إرفعوا القبعات لإيرلندا

إرفعوا القبعات لإيرلندا
نبض الحياة 

إرفعوا القبعات لإيرلندا

عمر حلمي الغول

في خطوة متقدمة على صعيد فرض العقوبات على دولة إسرائيل الإستعمارية، وخاصة ضد منتجات مستعمراتها المقامة على أراضي دولة فلسطين المحتلة تبنى مجلس الشيوخ الإيرلندي بأغلبية ضئيلة مشروع قرار يدعو لمقاطعة تلك السلع، ورفض التعامل معا على كل الصعد يوم الأربعاء الماضي، حيث صوت 25 عضوا لصالح المشروع وعارضه 20 عضوا. 

وكانت السناتور المستقلة، فرنسيس بلاك قدمت مشرع القرار، الذي حظي بموافقة كل الأحزاب الإيرلندية بإستثناء الحزب الحاكم "فاين غايل". وأكدت السناتور " ربما تكون الطريق أمامنا طويلة، ولكني أعتقد إننا أوضحنا القضية." ووصفت المستعمرات الإسرائيلية، بأنها "جريمة حرب". هذا وقاربت بلاك بين مسودة مشروع القرار، والجهود الإيرلندية في الماضي المعارضة لسياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وأشارت إلى ان إيرلندا "ستقف دائما إلى جانب القانون الدولي، وحقوق الإنسان والعمل." 

وإستنادا إلى القوانين الإيرلندية فإن مشروع القرار سيعرض على لجنة في مجلس الشيوخ، لإن النص سيخضع للمراجعة من قبل لجنة برلمانية قبل عرضه على مجلس النواب للموافقة عليه. مع أن الحكومة الإيرلندية تعترض عليه، وتعمل للحؤول دون إقراره، وتحوله لقانون. وقال ممثلوا الحكومة، إنه يعتبر (المشروع) سابقة بالنسبة لدولة في الإتحاد الأوروبي، كونه من وجهة نظرها غير عملي، ولإنه يفرض حاجزا تجاريا داخل دول السوق الأوروبية المشتركة، ويمكن أن يضر بنفوذ إيرلندا في المنطقة. 

هذا وحذر وزير الخارجية، سايمون كوفيني من أن ذلك قد "يؤدي إلى تأجيج النيران في الشرق الأوسط"، وأضاف "أحترم هذا المجلس وقراره، ولكن لا أتفق معه."  وتناست الحكومة الإيرلندية أن من يؤجج حدة الصراع، هي دولة الإستعمار الإسرائيلية، لإنها ترفض من حيث المبدأ خيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وتواصل بشكل حثيث إنتهاكاتها الإستعمارية في تهويد ومصادرة الأرض الفلسطينية دون وازع قانوني أو سياسي أو أخلاقي، ضاربة عرض الحائط بالقانون الدولي ومرجعيات عملية التسوية السياسية، كونها تعتبر نفسها فوق القانون الدولي وحقوق الإنسان، وبحكم مشاركة إدارة ترامب لها في جرائم حربها، وسعيها المتواصل لفرض صفقة القرن المشؤومة، ونتيجة غياب الصوت والعقوبات الدولية الرادعة.

ورغم ذلك، يعتبر تمرير مشروع القرار خطوة متقدمة للإمام في السياسة الإيرلندية خصوصا والأوروبية عموما. ويشكل مدخلا صائبا للبناء عليه في تصعيد حملة المقاطعة للسياسات الإستعمارية الإسرائيلية، والإرتقاء بتوسيع عمليات العزل والحصار للمستعمرات ومنتجاتها المصدرة والمستوردة من إيرلندا وإليها، ويشكل الشرارة الرسمية الأوروبية الأكثر قوة ووضوحا في فرض العقوبات على إسرائيل، الذي يمكن له تعميم التجربة الرائدة على نطاق واسع في حال تم تبني المشروع كقانون في السياسة الإيرلندية. 

مما لاشك فيه أن معركة إقرار مشروع القرار، كما قالت السناتور بلاك طويلة، وتحتاج إلى دعم كل الجهود الإيرلندية الصادقة والشجاعة في الدفاع عن قرارات وقوانين الشرعية الدولية، ودعم خيار السلام عبر محاصرة وتطويق دولة الإستعمار الإسرائيلية على الصعد المختلفة، لإلزامها باستحقاقات التسوية الممكنة والمقبولة والمنسجمة مع الشرعية الدولية. وأي كانت النتائج اللاحقة، فإن الخطوة الإيرلندية تعتبر خطوة في الإتجاه الصحيح، على الفلسطينيين والعرب وكل أنصار السلام في العالم أن يرفعوا لها القبعات إحتراما وتقديرا، وتثمين موقف أعضاء مجلس الشيوخ، الذين تبنوها. 

ويا حبذا لو أن الدول العربية الشقيقة  يتبنوا هكذا خطوة، ليشكلوا لها رافعة أمام باقي دول الإتحاد الأوروبي والعالم، وليدعموا كفاح أشقائهم الفلسطينيين، أصحاب القضية المركزية للعرب، لا أن تبث فضائياتهم البائسة أفلام وثائقية تتبني الرواية الإستعمارية الإسرائيلية، كما فعلت فضائية "العربية" قبل ايام. 

[email protected]

[email protected]

التعليقات