لماذا لا تتزوّج اللبنانيّات؟

لماذا لا تتزوّج اللبنانيّات؟
رام الله - دنيا الوطن
"أتمنى أن تكوني سعيدة في عملك الجديد، وأن تلتقي برجال وسيمين. استعجلي فالوقت يمر بسرعة!". تحذر خمسينية عازبة، صبية ثلاثينية عازبة أيضاً، في خضم الجدل الحاصل حول نسب العزوبة المرتفعة بين اللبنانيات.

نشر قبل أسابيع موقع تلفزيون "روسيا اليوم" مقالاً عن نسب العزوبية في العالم العربي، وتصدّر لبنان اللائحة بنسبة ٨٥ في المئة من النساء العازبات. 

ومن غير تدقيق في صحة الخبر، سرعان ما تناقلته مواقع إلكترونية، وشاشات تلفزة مع تحويره وصبغه بجرعة من المفاهيم التقليدية، متحدثة عن نسب مثيرة للقلق لما أسموه "العنوسة" في لبنان، بغض النظر عن حقوقية استعمال التوصيف (العنوسة) أو نيله من النساء العازبات، وكذلك من دون ذكر الفئة العمرية للواتي شملهن. يشكك أكاديميون في الرسم البياني وأرقامه. 

تقول الدكتورة ديما دبوس، أستاذة الإعلام، والرئيسة السابقة لمعهد دراسات المرأة في الجامعة اللبنانية الاميركية، إن الأرقام المنشورة لا تستند الى أي قاعدة علمية، كنوع العينة والمنهجية المعتمدة، لتصفها بـ "الإحصائيات الزائفة". وتسأل دبوس في حديث لـ "السفير": "إذا تراوح عمر المشمولات بالعينة ما بين٢٠ وبين ٢٩ عاماً مثلاً، فهذا مؤشر إيجابي ويعني أن الفتيات اللبنانيات يتعلّمن، ويؤسسن حياتهن المهنية قبل الزواج".

وترى دبوس أن ارتفاع سن الزواج لدى الفتيات في لبنان "أصبح حقيقة ملموسة نتيجة التحاقهن بالجامعات، ثم سوق العمل. وتشير إلى "نقص بالدراسات العلمية التي توثق تلك الظاهرة، بالإضافة الى العوامل المسببة لها". وفعلاً، يعود تاريخ أحدث دراسة أجرتها وزارة الشؤون الاجتماعية عن سن الزواج لدى الذكور والإناث في لبنان الى العام 2007. 

يومها تبين في الدراسة الوطنية للأحوال المعيشية للأسر أن تأخر سن الزواج وازدياد نسبة العزوبة لدى الجنسين، وخاصة الفئة العمرية (٢٠-٣٩ سنة) واحدة من سمات بات لبنان يتميّز بها في الأعوام الأخيرة. أما في ما يتعلق بمتوسط العمر عند الزواج فهو ٣٢.٧ بالنسبة للذكور و٢٨.٩ بالنسبة للإناث، بحسب الدراسة نفسها.

يردّ المعالج النفسي والخبير في الصحة النفسيّة الدكتور مايكل خوري تأخر سن الزواج لدى اللبنانيات إلى عوامل سوسيوديمغرافية (اجتماعية سكانية) وأخرى نفسية، إضافة الى المتغيرات في الأدوار الجندرية، القائمة على أساس النوع الاجتماعي للفرد. ويقول خوري لـ "السفير" إنّ من المؤكد أن نسب الهجرة العالية عند الذكور اللبنانيين أصابت التوازن الديموغرفي بالخلل، كما أن المرأة اللبنانية "لم تَعُد تقبل اليوم بأي رجل، إذ لم يعد العامل المادي ـ الذي كان في السابق أحد العوامل المؤدية للزواج ـ قائماً بالقوة نفسها". 

وبالنسبة لخوري "تبحث الفتاة اللبنانية عن شريك يحترمها ويهتم بالعائلة والأولاد ولن تقبل بشريك أناني ومتحجر، يعتبر أن بإمكانه التمتع بحياته على حسابها وحساب الأولاد". 

نحن نتحدّث هنا عن تغيّر المفاهيم تجاه الشريك والمطلوب منه.

كما أن فكرة العائلة برمّتها، وفق خوري، في "طور التبدّل، إذ كان تكوين العائلة في الماضي هو الهدف، بينما بات كثر يعتبرون اليوم أن بإمكان الشخص بلوغ السعادة من دون المرور بالزواج والإنجاب بالضرورة".

التعليقات