الأورومتوسطي يطالب القضاء الليبي بإيقاف إجراءات تعسفية بحق وكيل نيابة

رام الله - دنيا الوطن
أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان صحفي اليوم الثلاثاء، الإجراءات القمعية التي يتعرض لها "حمزة الأخضر"، وكيل النيابة في طرابلس، من قبل المجلس الأعلى للقضاء الليبي، وذلك على خلفية انتقادات كان وجهها الأخضر للمؤسسات القضائية في ليبيا مطالباً إياها بمكافحة الفساد المستشري في مفاصل الدولة، مشيراً إلى أنه سيعمل على تقديم شكوى بالخصوص إلى المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني باستقلال القضاة والمحامين، السيد " دييجو جارسيا سايان".

وأوضح المرصد الحقوقي أن وكيل النيابة "الأخضر" كان واجه إجراءات بسحب الحصانة عنه دون إخطار مسبق أو توضيح الأسباب، ودون إجراء تحقيق إداري من قبل التفتيش القضائي قبل إحالة دعوى رفع الحصانة إلى النائب العام، وهو ما يتعارض مع القانون الليبي ذاته، كما لم يتم السماح لوكيل النيابة بالاطلاع على نص الشكوى المقدّمة ضده رغم تكراره الطلب، ولم يتم السماح له بالدفاع عن نفسه.

وأفاد الأورومتوسطي أنّ الإجراءات العقابية التي اتخذها المجلس الأعلى للقضاء بحق "الأخضر" سبقها تعرضه وعدد من القضاة ووكلاء النيابة لتهديدات بالقتل والخطف مرات عديدة منذ عام 2014، مشيراً إلى أن كل هذه الحوادث جاءت إثر انتقادات وجهها الأخضر وزملاء له ومطالباتهم بتحييد المؤسسة القضائية عن الانقسام السياسي الحاصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في ليبيا واعتراضهم على "تعيين من لم تتوافر فيهم الشروط اللازمة للعمل في الهيئات القضائية بما يخالف القانون الليبي"، وسعيهم لتأسيس جمعية قضائية حقوقية أهلية غير حكومية تهدف للدفاع عن استقلال القضاء، "وهو الأمر المكفول لهم في مدونة السلوك القضائي الصادرة بقرار المجلس الأعلى للقضاء رقم 3 للعام 2008 والمعايير الدولية الواردة في مؤتمر "ميلانو" عام 1985"، وذلك بحسب شهادات عدد من وكلاء النيابة الذين التقاهم المرصد، والذين قالوا إن بعض أعضاء المجلس الأعلى للقضاء قالوا لهم بأنهم سيتخذون إجراءات قانونية ضد كل من ينضم إلى هذه الجمعية.

ولفت المرصد الحقوقي الدولي إلى أنه وعبر متابعة فريقه للقضية إثر شكوى وصلته من عدد من القضاة ووكلاء النيابة المتضررين تواصل مع المجلس الأعلى للقضاء، والذي لم يقدّم أية تفاصيل عن الحادثة، واقتصر في رد لفريق المرصد عقب رسالة رسمية بتاريخ 21 حزيران/يونيو على أن القضية قيد التحقيق في النيابة العامة بناءً على الشكوى التي تقدم بها المجلس.

وذكر الأورومتوسطي أن الإجراءات التي اتخذت بحق "الأخضر" دفعت عددا من زملائه القضاة وباقي أعضاء الهيئات القضائية لتنظيم عدة وقفات احتجاجية في مدن طرابلس وبنغازي وطبرق واجدابيا والزاوية، منددين بالإجراءات التعسفية والمخالفة للقانون التي اتخذت ضد زميلهم من قبل المجلس الأعلى للقضاء، واللجنة الخاصة برفع الحصانة.

وعقّبت إيناس زايد، المستشارة القانونية في المرصد الأورومتوسطي، على الإجراءات التي اتخذها المجلس الأعلى للقضاء بالقول: "إن قرار سحب الحصانة المفاجئ وعدم السماح للأخضر بالدفاع عن نفسه وعدم إطلاعه على تفاصيل الشكوى المقدمة ضده مسبقا يخالف مبادئ المحاكمة العادلة المكفولة وفقاً للمادة (14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صادقت عليه ليبيا منذ 1970".

وأضافت "زايد" أنّ الإجراءات بحق وكيل النيابة تخالف حق التعبير عن الرأي المكفول في القوانين الدولية والمحلية الليبية، واعتبرت أنّ الممارسات المتخذة بحق الأخضر بدا أنها جاءت لمعاقبته وتجريمه بهدف منعه وغيره من توجيه الانتقاد للدولة ومؤسساتها، محذرة من أنه "قيام المجلس الأعلى للقضاء باتخاذ مثل هذه الإجراءات ضد وكيل النيابة يشكك في نزاهة القضاء واستقلاليته". 

وقال موسى القنيدي، ممثل الأورومتوسطي في ليبيا، إنّ الإجراءات المتخذة ضد وكيل النيابة بناءً على نشاطه وتعبيره عن رأيه هي مخالفة بالدرجة الأولى للقوانين الليبية وللمادة (14) من إعلان الدستور الليبي والذي يكفل حرية التعبير عن الرأي للجميع. وأضاف: "كذلك نصت مدونة السلوك القضائي في ليبيا بشكل صريح في الفقرة الثالثة من المادة الرابعة على "تمتع عضو الهيئة القضائية كسائر المواطنين بحرية التعبير والاعتقاد والاجتماع..."، كما نصت المادة (18) من المدونة نفسها على "أن عضو الهيئة القضائية يجب عليه أن لا يغيّب الحقيقة أو الصدق أو الرأي إذا طُلب منه".

ونوّه الأورومتوسطي إلى المؤسسة القضائية في ليبيا تعيش ومنذ نهاية عام 2011 حالة من التراجع بسبب الأوضاع الأمنية التي تعيشها البلاد، وتتعرض لانتهاكات تمس استقلاليتها.

 وفي هذا الصدد، لفت الأورومتوسطي إلى حادثة تعدي بعض المجموعات المسلحة على أعضاء من المؤسسة القضائية وتهديدهم بالقتل والخطف، وهو الأمر الذي دفع بعض النشطاء والحقوقيين، بما فيهم وكيل النيابة المذكور، للدعوة لمحاربة حالة الفساد الذي يعيشه القضاء الليبي بما يكفل العدالة والمساواة للجميع.

ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات القضائية في ليبيا إلى إيقاف إجراءاتها التعسفية المتخذة بحق وكيل النيابة "حمزة الأخضر" وتوضيح التهم الموجهّة ضده مع إعطائه حق الدفاع عن نفسه، والالتزام بشروط المحاكمة العادلة بما يتماشى مع المعايير الدولية.

وقال الأورومتوسطي إن اتخاذ إجراءات سحب الحصانة بطريقة مخالفة للقانون توثر في استقلالية رجال القضاء في ليبيا وتؤثر كذلك في نزاهة الجهات القضائية المسؤولة، ما يجعل الأمر يدخل في نطاق ولاية المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني باستقلال القضاة والمحامين، وهو ما سيعمل المرصد الحقوقي عبره لتقديم شكوى حول قضية الأخضر إذا ما استمرت الإجراءات التعسفية المتخذة ضده.

وطالب الأورومتوسطي بكفالة حق التعبير عن الرأي للجميع، والذي كفلته القوانين الدولية والمحلية، داعياً السلطات الرسمية في ليبيا سواء مجلس النواب أو مجلس الدولة أو المجلس الرئاسي ووزارة العدل بالعمل بشكل مشترك على وقف حالة التعدي على حقوق أعضاء السلطة القضائية، والمستمرة منذ سنوات، وضمان تحييد القضاء بما يحمي الحقوق والحريات العامة في البلاد.