الجهاد وكسر طوق السنين العجاف

الجهاد وكسر طوق السنين العجاف
الجهاد وكسر طوق السنين العجاف
سعد حميد

منذ زمن الحريق العربي والإنقسام الفلسطيني (وقبل ذلك معتقل أوسلو) دخلت القضية الفلسطينية في قفص من العزلة والحصار، وليس حصار غزة بكل فداحة آثاره إلا تفصيلاً في مشهد العزلة الفلسطينية على المستوى العربي والدولي وفي مشهد نهش الذات الفلسطينية الذي أدمن عليه الفصيلان الأكبران (فتح وحماس) فأطاح بوزنيهما معاً ويوشك أن يطيح بوزن الشعب وقضيته التي يفترض أن يكونا لهما خدماً وسنداً.
 لذا فقد بات لزاماً على جموع الشعب الفلسطيني وقواه الحية أن تنهض من فورها بمهمة جبر الأضرار وإطفاء الحرائق التي أحدثها الفصيلان بالعمد أو بالغفلة فالأمور بخواتيمها سواء.
ولا شك أن مهمة ضخمة كهذه تتطلب استنفار كل الطاقات والعمل على كل الصعد (الداخلي والعربي والدولي) وتحتاج إلى جهدٍ جبار ووقتٍ طويل. ولكن جانباً محدداً منها يتوجب العمل عليه فوراً لأن التأخر عن تداركه سوف يتسبب بضررٍ مستجد وهائل على القضية الفلسطينية. أعني بذلك تدارك احتمالات الانزلاق الروسي فيما يتعلق باالقضية الفلسطينية إلى دورٍ يشبه الدور الأوروبي أو ربما أسوأ من ذلك. 
فروسيا تبدو باردةً جداً في اقترابها من الشأن الفلسطيني بينما تتعزز علاقاتها الدافئة مع كيان العدو تحت ضغط الإغواء والمشاغلة الاسرائيليين والدفع والتنازلات الأمريكية بينما لا يوجد لها مُحاوِر موثوق وفاعل على الساحة الفلسطينية.
فالرسمية الفلسطينية (فتح/ السلطة) حتى ولو رفعت عقيرتها إلى السماء في وجه أمريكا فإن روسيا تعلم أنها تابعة للخط الأمريكي. والسلطة القائمة بالأمر الواقع في قطاع غزة (حماس) ليست موثوقة لدى الروس بعد الحدث السوري ولو أقسمت لهم أغلظ الأيمان. لذا فإن استمرار المشهد الحالي دون حضور فاعل لمُحاوِر فلسطيني آخر، سوف يؤدي بروسيا (بحكم الميكانيكا والمصالح السياسية) للانزلاق إلى الجانب الإسرائيلي وهو أمرٌ بالغ الضرر على القضية الفلسطينية وعلى الدور الروسي العالمي بحد ذاته.
فالقضية الفلسطينية سوف تخسر قوة عظمى صاعدة بؤرة حضورها الدولي هو في جوار فلسطين، وروسيا سوف تخسر مصداقية القانون الدولي والعدالة الدولية اللذان  تحملهما قاعدتين في حضورها الدولي.
هكذا تبرز الضرورة القصوى ويتضح دور حركة الجهاد النوعي ومسؤوليتها في هذا الصدد فالجهاد لم تشارك ولم تتورط بأي حريقٍ عربي أو انقسام فلسطيني بل أن الحركة أخذت على عاتقها بنجاح مسؤولية رأب الصدع الفلسطيني وريادة كل محاولات الإصلاح والمصالحة التي قام بها الجسد الفلسطيني حتى الآن.
كذلك فإن لحركة الجهاد وزنٌ نوعي تتميز به عن سائر الفصائل الفلسطينية كونها القوة الثانية في المقاومة في القطاع، تلك المقاومة التي حماها الشعب الفلسطيني بغزة بلحمه العاري لتحقق أهم إنجاز في تاريخ النضال الفلسطيني منذ النكبة وهو تحقيق السيطرة الفعلية الكاملة على قطاع غزة قهراً لإرادة العدو وهزيمة آلته العسكرية في حرب 2014 .

أضف إلى ذلك فإن اشتراك حركة الجهاد مع روسيا في قائمة من الحلفاء الأصفياء على الساحة السورية (سوريا وإيران وحزب الله ) في محور المقاومة يضيف إلى أوراق تميز الجهاد عن سواه.
وعليه فإن مسارعة الجهاد بفتح حوار مع روسيا ودعوتها للقيام بدورٍ منصف وعادل بشأن القضية الفلسطينية ينتصر للحق الفلسطيني ولصحيح القانون الدولي ولنبذ المعايير المزدوجة يُأمل بأن يكون مسموعاً من قبل الأذن الروسية خصوصاً إنْ كان نهوض الجهاد بهذا الدور كما في أدوارها الأخرى لا يتم بنفس أحادي أو إقصائي لأي طرف فلسطيني إنما يتم في إطار الاشتغال على تمثيل وجمع أوسع طيف فلسطيني يعنيه الأمر وتهمه رعاية مصالح هذا الشعب وهذه القضية دون الالتفات إلى المكاسب أو المغانم الفئوية.

أما عن سائر المهمات الجسام الكثيرة الأخرى فللجهاد وغيره من الفصائل الفاعلة والمسؤولة أدوارٌ وأدوار، وللحديث بقية ....

خبير في القانون الدولي مختص بالشأن الفلسطيني

التعليقات