علو: ثورة فكرية شبابية شاملة على الوضع السائد في كافة المجتمعات

رام الله - دنيا الوطن
دعا العميد المتقاعد في الجيش اللبناني الدكتور أحمد علو المراة اللبنانية ان تأخذ دورا" في التغيير في لبنان ..تبتديء مع الأسرة والمدرسة ..ولا تنتهي في السلطة و الحكم ..  

 وقال : لقد سررت لتجربة معالي الدكتورة عناية عز الدين في عملها الحكومي ،و التي تعتبر نموذجا للمرأة اللبنانية المتعلمة ،الدمثة الاخلاق والتي تتميزبالطموح  للتغيير وهو ما برز من خلال عملها الدؤوب في وزارة التنمية الإدارية ، للانتقال بالوضع الإداري الحكومي  من الواقع المزري المتخلف  الى واقع حضاري  متطور، وأتفاءل في دورها القادم في الندوة البرلمانية .

ودعا العميد علو" المرأة الى الانتفاض والمطالبة بحقوقها .. و"ليرتفع صوتها في المطالبة بالمساواة في الخارج .. في الصالونات، في العمل ،في الشارع ، وفي مطابخ السياسة.. ""وليس في مطبخ البيت فقط " ..

كلام العميد أحمد عَلَّو جاء في لقاء اعلامي رد فيه على عدد من الاسئلة ..

 وردا" على سؤال قال العميد علو ..ان  غياب مفهوم هوية الدولة  الواحدة ومفاعيلها ، والارتباط المصلحي بالخارج ، والسلوك السياسي والإداري الخاطيء في لبنان أوصل البلد الى حافة الانهيار والعجز، والسبب يعود الى عدم التزام معظم المسؤولين بالقوانين والأنظمة ، والحد الادنى من معايير اخلاقيات الوظيفة ، ومصالح الناس ،وتقديم المصالح الطائفية الفردية النفعية و الحزبية على كل ماعداها  .

وقال:  إن قانون الانتخابات النيابية الجديد ،والذي تمت بموجبه الانتخابات الأخيرة  في لبنان أظهر وكأنه كرس الطائفية والمذهبية "بأبهى تجلياتها"،  وأعاد إنتاج الطبقة السياسية  الطائفية والمذهبية ذاتها وكأنه فصل على قياساتها من حيث النص وتقسيم الدوائر الانتخابية  وطريقة تشكيل اللوائح  ، فقط مع بعض التعديلات والزخرفة لتتناسب مع موديلات وأزياء الحاضر ..وأظهرت النتائج أنها لم تكن نسبية بالمفهوم السياسي للنسبية ،بل كرست النسبية  بين مراكز القوى الفاعلة داخل كل مذهب كما كرست تأثير رأس المال كعامل فاعل في الانتخابات ،وبذلك أبعد عدد من المرشحين عن الوصول الى البرلمان ،كما أن نسبة كبيرة من المواطنين لم تشارك في الانتخابات بسبب عدم رضاهم أو فهمهم له ، وفي الإجمال فإن العملية الانتخابية هذه بمجملها شكلت إحباطا لدى حوالي 50% من الناخبين ، و الذين لم يشاركوا في هذه الانتخابات  ،وأجهض أحلامهم بالتغيير ،و في قيام دولة  عادلة وبعيدة عن الطائفية  والمذهبية .

وفي الشأن الوزاري وعلى ابواب تشكيل الحكومة العتيدة قال العميد علو:                            كم كنت أتمنى أن أرى الخلاف بين القوى السياسية والأحزاب يقوم على التنافس لخدمة البلد وليس على نوعية الوزارات ، والمكاسب التي يطمح كل حزب أو تكتل للحصول عليها لصالحه ولمصلحته من خلال هذه الوزارة أو تلك  .

ورأيي ان كل زعيم طائفي او حزب سياسي وعلى الرغم من مفهوم النظام السياسي اللبناني وتركيبته الطائفية والميثاقية  والدستورية ، عليه  ان يتنافس مع غيره لخدمة الناس والدولة الواحدة فالوزارة ليست ادارة تخص طائفة دون اخرى او شخص بعينه ، بل هي تخص كل المواطنين من كل الطوائف وان الهدف منها يجب ان يكون تأمين حاجات المواطنين الضرورية الفورية والملحة، والعمل على رفع مستوى حياة الناس وتطويرها  نحو الافضل ،ووضع خطط واستراتيجيات لتلبية المتطلبات المستقبلية للأجيال القادمة من ابناء هذا الشعب .

..ان الوزارات ينبغي ان تكون دون هوية طائفية ،ينبعي العمل فيها ومن خلالها لكل الناس دون تمييز طائفي او مذهبي او عقائدي  أو مناطقي ..لأنه بذلك يتم تكريس وتعميق الإنتماء الى دولة المؤسسات بدلا من تكريس دولة المذاهب والطوائف التي نطمح أن نخرج منها والتي تسبب نزفا مستمرا في طاقات الشباب التي يحتاجها الوطن، وتدفعهم للهجرة الى الخارج ،ولكن على هذا الشباب إما أن يمسك مصيره  بيده ويبني دولة صالحة بإرادته فيبقى الوطن  ،وإلاّ فالمستقبل قاتم .. 

و اللبناني يطمح ببساطة ، في دولة تجمع بين مواطنين ينتمون الى دولة واحدة لا طائفية ،دولة العدالة و المساواة في  الحقوق والواجبات ،  وهذا المفهوم عن الدولة هو ما تربينا عليه في المؤسسة العسكرية  وعملنا في سبيله بصدق وإخلاص  ، وشعارنا شرف تضحية ووفاء  للوطن ولجميع الناس..

وحول تجربته السابقة  كرئيس  للمستشفى الحكومي في صور قال:  لقد  انتدبت من قبل وزارة الدفاع الوطني وقيادة الجيش بالاتفاق مع وزارة الصحة  لتسلم وظيفة رئيس إدارة عامة تتعلق بصحة الناس ،فعملت  فيها كما كنت أعمل في المؤسسة العسكرية ،وبوحي من شعارها  وفق القانون ، لخدمة مصالح الناس باندفاع وصدق وشفافية  ، وبذلت جهودا مضنية لإنجاح عمل هذه المؤسسة المشلولة  بعد سنوات طويلة من الحرب الأهلية ، وقد أعطت هذه الجهود نتائج طيبة  صبت في مصلحة الناس ،ولو جاء ذلك أحيانا على حساب مصلحتي الشخصية ، ولكن هذا في النهاية ما يجب ان يكون عليه تفكير وعمل  كل موظف او مسؤول لتستقيم أمور دولة المؤسسات..




ومما قال جوابا على اسئلة حول الوضع العالمي : انا اتابع قراءة المتغيرات السياسية والاقتصادية في المنطقة و العالم ،وبعض الدراسات في التغيرات الجيو بوليتيكية  وتطور الأسلحة والاستراتيجيات ،كما أطالع في التاريخ و الادب والفكر والفلسفة ، وبعض الاصدارات الجديدة منها بالعربية أو الفرنسية  أوالانكليزية .

اضاف: هذا العالم أصبح فضاء للصراع على المصالح ،أو  لتبادلها ،و ان كل ما نراه اليوم من متغيرات وحراك في العالم العربي ، هو محاولة انهاء للمشكلة الفلسطينية  من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ،ودول اوروبية وعربية  لأسباب اقتصادية ، وان ما حصل ويحدث في بعض دول المنطقة وربما في غيرها ،هو صراع مصالح وعلى الموارد ، يتمظهر بشكل صراعات مصطنعة على هوية الدول ،بين من يدعو الى قيام الدولة على أساس الدين كما يراه هو، و من لايريد دولة دينية ،بل علمانية ديموقراطية ، وبين من يريد الدولة على اسس قومية أو إتنية عرقية .. وهذا  ما أثر و غيّر في بعض أنماط الفكر السائد،وعدّل في  مفاهيم نمطية مثل العروبة والقومية والدين والدولة ،، والحدود  ، فعلى كوكب "يتعولم"  ترى أن المفاهيم و القيم التي تربت عليها كثرة من المجتمعات والشعوب لم تعد  هي ذاتها .. وأرى أن محاولات التغيير الجارية سواء في الخرائط، أو في الديموغرافيا  تهدف الى ازالة بعض ثوابت الماضي بجغرافيته وتاريخه ، بقيمه الانسانية والأخلاقية ،والدينية ، ورسم خرائط جديدة ، وزرع قيم حديثة تتلائم مع العولمة  وسوق الاستهلاك ،وقيم الشركات العملاقة العابرة للحدود وتحويل الفرد الى رقم استهلاكي وسلعي خارج حدود المكان والزمان   .. لقد تحول العالم من مصالح القيم الى.. قيم المصالح ،وعمت ثقافة الفساد .

و هنا أشار العميد علو الى المحاولات الجارية لتقسيم المنطقة الى كيانات هجينة  متراكبةعلى مستوى الطائفة والمذهب .. كيانات متناحرة سهلة القيادة والانصياع للارادات الكبرى الحاكمة للعالم  والمتناحرة في ما بينها  حول حصصها ونفوذها  ،وهي الشركات الكبرى في العالم ،شركات راس المال والبنوك ، وشركات البترول والسلاح والاعلام  حتى أن معظم الدول الكبرى أصبحت خاضعة لإرادة واستراتيجيات هذه الشركات ،أو تعمل من خلالها  وبوحي أفكارها ومصالحها .. وشبكات الانترنت والإعلام  بكل أنواعها  أصبحت مسخرة لخدمة "الفكر الجديد" المتفلت من أي قيمة ماعدا المصلحة،   وكل ذلك  في مرحلة تأتي  ما بعد الليبرالية المتوحشة التي تسحق أمامها كل شيء لصالح مفهوم جديد في العلاقات الدولية السياسية والإقتصادية والتجارية تعيدنا أو تذكرنا بعصر الامبراطوريات القديمة الكبرى في التاريخ ما قبل العصور الحديثة ..

اضاف العميد علو: نحن نشهد اليوم  صراعا تجاريا بين أميركا وأوروبا تحت شعار" أميركا أولا " و الخلاف على زيادة الرسوم الجمركية  وبين أميركا والصين على  طريق الحرير والتجارة ، ونووي كوريا الشمالية ، وبين أميركا وإيران حول الملف النووي والصاروخي ودورها الإقليمي ، وأميركا وروسيا حول موارد القوة والنفوذ في العالم .. نحن إذن امام حرب تجارية وسياسية، حرب شركات ونفوذ ، حرب عالمية ثالثة باشكال جديدة ،اهمها بعد حروب الوكالة والشركات الأمنية الخاصة ، حروب التجارة والاقتصاد ..سلاحها زيادة الرسوم الجمركية والضرائب والحصار والعقوبات ، أوتجويع الناس وتهجيرهم  ثم منعهم من اللجوء .

ويتجلى ذلك من خلال ما نشهده من حصار على عدد من الدول وفرض عقوبات اقتصادية ،  و ما يحصل  منذ فترة ، في المنطقة ،هو حرب عالمية بكل معنى الكلمة ،وان القوى الكبرى في العالم ، وفي طليعتها اميركا تسعى لتطويق أوترويض الدول الممانعة أو المنافسة  ومحاولة لتغيير أنظمتها، وإخضاعها لمفهومها في  النظام العالمي الجديد  الذي يتمحور حولها ...

ولاينسى العميد علو أن يقول : العالم يعيش أزمة وجودية ؟

  الأقتصاد العالمي في أزمة ..وربع عدد سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر ، الاغنياء تزداد ثرواتهم والفقراء ترتفع أعدادهم ،والثورة التكنولوجية ستزيد من أعداد وصفوف العاطلين عن العمل ،وستتسع الهوة في السنوات القادمة بين الأغنياء والفقراء  وترفع من منسوب القلق والقلاقل الإجتماعية والسياسية،وهذا برأيي نذير خطر في عدد كبير من المجتمعات والدول ، ولبنان لن يكون بعيدا عنها  ،إذ ستعم الفوضى والأعمال العدائية داخل هذه المجتمعات ،وقد تؤدي الى  حروب وثورات أو أعمال شغب  وإرهاب ،ونشوء عصابات ومافيات خطيرة..مما يعمق في أزمة العالم ويضعه على حافة الهاوية .

الصراع  الدولي في عالم اليوم أساسه برأيي ،هو الصراع على التفاضل والترجيح بين القيم والمصالح وامتلاك عناصر القوة والتي تكاد تنحصر بيد قلة من الناس من النخب العالمية على حساب بقية البشر، بينما يعيش  إنسان هذا العصرحالات استلاب فكري وأخلاقي واقتصادي وبطالة مرده الحالات القمعية للأنظمة ،وهذه القوى المسيطرة والموجهة للمجتمعات والتي يعود جذرها الى الفكرالملتبس والنهج المسيطر على رأس المال والإقتصاد والإعلام في العالم ونشر ثقافة الفساد.  إن عالم اليوم يحتاج الى جرعات كبيرة من  الشفافية والفكر والأخلاق والقيم الانسانية السامية تخفف من أنانية ونرجسية الحكام  ،  و تلطف من تسلط وجبروت القوة المنفردة المجردة وقسوتها ..إن عالم اليوم يحتاج الى إعادة التوازن بين القوى الكبرى التي تمسك بمفاصل هذا العالم ..وإلَّا فالمستقبل لايوحي بالإطمئنان ..

التعليقات