بعد رحيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مؤكدًا أنها ستدخل في مرحلة مخاض جديدة، وصراعات ما بين قيادات السلطة الفلسطينية، لأن الرئيس عباس، هو آخر رجالات القيادة التاريخية، بل هو آخر آباء الشعب الفلسطيني.

وأكد عطوان في حوار مطول مع "دنيا الوطن": بصراحة الوضع بعد الرئيس عباس، سيكون مخيفاً، وهناك تساؤلات مطروحة، هل ستكون هنالك فوضى؟ هل تخرج منظمات متطرفة تقود العمل بالضفة الغربية؟ هل تنهي إسرائيل ضم الضفة، على اعتبار أنهم لربما مُحرجين قليلًا بسبب أن الرئيس عباس كان رجل السلام، في أكثر من مرحلة؟

وأوضح، أن إسرائيل ستُهيمن تمامًا على الضفة الغربية، كما سينهار اتفاق أوسلو، وسيتم تحويل فلسطينيي الضفة إلى سكان، بدلًا من مواطنين، وسنشهد بعد أبو مازن مقاومة فلسطينية قوية في الضفة، ومواجهة محتدمة مع الاحتلال. 

وعن قطاع غزة، أشار عطوان إلى أن أبو مازن يقول: أريد غزة فوق الأرض، وتحت الأرض، لكن هل يا رئيس الفلسطينيين، أنت قادر على حكم الضفة الغربية فوق الأرض؟ الإجابة لا.. فالاحتلال يعتقل الناس من جوانب مبنى المقاطعة برام الله، ويحدث هذا بشكل يومي، لذا عندما تسيطر على الضفة فوق الأرض سأكون أول من يطالب بإعادة غزة لأبو مازن فوق وتحت الأرض، وقبل ذلك فإن المطلوب من الرئيس عباس رفع العقوبات عن قطاع غزة، فلا يعقل أن تعاقب غزة، في ظل ما تقدمه، فأبو مازن كان يجب عليه أن يُكافئها وليس أن يعاقبها.

وأوضح عطوان، أن القضية الفلسطينية تراجعت كثيرًا، في عهد أبو مازن، مضيفًا: فلنرجع بالذاكرة قليلًا، الرئيس ياسر عرفات كان كلما ذهب إلى قمة عربية أو إسلامية، أو أسيوية، أو إفريقية، أو دول عدم الانحياز، يكون هو النجم الأوحد، الآن إذا ما ذهب الرئيس عباس لأي دولة لا ينال هذه الأضواء، وإنما خبر صغير على الصحف فقط، وعلى العكس تمامًا مسيرات العودة وأزمة البوابات التي خطفت الأضواء في الصحافة العالمية.

وعن حركة حماس، أكد عطوان، أن حركة حماس استولت على السلطة بغزة، وهنالك تحفظات كثيرة على سياسات الحركة الداخلية، متابعًا: كنت أتمنى على قيادة حماس أن تبقى حزبًا معارضًا للسلطة، فالمقاومة يجب أن تتقدم على السلطة، لأن السلطة تتطلب تنازلات كبيرة، ولكن رغم ما حدث يحسب لحماس أنها حافظت على ثقافة المقاوم الفلسطيني، وتطوير فصائل المقاومة، وأسقطت قوة الردع الإسرائيلي، ما كان هذا ليحدث لو أن حماس كانت في الحكم، لكن سنحاسب حماس فقط إذا ما أسقطت راية المقاومة، وهي لم تفعل ذلك.

المصالحة الفلسطينية

ووصف عطوان، المصالحة ما بين فتح وحماس بصُلحة العشائر والعرب، مستهجنًا في الوقت ذاته أعداد الجلسات والحوارات والاتفاقيات، التي عقدت على مدار الـ 12 عامًا الماضية بين الحركتين، ولم تأت إلا بنكبات أخرى على الشعب الفلسطيني.

وتابع: ماذا يريد الطرفان، هل يريدان أن نصالحهم ونحمل معنا عطوة، كي يقبلان؟، نحن نحتاج فتح ونحتاج حماس، في الحكم، ونحتاج الفصائل الأخرى، والمستقلين، وإن استعصى عليهم ذلك، فلماذا لا تكون هنالك سلطة ومعارضة، نحتاج لتباينات في الآراء.

وحول صفقة القرن، أكد أنها تُطبق، ولكن عبر مراحل، فمثلًا فيما يخص مدينة القدس، تم تنفيذ أحد بنود الصفقة، باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، ثم الالتفاف على قضية اللاجئين، وها نحن اليوم نشاهد كيف تم التضييق على اللاجئين وعلى متطلباتهم ومحاولات إغلاق وكالة الغوث (أونروا)، ضمن صفقة القرن، وكذلك محاولات الدفع باتجاه توقيع الهدنة ما بين إسرائيل، والمقاومة الفلسطينية، كما أن الحديث عن أن مشكلة غزة إنسانية، وليست سياسية، هي أيضًا تمهيدًا لتمرير الصفقة.

وبيّن أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، يواجه ضغوطًا كبيرة جدًا من الولايات المتحدة الأمريكية، للقبول بصفقة القرن، أو تسهيل مرور الصفقة، أو على الأقل اقناع الفلسطينيين بها، وزيارته الأخيرة، كان إحدى الوسائل والأساليب الضاغطة من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

منظمة التحرير الفلسطينية

وفيما يخص المجلس الوطني والمجلس المركزي، قال عطوان: كان في السابق المجلس الوطني منفتحًا وبه مقترحات وأفكار وتبادل آراء، بل كان هنالك صدامات في المواقف، بل كان الرئيس الراحل ياسر عرفات، يعطي مساحة كبيرة من الحرية، فيما اليوم المجلس الوطني، والمجلس المركزي، ضاعت منهم الحرية والديمقراطية، وأصبحت كافة مؤسسات منظمة التحرير على مقياس الرئيس أبو مازن.

وأضاف عطوان: من يذهب إلى المجلس الوطني، أو المركزي، هي حركة فتح، وبعض الفصائل الصغيرة "كمالة عدد"، بينما القوى الكبرى كحركتي حماس والجهاد، والجبهتان الشعبية والديمقراطية، والمستقلون لا يذهبون، إذن ما فائدة مجلس وطني طالب السلطة الفلسطينية بسحب الاعتراف بإسرائيل، ووقف التنسيق الأمني ولم ينفذ، دعا لرفع العقوبات عن غزة، ولم ينفذ، طالب بإعادة الرواتب ولم ينفذ، هل المطلوب منا أن نجلس أمام بعضنا شاهدي زور، ونصدر قرارات ولا تحترم.

الشأن الأردني
   
وعن الوضع الأمني في المملكة الأردنية الهاشمية، والتفجيرات التي حدثت خلال الأيام الماضية، ذكر عطوان، أن الأردن يقع في منطقة ملتهبة، ومحور صراع، العراق من الشرق، وسوريا من الشمال، وهاتان الجبهتان في حالة غليان منذ فترة، كما الأردن يحوي لاجئين من أكثر من دولة عربية، فمن ناحية اللاجئين الفلسطينيين، يوجد في الأردن لاجئون سوريون وعراقيون، فالأردن لا يمكن أن يعيش بعيدًا عن جواره، هذا أدى بتشكيل خلايا إرهابية نائمة في الأردن، سواءً من تنظيم الدولة، أو حتى من تنظيم القاعدة.

ولفت إلى أن الأردن، بدأ يتضعضع بدءًا من تشكيل خلايا أبو مصعب الزرقاوي، ثم تم مهاجمة الشرطة والدرك في الكرك، والآن خلايا في السلط، وقبلها في مهرجان الفحيص، هؤلاء يريدون ضرب أهم عنصر وهو عنصر الاستقرار والتعايش، الحل الأمني الذي تنفذه القوات الأردنية، لربما يكون حلًا مؤقتًا، وهذا لا يعني أنه سيتم اجتثاث تلك الخلايا من جذورها، لأن تنظيم الدولة يسعى لتأسيس فرع قوي في المملكة. 

وأضاف عطوان: يجب كذلك أن نضع أمام أعيننا أن تنظيم الدولة في العراق وسوريا، انتقلت من مرحلة المركزية، إلى مرحلة اللامركزية، بعد فقدانه لأراضٍ شاسعة كانت بحوزته، نتيجة ضربات الجيشين العراقي والسوري، واللامركزية، هي خلايا نائمة تعمل لصالحه، لكنها تتمتع بالقرار المستقل، والتنظيم له فروع في ليبيا ودول إسلامية كأفغانستان وباكستان، وبعض مناطق أوروبا، هو يضرب وقتما شاء، وينحصر وفق الأوضاع الأمنية.

نزاعات الشرق الأوسط

وبخصوص الوضع في الشرق الأوسط، بيّن أنه خلال العشرة أعوام الماضية، الولايات المتحدة استهدفت مراكز دعم القضية الفلسطينية، والمقاومة العربية، بدءًا بالعراق، مرورًا بسوريا وليبيا، وانتهاءً باليمن، مضيفًا: فمثلًا المقاومة الفلسطينية، انطلقت من سوريا، بينما الأمريكان والإسرائيليون استهدفوا سوريا لأنها الوحيدة التي استقبلت حركة حماس، بالرغم من العداء التاريخي ما بين دمشق وجماعة الإخوان المسلمين، إلا أنها فتحت قلب العاصمة السورية لحماس، وقيادة الحركة برئاسة خالد مشعل آنذاك كانت دولة داخل الدولة.

وأوضح، كي لا ننسى فإن سوريا خسرت جولانها من أجل القضية الفلسطينية، لماذا البعض يعادونها، بل من مصلحتنا أن تعود سوريا وتتعافى، وتكون دولة قوية في المنطقة، ومن مصلحتنا ألا تحدث حروب أو أزمات في الدول العربية، هذه الترسانة التي تتزين بها قوى المقاومة الفلسطينية، من أين أتت.. من حزب الله وإيران، هل رأيتم الخليجيون يدعمون فلسطين بطلقة واحدة؟

وعن الصراع الخليجي- الإيراني، قال عطوان: من حق إيران أن تدافع عن نفسها وشعبها، إذا ما تم منعها من تصدير نفطها أو فرض عليها الحصار، دول الخليج وإسرائيل وأمريكا، هل يريدون أن يروا طهران تستسلم، كي يرتاحوا، 70 مليون إيراني سيحاصروا، وتريدون من الجيش الإيراني يقف متفرجًا، المنطقة كلها ستشتعل إذا ما نفذ البعض هذا الحصار، أو منعوا طهران من التصدير، بل أقولها: إن العالم كله سيتغير.

التعليقات