الهدوء في بلادنا .. الحق المغتصب

الهدوء في بلادنا .. الحق المغتصب
الهدوء في بلادنا .... الحق المغتصب

• بقلم:  د. جميل جمعة سلامة

 رئيس مركز القسطاس للدراسات

مقدمة:

غياب الهدوء وحلول الضجيج والفوضى السمعية والصوتية عنوان جديد لأزمة جديدة في المشهد الوطني الفلسطيني المتخم بالأزمات المتعددة والمعقدة من حصار وانقسام وبطالة وفقر وبؤس وتفشي الأمراض وتهتك النسيج الاجتماعي وهجرة للخارج  ... وغيرها.

المواطن الفلسطيني المنهك اليوم من كل شيء بدلاً أن يخلد للراحة بعد نهار شاق من الجهد والعناء سواء في بيته أو في مكان عمله أو في الشوارع العامة يلاحقه في قيلولته وليله  بل وفي باكورة يومه وحتى اجازاته أيضاً ماكينة الضجيج والازعاج الصوتي المتعددة الأشكال من مولدات الكهرباء الضخمة في الطرقات إلى سهرات الأفراح وفدعوسها المتنقل إلى مكبرات الصوت الثابتة والمتحركة إلى الباعة المتجولين وسلاحهم الجديد المكبرات اليدوية ... إلخ، وكأن القدر كتب عليه الفوضى والأرق والتعاسة والعناء والشقاء أمد الدهر و ليل نهار، وهذا يسرى على الكبير والصغير والذكر والانثى والفرد والجماعة على حدٍ سواء.

الأمر لا يمس مواطن بمفرده أو جماعة محددة وانما المجتمع بأسره ، ومن يتسبب بهذا الانتهاك لصفاء البيئة من أي ثلوث سمعي هم أفراد على أصابع اليد أو مجموعات محددة تغتصب الفضاء السمعي والسكينة العامة للمجتمع لصالحها ولحساباتها التجارية والفئوية والأنانية الضيقة على حساب باقي مكونات المجتمع من أسر ومرض وطلاب وشيوخ وأطفال..... ونحوه، وهو واقع بدأ ينتشر ويستفحل حتى أضحى أزمة وطنية تقتضي المعالجة المدروسة لمحاصرتها وتقنيتها حتى لا يتعرض مجتمعنا لتصدع وتمزق جديد.

• مظاهر مزعجة ومصدعة :

ومن أبرز مظاهر هذه الفوضى السمعية والانتهاكات لحق المواطن في الهدوء ما يلي:

1. مكبرات الصوت المتنقلة التي تجوب شوارع وطرقات وأزقة المدن والمخيمات والبلدات والقرى وتبث بصوتً مرتفع للغاية رسائلها الصوتية سواء لفصائل أو لجمعيات أو لتجار وشركات وأخيراً لعائلات تذيع اخطاراً قانونياً للناس بعد صدور حكم قضائي لها.

2. سيارات ( الفدعوس) التي ترافق مواكب الأعراس والأفراح وتوزع الضجيج في الطرق العامة وحيثما حلت وارتحلت دون وجل او تردد سيما اذا كانت أماكن العرسان متباعدة.

3. مكبرات الباعة المتجولين التي تبدأ في ساعات مبكرة من الصباح وحتى الليل لبائعي البيض والكلور والبطيخ والسمك ... وغيرها من السلع.

4. حفلات السهرة للأفراح في الطرقات والمساحات العامة وفي فضاء مفتوح طوال ساعات الليل وبضجيج عالٍ جداً يمتد لمساحة تغطي احياناً مخيماً بكامله.

5. احتكار المنتزهات العامة المخصصة لترفيه العامة سيما النساء والأطفال ليحتكرها البعض بتواطؤ من بعض البلديات بحجة در دخل عليها لنشر التلوث السمعي والأصوات الصاخبة لبعض المنفلتين سيما في المباريات العالمية والدوري غير الفلسطيني من خلال شاشات عرض ومكبرات صوت وكأنك في دور سينما.

6. محركات الكهرباء (المواتير) الكبيرة التي أضحت تجارة رائحة للبعض لتحقيق أرباح مالية مستغلة قطع الكهرباء نتيجة الحصار على غزة ونشر الفوضى السمعية والصداع الصوتي للبيوت والعوائل المحيطة بها علاوة على عوادمها المرضية وتلوث البيئة دون توفير أدني مقومات المحافظة على هدوء المنطقة وبيئتها الصحية.

7. فتح بعض السائقين المستهترين والمتسكعين أبواق سياراتهم وزماميرهم دون أدني شعور بالمسؤولية تجاه الجمهور وكذلك فتح مسجلات سياراتهم بصوت مرتفع ونشر الضجيج في مناطق مرورهم.

8. وجود محلات وورش عمل داخل التجمعات والمناطق السكنية مثل حدادة ومخارط تجارة وسمكرة وتسجيلات صوتية.... ونحوها وتدمير السكينة المنشودة للسكان المحيطين بها.

9. اطلاق النار في الأفراح والجنائز بلا مبرر أو مسوغ مقبول منطقياً أو وطنياً سوى الاستعراضات الممجوجة والأخلاق الرديئة وما يلحق ذلك من أذى صوتي للناس وتهديد أمنهم الشخصي والجماعي واحياناً يسقط ضحايا أبرياء.

هذه عينات على سبيل المثال لا الحصر من حالة الفوضى السمعية والتلوث الصوتي الذي يضرب مجتمعنا المدني وعوائلنا وحول حياة الناس إلى كابوس وجحيم لا يطاق وحياة أضحت غير كريمة بلا معني حيث يشكل الهدوء والسكينة المجتمعية فيها حجر الأساس والركن والركين.

• مبررات واهية:

من المحزن والمؤسف والذي يبعث على الأسى والمرارة طروحات بعض السذج والبسطاء الذين يعيشون الفوضى في نفوسهم والخلل في عقولهم، والذين ينبرون لتبرير ذلك وعلى المجتمع التسليم به، ومن مبرراتهم الواهية دع الناس يفرحون وينبسطون فكفانا حزناً وألماً على مدار عقود، ودع الباعة المتجولين يسترزقون ويعتاشون في ظل الفقر المدفع وارتفاع معدلات البطالة ولسد حاجاتهم حتى لا يذهبوا للسرقة والتسول، وحلوا مشكلة الكهرباء، لإلغاء محركات ومواتير الكهرباء، والبعض يذهب أبعد من ذلك بالنقد الحاد والسخرية من المطالبين بتمكينهم من حقهم في الهدوء بقولهم "عاملين حالكم أجانب أنتم بغزة وليس في لندن أو باريس أو دبًي"، والسوقيون منهم يطالب هؤلاء بالرحيل بقولهم ( اللى مش عاجبه يرحل من البلد) وكأن: الوطن ملك طابو خاص لهم وليس لجميع أبنائه، والأغلبية منه تواقون لمجتمع هادئ هانئ مستقر دون فوضى ودون استباحية لحقوقهم الجماعية في الهدوء والسكينة والطمئنينة.

      إن هؤلاء السطحيين لعمري لأصحاب منطق أعوج وشاذ وغريب، لا يقبل به عاقل و لا يسلم به إلا فاشل، وهم  لا ينظرون للأزمة القائمة إلا بعين واحدة وغاب عنهم أن من ينافحون عنهم ويلتمسون لهم الاعذار هم القلة القليلة  وأن من يعاني هم الأغلبية الساحقة، والعام مقدم على الخاص.

• ردود وبدائل واقعية:

  إن الرد على هؤلاء النفر الشاذ والمحدود ومن يؤازره لا يحتاج إلى بليغ حكمة أو منطق فصيح، فكلامهم مردود عليهم ويفند بيسر وسهولة، فحرية الفرد تتوقف عند حدود الآخرين وحرياتهم ومن جملة ذلك:

1. لماذا لا تقام سهرات الأفراح ومعها الفدعوس في صالات مغلقة ممتصة للصوت شأنها في ذلك شأن سهرات الزفاف، ولماذا كما تحرصون على سعادة العرسان وذويهم ان تراعوا بذات الحرص مآتم وبيوت العزاء التي تزامن هذه الاعراس وراحة المرضي والطلاب وكبار السن ... وغيرهم.

2. لماذا محركات ومولدات الكهرباء لا توضع في غرف خاصة وتكون مزودة بكواتم الصوت توفر الخدمة للراغبين وتحمى الباقين من صداعها وضجيجها وتلوثها.

3. لماذا لا يخصص سوق للباعة المتجولين، ومن يرغب في الشراء من السكان يتوجه اليه وهذه راحة للبائعين وأيسر على السكان بدل تحول الشوارع والطرقات والتجمعات السكانية إلى لوحة إعلانية كبيرة مستباحة لنفر على عدد أصابع اليد.

4. لماذا لا تبقي المنتزهات والحدائق العامة أماكن ترفيهية للجميع سيما فئات النساء والأطفال وكبار السن بدل احتكار مساحات كبيرة منها لقلة قليلة من الشبان والفتيان المنفلتين على حساب المجموع، وان تكون هنالك أماكن أخرى مخصصة لهذه الفئة ولتكن في النوادي الرياضية.

5. لماذا لا تستبدل الفصائل والمؤسسات والشركات وسيلة السيارات المتحركة لدعاياتها واعلاناتها برسائل نصية SMS  أو عبر الإذاعات المحلية العديدة أو الفضائيات المحلية أو وسائل التواصل الاجتماعي واسعة الانتشار... إلى غيرها من الوسائل المتوفرة والوفيرة والبديلة عن حالة الفوضى؟

6. لما لا يتم نقل ورش العمل والتصنيع والحدادة والتجارة .... ونحوها إلى مناطق صناعية وان لم تتوفر مناطق نائية بعيدة عن أوساط السكان وتجمعاتهم.

7. لماذا لا يحترم السائقون ومركباتهم الهدوء والسكينة العامة دون انتهاك حق المشاة في الشوارع في ظل حزم من شرطة المرور والجمهور على السواء.

                لماذا ؟..........ولماذا؟..............؟ ولماذا..................؟!!!!




• الواقع ....... والحماية القانونية:

   نحن نشخص واقع نعيشه ونحياه ونعايشه كمواطنين، ولسنا من كوكب اخر أو من جنسيات أخرى، فنحن لا نطرح منع الناس من التعبير عن رغباتهم وحاجياتهم ولا مصادرة أفراحهم ومشاعرهم ولا نسعى لإخراس أصواتهم وألسنتهم، ولكن ما ننشده تقنين ذلك وتنظيمه وتوفير البدائل الواقعية والفعلية لذلك على قاعدة حريتك تتوقف عند حريات الأخرين، وحقك يجب أن لا يمس حقوق الغير، والأحتكام في ذلك للقانون والقضاء وبشكل حضاري بعيداً عن العنف اللفظي أو المادي.

إن قراءة عامة في التشريعات الوطنية السارية تبين وجود حماية قانونية لحق المواطن والجماعة في الهدوء والعيش في سكينة بعيداً عن أي ضجيج أو تلوث سمعي، لقد نص أسمى التشريعات القانون الأساسي “ الدستور المؤقت" على هذا الحق وتمتع المواطن الفلسطيني فيه، فقد جاء في المادة (33) منه أن " البيئة المتوازنة النظيفة حق من حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة الفلسطينية وحمايتها من اجل أجيال الحاضر والمستقبل مسؤولية وطنية " وعزز ذلك المادة (32) أيضاً بنصها " كل اعتداء على أي من الحريات الشخصية او حرمة الحياة الخاصة للإنسان وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها القانون الأساسي او القانون ، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وتضمن السلطة الوطنية تعويضاً عادلا لمن وقع عليه الضرر" ، أما قانون الصحة العامة فقد نصت المادة (40) منه (1-على كل شخص المحافظة على البيئة بعناصرها المختلفة، ولذلك بعدم التسبب بأي من المكاره الصحية 2-على كل شخص إزالة المكرهة الصحية التي تسبب بها، أول كان مسؤولاً عنها).

وأشار قانون البيئة إلى حق المواطن في بيئة صحية ومنها السكينة العامة والهدوء فقد نصت المادة (5) منه " الحقوق المكفولة بموجب القانون يكفل هذا القانون: حق كل انسان بالعيش في بيئة سليمة ونظيفة والتمتع بأكبر قدر ممكن من الصحة العامة والرفاه ، أما في المادة (3) منه فقد نصت على أن (حقوق المواطنين في المحافظة على البيئة يحق لأي شخص: تقديم ومتابعة أية شكوى أو إجراءات قضائية معينة دون النظر إلى شروط المصلحة الخاصة ضد أي شخص طبيعى أو اعتباري سبب ضرراً للبيئة).

      أما قانون العفويات الفلسطيني لعام 1936 فقد جرم انتهاك حق المواطن في الهدوء وحدد له عقوبات جزرية، فقد نصت المادة (102) على تكدير صفو الطمأنينة العامة  " كل من أحدث بدون سبب معقول صوتاً أو ضجيجاً في مكان عام بصورة يحتمل أن تقلق راحة السكان أو أن تكدر صفو الطمأنينة العامة، يعتبر أنه ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة ثلاثة أشهر أو بغرامة قدرها خمسة جنيهات أو بكلتا هاتين العقوبتين"، وعززت ذلك المادة 199 (إفساد الهواء) " كل من أفسد الهواء طوعاً في مكان بحيث جعله بصحة الأشخاص الذين يسكنون أو يشتغلون في جوار ذلك المكان بوجه عام او بصحة الأشخاص الذين يمرون في الشارع العام، يعتبر أنه ارتكب جنحة" .

إن هذه النصوص التشريعية وان كانت توفر ضمانات وحماية لحق المواطن في الهدوء إلا انها عمومية وتحتاج إلى تشريع خاص جديد الضبط الظاهرة ومعالجتها من جذورها.




• بين الحقوق الفردية والجماعية:

      إن الشرائع السماوية والتشريعات الأرضية لمختلف الأديان والدول والمجتمعات تتضمن حقوقاً للفرد والجماعة على حدٍ سواء، وتجمع جميعها على الأولوية المطلقة والكاملة لحقوق الجماعة على حقوق الفرد،                      وفي فقهنا الإسلامي القاعدة الأصولية الصريحة (درء المفاسد أولى من جلب المصالح).

     إن من يمارس الفوضى الصوتية والتلوث السمعي في بلادنا هم أقلية لا يتجاوز عددهم أصابع اليد في كل منطقة، فالباعة المتجولين في كل منطقة عدة أشخاص فقط، ومن يقلق راحة ونوم منطقة بكاملها صباح كل جمعة هو بائع السمك وهو فرد واحد لا يسلم منه في صباح الجمعة الباكر سكان منطقة يناهز عددهم ال 40.000 نسمة ومن يقيم سهرة فرح هو العريس واحد او عريسين يزعج مدينة أو مخيم أو بلدة بكاملها وهو نفر بنفسه والحالة ذاته بالنسبة للفدعوس الذي يوزع الفوضى والضجيج في الطرقات العامة وكذلك من يدير كافتيريا بشاشة عرض للمباريات في قلب حي سكني لجيبه ولخدمة بضع عشرات من الفتية المنفلتين مقابل                أن يقلق مضاجع السكان حتى في بيوتهم مصدر راحتهم واستقرارهم حتى لو على حساب مريض أو طالب أو شيخ كبير.

إذن الجاني هو شخص أو عدة أشخاص فقط والمجني عليه والضحية هو مجموع السكان والأغلبية الصامتة التي يغتصب حقها الطبيعي في الهدوء ليل نهار - دون مراعاة لدين أو اخلاق أو قانون أو حتى شعور انساني-، فسحقاً لحق فرد يسلب حقوق الجماعة، ولا بارك الله في حق نفر بهدم حقوق المجتمع، فالهدوء حق عام مشاع بين جمع فئات المجتمع.

• المعالجة ...... من هنا نبدأ:

في تقديرنا فان استفحال الظاهرة بدأ يتسع والمجتمع بدأ يئن تحتها وبدأت ارهاصات الاشتباك المجتمعي الذي قد يخلق أزمة جديدة تضاف لأزمات المشهد الوطني وتحتاج من عقلاء وحكماء القوم التصدى لها ومعالجتها، ويكون ذلك بما يلي:

1. رغم توفر الحماية التشريعية النسبية لحق المواطن في الهدوء فأننا ولأهمية الموضوع بحاجة إلى قانون متخصص باسم ( قانون الحق في الهدوء)، فالقانون الخاص يقيد العام وهذا الحق من الحقوق الأصيلة للمواطن وينبغي تشكيل لجنة لصياغة مسودته ومن ثم اقراره وفقاً للأصول الدستورية والقانونية السارية، وعلى المجلس التشريعي الاضطلاع بمسؤولياته التشريعية تجاه ناخبيه ويعكس إرادة الشعب والجمهور في ذلك من خلال التجريم الصريح والواضح لاغتصاب حق المواطن في الهدوء وافراد عقوبات بدنية و مادية رادعة لمنتهكيه من خلال آليات عاجلة وسريعة  .

2. تشكيل حاضنة شعبية لهذا الحق تضم توليفة تمثيلية مصغرة للمجتمع بحيث تضم نواب وأكاديميين وممثلي فصائل ومخاتير ورجال اصلاح ومندوبين عن مؤسسات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات المهنية .... إلخ.

3. اضطلاع وزارة الحكم المحلي ومن خلال وحداتها المحلية (البلديات والمجالس القروية) بدورها في ضبط الظاهرة ووضع الآليات لمحاصرتها من خلال شروط التراخيص والمحافظة على الطرقات والشوارع العامة وليضاف لشعاراتها النظافة العامة والسكينة العامة أيضاً ومتابعة المخالفين.

4. تفعيل دون جهاز الشرطة وشرطة البلديات وشرطة المرور والمباحث العامة.... وغيرها في توفير الهدوء للمواطن وملاحقة العابثين والمستهترين بحق المواطن في الهدوء.

5. قيام النيابة العامة بدورها كممثلة للمجتمع ومباشرة لدعاوى الحق العام باسمه في جلب منتهكي الهدوء ومحاسبتهم والتحقيق معهم وتقديمهم للعدالة، واضطلاع المحاكم والقضاء بدور محاكمتهم وانزال العقوبات لرداعه بحقهم سواء مادية أو بدنية (الغرامة أو الحبس او كليهما) من خلال إجراءات استعجالة وسريعة.

6. القيام بحملة إعلامية واسعة مصحوبة بتنسيق مع وزارة الأوقاف ومنابر المساجد لتثقيف الناس بالحق في الهدوء كحق عام مشاع للجمهور والكل الوطني ولا يجوز لفرد أو فئة احتكاره والعبث به واغتصابه من جانب واحد.

• الخاتمة:

هذه المقالة نريدها ان تكون نواة لفكرة حملة وطنية لتوفير حق المواطن الفلسطيني في الهدوء دعونا نطلق عليها (الحملة الوطنية  لحق المواطن في الهدوء) فلا تصالح ولا تعايش ولا مهادنة مع الفوضى والضجيج والتلوث السمعي وأفرادها المستهترين وعلى الفئة الشاذة ان ترحل ولن يرحل المجتمع، وعلى أصوات النشاز ان تصمت ولن يصمت صوت العقل والحكمة والمصلحة العامة بعد اليوم.

وعلى مكونات المجتمع وفئاته المختلفة ان تتحرك فمن أراد الجحيم للمجتمع فهو أولى به، فالمجتمعات الصحية والحضارية لا تبنى بالصمت ولا تتقدم باللامبالاة ولا تمأسس بالفوضى، وانما بتضافر جهود كل مكوناتها وحشد كل طاقاتها لتشخيص أزماتها والوقوف على أسبابها وعواملها ودوافعها ومعالجتها بحزم وصرامة، فلا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وكفالة حق المواطن في الهدوء اليوم وعيشه في كنفه أضحى مؤشراً على تمدن ورقي وتحضر وعافيه المجتمعات في عالم اليوم، وبلادنا فلسطين حيث عبق التاريخ وسلاسل الحضارات ينبغي أن تكون في صدارة هذه المجتمعات.

والله من وراء القصد ،،،

التعليقات