هكذا رسمت هيئة الأعمال الخيرية البسمة على شفتي الطفلة حلا كميل

هكذا رسمت هيئة الأعمال الخيرية البسمة على شفتي الطفلة حلا كميل
رام الله - دنيا الوطن
كانت ابتسامة تثير المشاعر تلك التي ارتسمت على شفتي الطفلة حلا وليد كميل "11 عاما" من مدينة جنين، عندما خضعت لعملية جراحية لزراعة القوقعة بدعم من هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية في المستشفى التخصصي للتأهيل والجراحة التابع لجمعية بيت لحم العربية للتأهيل.

المشهد كان يبعث على نوع من الرهبة بالنسبة لتلك الطفلة التي سرعان ما أخذت الابتسامة تختفي عن شفتيها بعد أن تجمع عدد من الأطباء والممرضين من حولها داخل غرفة العمليات، حتى أغمضت عيناها بعد أن أخذت جرعة المخدر مفعولها.

وعندما بدأت حلا تسترد وعيها بعد انتهاء العملية ومفعول التخدير، وجدت عددا من أقاربها يتجمعون من حولها وعلى مقربة منها والدتها التي كان لسانها يلهج بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى أن تستعيد طفلتها نعمة النطق التي حرمت منها منذ الولادة، وجعلت من لغة الإشارة وسيلة وحيدها لتواصلها مع المحيط.

في منزل العائلة المتواضع، كان الأب الذي يعاني من مرض السكري وأشقاء حلا يحرصون على تقديم كل ما يلزمها من مأكل ومشرب حتى لا تتحرك كثيرا بعد نجاح العملية الجراحية التي أجريت لها في السابع والعشرين من حزيران الماضي.

تقول والدة الطفلة حلا، ميسون علي "38 عاما"، إن طفلتها النجيبة وبكلمات أخرى "آخر العنقود"، ولدت وهي تعاني من فقد كامل في السمع، شأنها في ذلك شأن شقيقيها خالد "19 عاما" والذي يعاني من مرض في الأعصاب إلى جانب كونها فاقدا للسمع، ويزن "18 عاما" والذي بحاجة إلى إجراء عملية زراعة قوقعة تكلف مبالغ مالية طائلة.

وأضافت الأم، عندما أدخلت حلا إلى المستشفى التخصصي للتأهيل والجراحة التابع لجمعية بيت لحم العربية للتأهيل، كانت تشعر بسعادة غامرة وهي تتأمل أن تعيش حياتها كأية طفلة أخرى من جيلها، وأن تتواصل مع محيطها بالكلام وليس بواسطة لغة الإشارة التي يصعب على كثيرين فهمها.

وأبلغ الأطباء عائلة تلك الطفلة بنجاح العملية الجراحية، بانتظار زراعة الجهاز الذي يمكنها من السمع، قبل أن تخضع لجلسات نطق وتأهيل في جمعية بيت لحم العربية للتأهيل، لعلها تعوض كل تلك السنوات التي مرت عليها وهي فاقدة لنعمة السمع والنطق.

والتحقت الطفلة كميل، بمدرسة "الحنان" للصم والبكم التابعة لجمعية جنين الخيرية قبل عدة سنوات، حيث اكتسبت مهارات كثيرة عدا عن لغة الإشارة، كما قالت والدتها التي أكدت أن طفلتها تمتلك طاقة ليس لها حدود، فهي تحلم أن يصبح لها شأنا كبيرا عندما تكبر، وكأنها على يقين أنها ستستعيد السمع والنطق بسرعة، لتلتحق بإحدى المدارس.

وأكدت الأم، أن عائلتها توجهت إلى هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية من أجل مساعدتها على تغطية المبلغ المالي المترتب عليها لإجراء عملية زراعة القوقعة لطفلتها، وهو طلب سرعان ما وافقت عليه الهيئة، ما مكن العائلة من المضي في طريق إجراء العملية الجراحية.

وأضافت: "وصلنا إلى حالة من اليأس والإحباط، ولم نجد من يقدم لنا المساعدة من أجل استكمال إجراءات إجراء العملية حتى وافقت هيئة الأعمال الخيرية على طلبنا بعد أيام من تقديمه، فكانت فرحتنا لا توصف، وشعرنا أن حلمنا ستحقق بأنها تستعيد حلا نعمة النطق والسمع".

وأشارت، إلى أن عائلتها مكونة من ثلاثة أبناء وطفلتين، وشاءت الأقدار أن يعاني ثلاثة منهم من إعاقات دائمة، في وقت يعاني فيه الأب من مرض السكري النوع الثاني منذ العام 2002 ومرض الأعصاب، ورغم ذلك فإنه يعمل في أحد المحاجر القريبة بأجر لا يزيد عن 50 شيكلا في اليوم الواحد.

أما الابن الآخر يزن، فإنه كما أكدت التقارير الطبية، بحاجة ماسة لإجراء عملية جراحية لزراعة القوقعة نظرا لكون نسبة السمع لديه معدومة، إلا أنه تمكن من تحدي إعاقته وتقدم لامتحان الحصول على رخصة سياقة نجح فيه بجدارة.

وبعد عودة الطفلة حلا كميل إلى منزل عائلته، زار المنزل مفوض عام هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية في فلسطين، إبراهيم راشد، على رأس وفد من الهيئة، في زيارة هدفت إلى الاطمئنان على الوضع الصحي للطفلة والاطلاع على أوضاع العائلة المصنفة كحالة اجتماعية لدى وزارة التنمية الاجتماعية وتئن تحت وطأة الفقر.

وقال راشد، إن عائلة الطفلة كميل، توجهت إلى الهيئة بطلب يتضمن مساعدتها على تغطية نفقات علاج ابنتها، وهو طلب لم تتوان الهيئة للحظة واحدة عن الاستجابة له، على قاعدة أنه باستطاعة الإنسان العيش بالقليل من الطفل، ولكنه من الصعب أن يعيش بقليل من الصحة.

وأضاف، إن وضع عائلة الطفلة كميل له خصوصية شديدة وشكل وضعا استثنائيا، حيث يعاني معظم أفراد العائلة من إعاقات متنوعة، وهي أسرة منكوبة بالمرض والفقر، فكان لزاما على هيئة الأعمال الخيرية التدخل العاجل من أجل مساعدتها، ذلك أن القضايا الإنسانية والخيرية تستحوذ على مكانة متقدمة في فكر واهتمام الهيئة، وبرزت من خلال من تنفذه من مشاريع صحية وتعليمية وتنموية وإغاثية كتأكيد جديد متواصل أن عون الشعب الفلسطيني المظلوم هو واجب على كل مسلم وعربي وأن دولة الإمارات العربية المتحدة ستبقى السند والعون الرئيس لهذا الشعب.

وشدد راشد، على أن رسالة هيئة الأعمال الخيرية تتمثل في التواصل مع المجتمع المحلي وتحسس همومه، والوقوف إلى جانب الشرائح المجتمعية الضعيفة، وتقديم المساعدة إليها ما استطاعت إليه الهيئة سبيلا.

وقال، إن المبالغ المالية البسيطة التي يتم دفعها لصالح دعم ومساندة الأشخاص ذوي الإعاقة بما في ذلك إعادة تأهيل وترميم مساكنهم، تعود بالأثر النفسي والاجتماعي الإيجابي عليهم وعلى عائلاتهم، وتسهم في تطوير العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع الواحد، وترسم البسمة على شفاه المحرومين، وتعيد الأمل إلى قلوبهم، وتشعرهم بحجم دعم ومساندة مجتمعهم لهم.

وتابع: "من هذه القاعدة، تنطلق هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية في تنفيذ الكثير من البرامج والمشاريع التي تستهدف الأشخاص ذوي الإعاقة والعائلات المهمشة في المجتمع الفلسطيني، هادفة من وراء هذه المبادرات، إلى مساندة وإنقاذ تلك العائلات، وكسب الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى".

ولفت، إلى أن المساعدة التي قدمتها هيئة الأعمال للطفلة كميل، جاءت في إطار حرصها على تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، والوقوف إلى جانبهم.

وشدد راشد، على أن الأشخاص ذوي الإعاقة يحظون باهتمام كبير من قبل هيئة الأعمال والتي تحرص على دعمهم ومساندتهم وتلمس احتياجاتهم، وذلك من خلال سلسلة برامج ومشاريع تنفذها في سائر الأراضي الفلسطينية.

وأكد، أن رسالة هيئة الأعمال تتمثل في التواصل مع المجتمع المحلي وتحسس همومه وآلامه، والوقوف إلى جانب الشرائح المجتمعية الضعيفة، وتقديم المساعدة إليها ما استطاعت إليه الهيئة سبيلا.

وأشار راشد، إلى أن هيئة الأعمال تتواصل مع الشرائح المجتمعية الضعيفة والمهمشة وذوي الإعاقة بشكل خاص والذين تقدم الهيئة كفالات مالية لنحو خمسة آلاف شخص منهم، ولتؤكد أن الإعاقة التي يعاني منها هؤلاء الأشخاص لا تحد من طاقتهم، وإذا ما أريد لهم أن يسيطر العجز والضعف عليهم، فإنهم نجحوا في التغلب على العجز بالإرادة والطاقة والتعلم.