أساسها الانقسام بين الضفة وغزة.. هل دخلت (صفقة القرن) حيز التنفيذ؟

أساسها الانقسام بين الضفة وغزة.. هل دخلت (صفقة القرن) حيز التنفيذ؟
خاص دنيا الوطن – أحمد العشي
يبدو أن تطبيق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لعملية السلام في المنطقة، والتي تعرف إعلامية بـ (صفقة القرن) قد أصبح قاب قوسين أو أدنى.

والدليل على ذلك، الزيارات المكوكية التي ينفذها وفد الإدارة الأمريكية لعملية السلام في المنطقة برئاسة جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وجيسون غريبنلات مبعوثه الخاص لعملية إلى المنطقة، ومطالبتهما بتوفير المساعدات الإنسانية وإنشاء المشاريع الاقتصادية في قطاع غزة.

ولكن السؤال، هل بدأ فعلاً تطبيق صفقة القرن؟ وإلى أين وصلت حتى اللحظة؟

الدكتور إبراهيم ابراش، الكاتب والمحلل السياسي، أكد أن صفقة القرن بدأ تنفيذها فعلاً على أرض الواقع، موضحاً بأنها عبارة عن تسوية سياسية جديدة، ستبنى على الواقع القائم، وهو ما يوجد من أمر واقع فرضته إسرائيل طوال 25 عاماً من المفاوضات، ثم الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية في عهد دونالد ترامب.

وقال أبراش لـ "دنيا الوطن": "هذه التسوية الجديدة التي تغلغلت في الضفة الغربية من مستوطنات، وتقليص صلاحيات السلطة، ستبنى على واقع الانقسام، بفصل الضفة عن غزة، فهناك شبه دولة موجودة في القطاع، وعلى الواقع المحيط بنا كعرب، أي وجود دول عربية تريد تسوية مع إسرائيل، بالإضافة إلى أنها ستبنى على الكثير من مؤشرات التنازل التي بدأت خلال 25 عاماً من المفاوضات، باستعداد القيادة الفلسطينية بفكرة تبادلية الأراضي، ودولة منزوعة السلاح، والتعامل مع قضية اللاجئين ليس انطلاقاً من قرار 194، ولكن انطلاقاً من قرار 242 أي إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين، وليس عودتهم".

وأضاف: "الخطة هي محصلة لكل دمار وتراجع فلسطيني، وما فرضته إسرائيل من أمر واقع، فعندما يقولون بأنهم سيعلنون عن (صفقة القرن)، فإن ذلك لا يعني أنهم لم ينفذوها، ولكن عناصرها الأساسية موجودة، فالقدس لن تكون عاصمة لدولة فلسطينية، والحملة عن (أونروا)، من خلال وقف تمويل الإدارة الأمريكية، كما تحرض بعض الدول على عدم دعمها، ودولة غزة وهي موجودة من خلال خلق أوضاع صعبة، وبالتالي هذا جزء من مخطط قبول أهل القطاع بأي شيء، بالإضافة إلى تراجع الإدارة الأمريكية عن فكرة حل الدولتين في المحافل الدولية".

واعتبر أبراش، أن الفكرة هنا تتمثل في مرحلة كيفية تخريج صفقة القرن، فهل تخرج من خلال مؤتمر دولي بموافقة فلسطينية وعربية؟ أم أنها ستُخرج من خلال حرب، وبالتالي يفرض الأمر الواقع من خلال هذه الحرب.

وفي السياق ذاته، أكد المحلل السياسي، أن وضع الدول العربية لا يسمح لها بأن تعارض السياسة الأمريكية في المنطقة، فهي أصبحت بحاجة إلى إما للحماية الأمريكية حتى لا ينتقل لها فوضى الربيع العربي، أو أنها تحتاج إلى الدعم المالي من واشنطن، منوهاً في الوقت ذاته إلى أنه إذا كانت أمريكا مصرة على صفقة القرن، فإن هذه الدول لا تستطيع أن تواجه الولايات المتحدة الأمريكية من أجل الفلسطينيين.

وقال: "طريقة رفض الدول العربية لصفقة القرن أو قبولها، ستكون مبهمة وغير واضحة، بمعنى أنه قد يكون قبول ضمني، بحيث يعبرون عن رفضهم فقط عبر وسائل الإعلام، ولكن في الواقع فإنهم يقفون موقف المتفرج، وبالتالي مالم تكن واشنطن على علم بموافقة الدول العربية، لما أقدمت على صفقة القرن".

وأضاف: "أعتقد أن الدول العربية تمارس أوراق ضغط على السلطة الفلسطينية، وتنتظر قبولاً ولو كان شكلياً منها على صفقة القرن، حتى تستطيع هذه الدول أن تعلن عن موافقتها بشكل واضح".

وحول تهديدات جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي وجهها للرئيس محمود عباس بأن صفقة القرن، ستُعلن إذا لم يكن الأخير مستعداً للحوار والنقاش، قال أبراش: "عندما رفض الرئيس الراحل ياسر عرفات الانصياع للشروط الأمريكية في قمة كامب ديفيد، فقد قرروا تصفية أبو عمار سياسياً، وقالوا بأنه يدعم الإرهاب ولا يريد عملية السلام، وبالفعل استطاعوا أن يحاصروا الرئيس وتصفيته".

وأضاف: "ما يجري الآن هو ممارسة الضغط على الرئيس محمود عباس، حيث إنه ليس بنفس نهج أبو عمار، حيث إن أبو مازن يريد دولة فلسطينية عن طريق العمل السياسي، ويرفض العمل العسكري، ومع ذلك فإن لم يتجاوب مع الإدارة الأمريكية فسيمارس عليه الضغط، وأن هناك بدائل، والخوف أن يجدوا بديلاً ما".

وتابع: "عندما نسمع بأن الناطقين باسم حركة حماس أعربوا عن استعدادهم بالتفاوض مع الإدارة الامريكية، فانهم كأنهم يقولوا للرئيس أبو مازن إما أن تتساوق معنا وإما هناك أطراف أخرى يمكن فتح المفاوضات معهم، وإن لم تجد الإدارة الامريكية أي طرف فلسطيني، فستصبح صفقة القرن أمراً واقعاً".

وبين أبراش، أن كل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، هو عبارة عن عمل ممنهج؛ لكسر روح المقاومة؛ وتعزيز فصل غزة عن الضفة الغربية.

بدوره، أوضح مصطفى الصواف المحلل السياسي، أن صفقة القرن لن يكتب لها النجاح، إذا استمر الشعب الفلسطيني في رفضها، لافتاً إلى أن أي حل في الموضوع الفلسطيني، يتجاوز حقوق الشعب، فانه سيفشل.

وقال: "ليس من اليوم بدأ ترامب بتنفيذ (صفقة القرن)، فمنذ أن نقل السفارة الامريكية إلى القدس كانت بداية التنفيذ، أما الحديث عن تطبيق الصفقة دون مشاورة السلطة الفلسطينية، فإنها تحصيل حاصل، وليست الأساس التي يتم الاعتماد عليه لتنفيذها".

وبين الصواف أن صفقة القرن لا تحمل سلاماً، وإنما هي مجرد محاولة لتصفية القضية الفلسطينية بتواطؤ إقليمي، حيث إن السلام لا يتحقق إلا بحقوق الشعب الفلسطيني، فإذا أُريد للسلام أن يتحقق فلن يكون ذلك إلا عبر البوابة الفلسطينية.

وفي السياق: "الشعب الفلسطيني غير مقتنع بما يحمله مبعوثو الإدارة الأمريكية إلى المنطقة، ولكن إن فرضت الصفقة على الشعب الفلسطيني، فإنها ستكون في فترة قصيرة، ومن ثم سيتم إنهاؤها".

واعتبر الصواف، أن معارضة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لصفقة القرن، هي معارضة إعلامية، إذ لا توجد إجراءات حقيقية على الأرض تؤكد أنه لا يريدها.

أما المحلل السياسي أحمد رفيق عوض، فبين أن التنفيذ الفعلي لصفقة القرن بدأ على الأرض، من خلال نقل السفارة الامريكية إلى القدس، ومحاولة الضرب بين الفلسطينيين في غزة والضفة من خلال القول بأن هناك تفكيكاً للدولة الفلسطينية في الضفة ومحاولة بنائها في غزة، ومحاولة البحث عن البدائل السياسية، ومواجهة الفلسطينيين في المحافل الدولية، وإضعاف السلطة، والاستيطان، لافتاً إلى أن الإدارة الأمريكية لم يسبق لها إدانته في الضفة.

وقال: "في تطبيق صفقة القرن، تشجيع الإدارة الأمريكية، الدول العربية للموافقة على صفقة القرن، وتطبيقها على أرض الواقع، بالإضافة إلى أن أمريكا ساعدت إسرائيلي في كافة المحافل الدولية من خلال انسحابها من (يونسكو) ومجلس حقوق الإنسان، وبالتالي كل ذلك يعني أن أمريكا تبحث عن دمج إسرائيل في المنطقة".

وفي السياق، أشار عوض إلى أن موقف القيادات العربية رافضة لصفقة القرن، موضحاً أن كوشنر، أكد بأن الدول العربية، طالبت بأن يكون هناك دولة فلسطينية مستقبلية.

ورأى المحلل السياسي، أنه لا أحد يستطيع تسويق أو ترويج صفقة القرن من قبل الدول العربية، ليس حباً في الشعب الفلسطيني، وإنما خوفاً من أنفسهم وشعوبهم، ومن تداعيات ذلك.

التعليقات