(العصف المأكول).. أربع سنوات على الحرب الإسرائيلية في غزة

(العصف المأكول).. أربع سنوات على الحرب الإسرائيلية في غزة
صورة أرشيفية
رام الله - دنيا الوطن
يوافق اليوم الأحد، الثامن من حزيران/يوليو الذكرى السنوية الثالثة للحرب على قطاع غزة، التي شنتها إسرائيل صيف 2014، والتي وصفت بالأكثر عداونية وشراسة على مدار 51 يومًا؛ في وقت لا تزال المعاناة الإنسانية جرّاء الأوضاع التي يصفها أمميون، بـ "الكارثية".

تسلسل الأحداث

بدأ العدوان العسكري الإسرائيلي على القطاع، وكأنه رد فعل على قصف متبادل مع المقاومة الفلسطينية في غزة، إثر تفجر الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة بعد خطف مستوطنين الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير في القدس المحتلة يوم 2 يوليو 2014 وتعذيبه وحرقه.

لكن إعادة اعتقال قوات الاحتلال لعشرات من محرري صفقة "شاليط"، ونواب في المجلس التشريعي الفلسطيني من حركة حماس، كشف أن قرار الاحتلال العدوان على قطاع غزة للمرة الثالثة يهدف إلى تدمير قدرات فصائل المقاومة الفلسطينية، كما يهدف لتدمير بنية القطاع التحتية ومنازل المواطنين وممتلكاتهم لتحريضهم ضد فصائل المقاومة، خاصة بعد اندلاع احتجاجات في القدس والأراضي المحتلة وأراضي عام 1948، بعد دعس مستوطن إسرائيلي عاملين فلسطينيين قرب مدينة حيفا داخل فلسطين المحتلة.

وأعلن الاحتلال انطلاق حملته العسكرية باسم "الجرف الصامد"، وردّت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقامة الإسلامية (حماس) بإطلاقها اسم "العصف المأكول" على تصديها للهجوم، بينما اختارت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي اسم "البنيان المرصوص" لعملياتها.

ارتكاب مجازر

في اليوم الأول من الحرب استدعى الجيش الإسرائيلي 40 ألفًا من قوات الاحتياط، وارتكب مجزرة في مدينة خانيونس بالقطاع راح ضحيتها 11 شهيدًا و28 جريحًا فلسطينيًا، ثم توالت المجازر، وقصفت المباني والمساجد والبنية التحتية في غارات جوية مكثفة.

المقاومة الفلسطينية

أبدت الفصائل الفلسطينية مقاومة شرسة على مدى أيام العدوان، وردت بقصف مستوطنات إسرائيلية متاخمة للقطاع، قبل أن يتوسع قصفها ليطال عشرات المدن الرئيسية والمستوطنات داخل فلسطين المحتلة، مثل القدس وتل أبيب ومطار بن غوريون واللد والرملة وهرتزليا وريشون ليتسيون وأسدود وحيفا، وصولاً إلى مناطق البحر الميت وحتى بئر السبع.

وأظهرت الفصائل قدرة قتالية وتطويراً لآلياتها في المقاومة بشكل لم يتوقعه الاحتلال الإسرائيلي الذي لجأ إلى "القبة الحديدية" في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية، وأعلن عن تدمير عدد منها.

الخسائر

خلف العدوان على غزة صيف 2014 خسائر كبيرة في قطاع غزة وعند الاحتلال الإسرائيلي:

خسائر غزة

بعد الحرب على غزة، أصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريرًا شاملًا عن الخسائر البشرية والمادية بالتعاون مع وكالة الصحافة الفلسطينية.

وأظهر التقرير استشهاد 1742 فلسطينيًا 81% منهم من المدنيين، بينهم 530 طفلًا و302 امرأة و64 لم يتم التعرف على جثثهم لما أصابها من حرق وتشويه، واستشهاد 340 مقاومًا فلسطينيًا، وجرح 8710 من مواطني القطاع.

وتسببت الحرب، بإصابة 302 سيدة، منهن 100 سيدة تعاني من إعاقة دائمة، كما وأصيب (3303) من بين الجرحى بإعاقة دائمة، وفق الإحصائية.

كما استشهد 11 من العاملين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) و23 من الطواقم الطبية العاملة في الإسعاف و16 صحفياً.

ودمر القصف الإسرائيلي للقطاع 62 مسجدًا بالكامل و109 مساجد جزئياً، وكنيسة واحدة جزئياً، و10 مقابر إسلامية ومقبرة مسيحية واحدة، كما فقد نحو مائة ألف فلسطيني منازلهم وعددها 13217 منزلاً، وأصبحوا بلا مأوى.

في المقابل، قال المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان إن أكثر من 2147 فلسطينيًا لقوا حتفهم خلال العدوان.

مفقودو الحرب

وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في قطاع غزة، أن مصير 19 فلسطينيًا ما زال مجهولاً حتّى اللحظة، جرّاء الحرب الأخيرة.

وقالت المتحدثة الإعلامية باسم اللجنة في غزة سهير زقوت: "اللجنة بذلت جهودًا منذ نهاية الحرب، للكشف عن مصير 19 فلسطينيا فقدوا خلالها.. بصفتنا وسيطا محايداً، تواصلنا مع الجهات المعنية في "إسرائيل" لتسهيل التعرف على هوية المفقودين، لكننا لم نتلق أي إجابة حتى اللحظة".

خسائر الاحتلال

على صعيد خسائر "إسرائيل"، قُتل 64 جندياً وستة مستوطنين بينهم امرأة؛ ومن بين الجنود القتلى من يحملون أيضا جنسيات أخرى كالأميركية والبلجيكية والفرنسية وغيرها.

أما الجرحى فقد بلغ عددهم 720 جريحاً، فضلاً عن الخسائر الاقتصادية الفادحة التي وصلت إلى 560 مليون دولار في قطاع السياحة، و370 مليون دولار وغيرها.

وأبان عن هذه الخسائر تقرير أعده مراقب الدولة "يوسف شبيرا" حول إخفاقات "حرب غزة" صيف 2014، والتي هددت بالإطاحة برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير جيشه السابق موشي يعلون.
وكانت كتائب القسام أعلنت في يوليو 2014 أسر الجندي أورون شاؤول أثناء تصديها للاجتياح البري شرق مدينة غزة، فيما اختفت آثار الضابط هدار جولدن في الأول من أوغسطس 2014 شرق مدينة رفح بعد عملية للقسام.

ولا يقتصر المفقودون في قطاع غزة على "هدار وشاؤول"، فقد سمحت الرقابة الإسرائيلية في يوليو 2015 بنشر نبأ اختفاء الإسرائيلي "أبراهام منغستو" من ذوي الأصول الأثيوبية بقطاع غزة قبل 11 أشهر (سبتمبر 2014)، بعد تسلله من السياج الأمني شمال القطاع.

وكانت كتائب عز الدين القسام بينت في الأول من إبريل العام الجاري أن رئيس حكومة الاحتلال يكذب على الإسرائيليين ويضللهم، فيما وضعت على خلفية ناطقها العسكري صورة لأربعة جنود قالت إنها: "لن تقدم معلوماتٍ حولهم دون ثمن".

غزة تنتصر

رغم الخسارة الكبيرة في الأرواح وحجم الدمار الكبير الذي لحق بغزة لكن مقاومتها انتصرت على الاحتلال الإسرائيلي، ولم تمكنه من تحقيق أهدافه، وجعلته يستعجل وقف القتال ويسعى لاتفاق، بعدما بدأت صحف ومراكز بحثية إسرائيلية تنشر خسائر الاحتلال وصواريخ المقاومة التي أوقفت حركة مطار بن غوريون.

مبادرة مصرية

توقف العدوان بموجب المبادرة المصرية، وقد وضعت القاهرة على حماس التي أصرت على فتح معبر رفح ورفع الحصار عن غزة شروطًا من بينها تولي أمن السلطة الفلسطينية شؤون معبر رفح عند فتحه، وألا يكون مفتوحاً طوال الوقت.

وجاء وقف العدوان في 12 أكتوبر 2014 بعد مفاوضات مع المقاومة، وإدانة دول عديدة ومنظمات إنسانية وحقوقية للعدوان، فيما أعلنت بعض الدول كألمانيا تأييدها للاحتلال بحجة "الدفاع عن النفس" وأدانت الرد الصاروخي الفلسطيني.

أموال الإعمار

وبعد وقف العدوان الإسرائيلي، عقد مؤتمر لإعادة إعمار غزة في القاهرة برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومشاركة 50 منظمة وحكومة، حيث تعهدت الدول المشاركة بتقديم 5.4 مليارات دولار للفلسطينيين، نصفها لإعادة إعمار القطاع الذي لحق به دمار واسع.

فيما النصف الآخر لتلبية بعض احتياجات الفلسطينيين، غير أن إعمار القطاع، وترميم ما خلّفته الحرب، يسير بوتيرة بطيئة عبر مشاريع خارجية بينها أممية، وأخرى قطرية.

وكشف الخبير الاقتصادي ماهر الطباع في تقرير نشره بشهر مايو أن 1,796 مليار دولار وصلت لإعمار غزة حتى نهاية 2016 صُرف منها 670 مليون دولار لصالح إعادة الإعمار فقط أي بنسبة 37%، و293 مليون دولار كدعم عام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" بنسبة 16%، و280 مليون دولار كبند مساعدات إنسانية بنسبة 16%.

آثار الحرب

ورغم انتهاء الحرب، إلا أن سكان القطاع يتخوفون من انفجار مخلّفاتها كصواريخ وقنابل؛ وتقول (أونروا) أن تلك المخلّفات تشكّل تهديدًا كبيرًا ومستمراً للمدنيين ولعمليات إعادة الإعمار في غزة.

وفي مارس 2016، أعلنت (أونروا) عن إزالة ما يقارب نحو 3 آلاف مادة متفجرة فقط، من أصل 7 آلاف، منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية صيف عام 2014.

وتقول الوكالة، إن نحو 16 شخصاً فلسطينياً، لقوا مصرعهم وأصيب 97 آخرون، بينهم 48 طفلاً، في حوادث مخلفات الحرب القابلة للانفجار منذ عام 2014.

وبحسب دائرة "هندسة المتفجرات"، بوزارة الداخلية بغزة، إن عدد المنازل المأهولة بالسكان ويشتبه بوجود قنابل وصواريخ إسرائيلية غير منفجرة أسفلها، يبلغ حوالي 40 منزلاً موزعةً على أنحاء القطاع.

تقرير أممي

وخلص تقرير للجنة تقصي الحقائق حول العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014، نشر في نهاية يونيو 2015 وعرف بتقرير "ديفيس"، إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة "يرقى إلى جرائم الحرب"، وأن 142 عائلة على الأقل فقدت ثلاثة أفراد أو أكثر في الهجوم على المباني السكنية أثناء الحرب حيث شنت "إسرائيل" أكثر من ستة آلاف غارة جوية، وأطلقت نحو 50 ألف قذيفة مدفعية.

التعليقات